24-أكتوبر-2024
اقتصاد لبنان

أطفال نازحون يمارسون أنشطة ترفيهية مع متطوعين قرب شاطئ بيروت (رويترز)

زاد العدوان الإسرائيلي على لبنان من تعميق الأزمة الاقتصادية التي كان البلد العربي واقعًا في براثنها حتى قبل اندلاع الحرب في غزة، وهو ما لفت الانتباه إليه تقرير لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، اليوم الأربعاء، حيث حذّر من الآثار الاقتصادية الوخيمة للحرب على لبنان، والتهديد القائم بـ"المزيد من زعزعة استقرار" اقتصادها الذي أضعفته السنوات المتتالية من الأزمات. 

وذكر التقرير الأممي، الذي يعد الأول من نوعه منذ اندلاع العدوان على لبنان، أن "حجم المشاركة العسكرية والسياق الجيوسياسي والتأثير الإنساني والتداعيات الاقتصادية في (عدوان) عام 2024، قد يكون أكبر بكثير مما كان عليه في عام 2006". ويتوقع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي تعرض الناتج المحلي الإجمالي في لبنان لانكماش خلال 2024 بنسبة قد تعادل 9.2 بالمئة في حال استمرار الحرب لنهاية العام. 

وحتى لو انتهى الصراع بحلول نهاية العام "فمن المتوقع أن تستمر عواقب تصعيد الأعمال العدائية في لبنان لسنوات". وبدون دعم دولي كبير، تظل التوقعات الاقتصادية قاتمة، حيث من المتوقع أن "ينخفض ​​الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 2.28 بالمئة في عام 2025 و2.43 بالمئة في عام 2026"، وفقًا للتقرير.

حذّر من الآثار الاقتصادية الوخيمة للحرب على لبنان، والتهديد القائم بـ"المزيد من زعزعة استقرار" اقتصاد البلاد

ودفعت الحرب الجارية الوكالة الأممية إلى تغيير جذري في توقعاتها بشأن الاقتصاد اللبناني، إذ كانت تتوقع نموًا بنسبة 3.6 بالمئة في الناتج المحلي للبلاد، معتمدة على الاستقرار التي حققه اقتصادها بين عامي 2022 و2023. فيما يذكر أن لبنان عاش أزمة اقتصادية حادة ما بين عامي 2018 و2021، حيث انكمش ناتجه الإجمالي بـ28 بالمئة، وفقدت الليرة 98 % من قيمتها، مما تسبب في موجة تضخم كبيرة ضربت البلاد. 

ووفقًا للتقرير، فإن الأثر الاقتصادي الحالي "لن يكون بعيدًا" عن تأثير حرب 2006، الذي تراوح ما بين 2.5 و3.6 مليار دولار، أي من 8 إلى 10 % من الناتج المحلي الإجمالي في ذلك الوقت. وقالت الخبيرة الاقتصادية في مكتب برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في لبنان،كوثر دارا، في تصريحات لفرانس برس إن: "هناك سببين رئيسيين لتفسير هذه التوقعات: من ناحية، توقف الأنشطة الاقتصادية، ومن ناحية أخرى، تدمير البنية التحتية الأساسية مثل المصانع والطرق وشبكات الري الزراعية وشبكات الكهرباء، مما سيتسبب في عواقب طويلة الأجل".

وتشهد معظم القطاعات الاقتصادية في لبنان أضرارًا وخيمة بسبب الاقتتال الدائر. وكانت السياحة أحد أكبر القطاعات المتضررة، إذ واجهت استنزافًا حادًا بلغت نسبته 70 %، وفق مقال نشرته صحيفة "العربي الجديد". 

وذكرت الصحيفة أن نسبة إشغال الفنادق انخفضت إلى مستويات متدنية، حيث لم تتجاوز 30 بالمئة مع تراجع نشاط المطاعم بشكل ملحوظ، وأصبحت عودة السياحة إلى مسارها الطبيعي مرتبطة بشكل أساسي بوقف الحرب وتحقيق استقرار سياسي شامل. ونقلت على لسان رئيس الهيئات الاقتصادية، محمد شقير، قوله إن هذه المرة هي الأولى التي يتأذى فيها اقتصاد لبنان إلى هذه الدرجة، فقد انخفضت الأعمال في السابق بنسبة كبيرة تصل إلى 50 بالمئة، أما اليوم فقد تجاوزت النسبة 80 بالمئة.

وأضاف شقير أن القطاع السياحي تلقّى ضربة كبيرة، وهذه الأزمة ليست وليدة الأسابيع الأربعة الأخيرة، بل بدأت قبل ذلك. وعلى الرغم من انتعاش القطاع السياحي خلال فصل الصيف حتى تموز/ يوليو 2024، إلا أن الوضع أصبح شبه كارثي بعد ذلك، فالمؤسسات السياحية باتت مهددة بالإغلاق، خصوصًا الفنادق التي أصبح وضعها صعباً للغاية.

وذكرت وكالة "أسوشيتد برس" في تقرير لها أن توافد الآلاف من النازحين على بيروت أدى إلى تعطيل المراكز التجارية الرئيسية بالمدينة. وتزيد تكلفة رعاية النازحين من الأعباء الاقتصادية الواقعة على كاهل لبنان، وبحسب ما صرّح به وزير البيئة اللبناني، ناصر ياسين، فإن بلاده بحاجة إلى 250 مليون دولار شهرية لإعالة ما يزيد عن مليون نازح تسبب فيهم العدوان الأخير.