09-سبتمبر-2024
صعود صاروخي وسقوط مدوي لتشين غانغ (AP)

صعود صاروخي وسقوط مدوي لتشين غانغ (AP)

بعد أكثر من سنة على اختفائه بطريقة غريبة عن المشهد السياسي، كشف مسؤولون أميركيون سابقون عن مصير وزير الخارجية الصيني السابق، تشين غانغ، الذي اشتهر بلقب "الذئب المقاتل".

فقد أوضح المسؤولون، الذين رفضوا الكشف عن هويتهم، لصحيفة "واشنطن بوست" الأميركية، أن غانغ، أصبح "يعمل في وظيفة منخفضة ذات رتبة متدنية بدار نشر تابعة لوزارة الخارجية الصينية".

ولفت المسؤولون السابقون أن ذلك يعني أن الوزير الصيني السابق أصبح خارج العمل السياسي، لكن في نفس الوقت هذا التعيين وإن كان شكليًّا و"على الورق"، فهو يعطي إشارة إلى أنه لم يدخل السجن.

غانغ، أصبح يعمل في وظيفة منخفضة ذات رتبة متدنية بدار نشر تابعة لوزارة الخارجية الصينية

وقال المسؤولون إن ما حدث ربما لا يكون بمثابة عقاب فحسب، بل أيضًا رسالة تحذيرية. فقد رفضت وزارة الخارجية الصينية مرارًا وتكرارًا التعليق على مصير الوزير السابق، ولم ترد على الأسئلة حول الدور الذي يمكن أن يلعبه غانغ بعد إقالته.

وفي صعوده الصاروخي، حيث تمت ترقية تشين غانغ إلى منصب نائب وزير الخارجية في عام 2018، ثم أصبح سفيرًا لدى الولايات المتحدة في عام 2021، وهو منصب الذي شغله لمدة 18 شهرًا فقط، قبل العودة إلى بكين ليصبح أصغر وزير خارجية في تاريخ الصين منذ الخمسينيات ولم يكن قد بلغ 56 عام من العمر، بالإضافة لترقيته إلى مستشار دولة. ووصف غانغ بأنه من المقربين للرئيس الصيني، شي جين بينغ، وساهمت علاقته والثقة التي منحه إياها الرئيس الصيني بشكل مباشر إلى ترقيته على حساب مرشحين أكثر خبرة، قبل سقوطه المدوي المفاجئ.

تشير الصحيفة الأميركية إلى أن صعود غانغ السريع ربما كان لكونه الأبرز بين الجيل الأصغر سنًا من الدبلوماسيين العدوانيين المعروفين غالبًا باسم "الذئاب المقاتلة"، وهو مصطلح يطلق على الجيل الدبلوماسي الصيني، الذي يدافع عن بلاده بتصريحات حادة للرد على الانتقادات الغربية لبكين. وبعدما كان الجيل السابق، يميل للحذر والاعتدال في طريقة تفاعله مع العالم الخارجي، وتحولت السياسة الخارجية الصينية مع "الذئاب المقاتلة" إلى استراتيجية أكثر حدةً وحزمًا، بسلوكيات تتراوح ما بين الانسحاب من اجتماع دولي إلى الصراخ في وجه نظرائهم الأجانب، وحتى إهانة القادة الأجانب.

وزير الخارجية الصيني السابق رفقة المذيعة فو شياو تيان

من جهته، يقول المحلل السابق في وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية لشؤون الصين، كريستوفر جونسون، وهو رئيس مجموعة "استراتيجيات الصين الاستشارية"، إن "الصعود السريع للذئب المحارب، كان قد أزعج زملاءه في الوزارة، الذين اعتبروا أنه يتفوق عليهم".

ولا يعرف بشكل واضح ما الذي أدى إلى إقالة غانغ، لكن بعض الخبراء في الشأن الصيني قالوا إن ذلك يعود لوجود علاقة "خارج إطار الزواج" مع المذيعة السابقة في قناة "فينيكس" الصينية، فو شياو تيان، المقيمة في الولايات المتحدة، والتي تحمل جنسيتها، وأنهما أنجبا طفلًا على الأراضي الأميركية.

ووفقًا للخبراء، فإن "الفضائح الشخصية" للمسؤولين الصينيين تعد "جريمة خطيرة"، حيث أكد محللون أن أسلوب حياة تيان، بما في ذلك منشوراتها على وسائل التواصل الاجتماعي بشأن لقاء زعماء العالم والسفر على متن طائرات خاصة مع ابنها الرضيع، جعل هذه القضية "نقطة ضعف أمنية محتملة" لنظام الحكم في بكين.

وانتشرت شائعات مفادها أن بكين كانت تشك في أن تيان كانت تمرر أسرارًا إلى جهاز استخبارات أجنبي، لكن لم يتم إثبات ذلك. ومثلها مثل غانع، فإن الإعلامية الصينية غابت عن الحياة العامة لأكثر من عام.

وفي تموز/يوليو الماضي، أقال الحزب الشيوعي الصيني العديد من المسؤولين في الحزب من بينهم أعضاء في اللجنة المركزية، بما في ذلك وزير الدفاع السابق، لي شانغ فو، الذي تم التحقيق معه بتهمة الفساد.

وبحسب ما جاء في بيان الحزب، فإن غانغ "استقال من اللجنة المركزية مع بقائه رفيقًا"، أي عضوًا في الحزب، وهي إشارة إلى أن وزير الخارجية السابق تعرض لعقوبة أخف.

وفي هذا الإطار، يوضح الخبير في السياسة الصينية بمعهد "آسيا سوسايتي" للسياسة، نيل توماس، أن "إعطاء المكتب السياسي لقب رفيق لغانغ، يشير إلى أنه لم يطرد من الحزب ويمكن إعادة تعيينه في دور جديد أدنى رتبة"، وأضاف: "في عهد شي، تم فرض تخفيضات مماثلة على الكوادر القيادية التي ثبتت إدانتها بارتكاب مخالفات سياسية بسيطة نسبيًا".