توجّهت أنظار محبي كرة القدم، ليل الثلاثاء 27 آذار/مارس 2018، إلى الملعب الأولمبي في العاصمة الألمانية برلين، لمتابعة كلاسيكو الكرة العالمية، بين المنتخبين الأكثر شعبية في العالم والأكثر تتويجًا بالألقاب القارية والدولية، والمرشحيْن كالعادة للظفر بالمونديال؛ ألمانيا والبرازيل.
أرخت بظلالها مباراة نصف نهائي كأس العالم السابق التي فازت فيها ألمانيا على البرازيل بـ(7-1) على المباراة الودية الأخيرة بينهما
وتدخل المباراة الودية هذه في خانة التحضير لكأس العالم القادم في روسيا، بعد أقل من 100 يوم. ويهدف مدربا الفريقين، كعادة المبارايات الودية التي تسبق المحافل الكروية الكبرى، إلى تجربة العدد الأكبر من اللاعبين، وطرائق اللعب المختلفة، بهدف الوصول إلى التوليفة الأنسب والأكثر قدرة على تحقيق النتائج المرجوة في العرس الكروي بروسيا.
اقرأ/ي أيضًا: 2017.. رونالدو يردّ على إهانة كروس
ورغم ودّية المباراة الأمس، إلا أن مبارات نصف نهائي كأس العالم السابق، التي انتهت بفوز ساحق لألمانيا بسبعة أهداف مقابل هدف واحد، وعلى أرض البرازيليين وأمام جماهيرهم التي لم تصدق ما رأته، ولا تزال حتى اليوم عاجزة عن استيعاب ما حدث يومها؛ أرخت بظلالها على المباراة الأمس، وشبح الخسارة لا يزال يخيم على البرازيليين ويُؤرقهم، لذا فإن الفوز في برلين تحديدًا كان له طعم خاص، وإن كان بهدف واحد مقابل لا شيء.
وفي حزيران/يونيو 2016 تعاقد الاتحاد البرازيلي لكرة القدم، مع "تيتي"، مدرب كورينثنيانز البرازيلي السابق، صاحب الخبرة الكبيرة في الكرة البرازيلية، وهو مدرب غير معروف كثيرًا خارج البرازيل.
وكان الهدف من التعاقد معه، إعادة منتخب البرازيل إلى طريق المجد الكروي، ومحو الصورة القاتمة التي تلبسته بعد مسابقة كأس العالم الأخيرة، وتضميد ما يمكن تضميده من جراح مباراة السبعة واحد الكارثية.
من جهته، يعيش المنتخب الألماني استقرارًا فنيًا منذ فترة طويلة تحت قيادة يواكيم لوف. فقد نجح أبطال العالم لعام 2014، في حصد بطولة كأس القارات لعام 2017 في روسيا، كما بلغوا نصف نهائي يورو 2016، ويتصدرون تصنيف الفيفا للمنتخبات، وحققوا سلسلة لا خسارة فيها، امتدت لـ21 مباراة متتالية.
وتحسّنت نتائج منتخب البرازيل بشكل لافت جدًا مع تيتي، فقد انتزع الفريق صدارة تصفيات أمريكا الجنوبية المؤهلة لكأس العالم، وتأهل بسهولة على حساب منتخبات من العيار الثقيل ككولومبيا والأرجنتين والأورغواي.
تحسنت نتائج المنتخب البرازيلي بشكل لافت مع المدرب تيتي، الذي تم التعاقد معه في منتصف 2016، لإعادة البرازيل إلى طريق المجد الكروي
وقدم تيتي للعالم، المهاجم غابرييل خيسوس وهو مهاجم صريح وهداف خطير، فأعاد إلى الأذهان صورة المهاجمين الأفذاذ الذين تميزت بهم البرازيل على مدار تاريخها، علمًا بأنها افتقدتهم في الفترة الأخيرة، وبات بعض مهاجمي البرازيل في المونديالين الأخيرين موضع سخرية وتندّر.
اقرأ/ي أيضًا: تيتي يعيد "السامبا" إلى كرة القدم
والأهم من ذلك، استطاع تيتي أن يبني منظومة دفاعية متوازنة وصلبة، على عكس ما عرف به البرازيليون تاريخيًا بتميزهم الهجومي على حساب الدفاع، مع بعض الاستثناءات. ذكّر تيتو البرازيليين بالمدرب كارلوس ألبرتو باريرا بطل مونديال 1994، والذي قدم حينها كرة تكتيكية متوازنة بقيادة لاعب الارتكاز دونغا، نجح من خلالها بالظفر بكأس العالم.
ورغم الهزيمة، لا تولي ألمانيا عادة أهمية كبيرة لنتائج المباريات الودية، وتتعامل معها بواقعية. والأهم عند الألمان هو تجربة أكبر عدد من اللاعبين والتدرب على أساليب لعب مختلفة.
ولو نظرنا إلى التشكيلة التي بدأ فيها المدربان المباراة، فستظهر لنا دلالات وإشارات كثيرة، إذ لم يشرك المدرب الألماني نجومه الأساسين كأوزيل ومولر وهاميلز وفيرنير وهاميلز وغيرهم، فبدا وكأنه يريد إعطاء فرصة أخيرة لبعض اللاعبين كماريو غوميز والحارس كرافت، لإثبات حقهم في التواجد على متن الطائرة التي ستقلع إلى روسيا، وفرصة أخرى للاعبين كغاندوغان وروديجر، في صراعهم على انتزاع مركز أساسي في التشكيلة.
وفي المقابل، بدأ تيتي بأفضل تشكيلة لديه، وأشرك ثلاثة لاعبي ارتكاز بهدف خنق المنتخب الألماني ومنعه من السيطرة على وسط الملعب، وقد نجح فيرناندينيو وباولينيو وكازيميرو في ربح معركة الوسط، الأمر الذي أعطى تفوقًا نسبيًا للبرازيليين في الشوط الأول، تُرجم بهدف لخيسوس.
وفي الشوط الثاني أجرى لوف عدة تبديلات بهدف تنشيط اللعب، فتحسن الألمان بشكل ملموس وخلقوا العديد من الفرص بدون أن ينجحوا في التسجيل.
يعرف الألمان جيدًا كيف يستفيدون من الهزيمة الودية، في معالجة ثغراتهم وتطوير أدائهم، ما يضعهم في طليعة الفرق المنافسة المرشحة للفوز
وأجرى مدرب البرازيل تبديلًا واحدًا طوال المباراة، عبر إشراك دوغلاس كوستا مكان كوتينيو، وهذا أمر نادر الحدوث في المباريات الودية التي تشهد عادةً الكثير من التبديلات، وهذا يدلّ على رغبة تيتي الواضحة في الفوز، ولا شيء سواه، وأنه لم يأت إلى برلين ليجرّب لاعبين، بل لينتزع فوزًا معنويًا سيكون له الأثر الإيجابي على أعتاب المونديال، فيما يعرف الألمان جيدًا كيف يستفيدون من هكذا خسارات، في معالجة ثغراتهم وتطوير أدائهم، ما يضعهم دائمًا في طليعة الفرق المنافسة والمرشحة للفوز.
اقرأ/ي أيضًا: