27-سبتمبر-2024
دبابات إسرائيلية بالقرب من الحدود مع لبنان

(Getty) دبابات إسرائيلية بالقرب من الحدود مع لبنان

مع استمرار العدوان الإسرائيلي على لبنان وغياب أفق لحل دبلوماسي لوقف الحرب، رغم الحديث المتزايد مؤخرًا عن جهود دبلوماسية مكثفة لوقف إطلاق نار مؤقت يمهد لمفاوضات غير مباشرة بين "إسرائيل" و"حزب الله"، تزايدت حدة النقاش داخل "إسرائيل" بشأن العملية البرية المرتقبة جنوب لبنان.

ويدور النقاش بين من يرى أنها ضرورية لتحقيق أهداف الحرب المتمثلة في إبعاد "حزب الله" إلى ما وراء الليطاني لكي يستطيع سكان المستوطنات الشمالية العودة إلى بيوتهم، وبين من يعتقد بأنها ستكون تكرارًا لأخطاء الماضي من حيث تكلفتها البشرية والمادية وعدم جدواها مع الوقت أيضًا.

لا حل دون عملية برية

في هذا السياق، قالت صحيفة "معاريف" الإسرائيلية، إنه لا يمكن تغيير الواقع الأمني على الجبهة الشمالية، وإعادة السكان إلى الشمال، من دون مناورة برية واسعة النطاق، وفورية، تصل إلى الليطاني بحيث يكون من الممكن إنشاء منطقة أمنية فاعلة تضمن عودة المستوطنين إلى منازلهم.

يدور النقاش الإسرائيلي المتزايد بشأن العملية البرية المحتملة في جنوب لبنان حول التكلفة والجدوى سواء على المدى القريب أو البعيد

واعتبرت الصحيفة أن هذه المناورة ستكون جزءًا لا يتجزأ من أي عملية سياسية لإنهاء الحرب، وأساس أي مفاوضات لوقف إطلاق نار طويل الأمد مع "حزب الله"، بل ويمكن ربطها حسب زعمها باتفاق إعادة المحتجزين لدى "حماس" في قطاع غزة.

وادعت الصحيفة أن المناورة وحدها ستؤدي إلى وقف الحرب لأنها ستزيد مخاوف المجتمع الدولي من حرب إقليمية بحيث تدفعه إلى التدخل المكثف لوقفها، وستضاعف مخاوف إيران من: "خسارة الذراع الأهم والأكثر قوة لهم في مواجهة إسرائيل"، وفق قولها.

وترى "معاريف" أنه دون هذه المناورة، فإن حرب الاستنزاف ستستمر طويلًا على الجبهة الشمالية، وأن "حزب الله" وإيران يحققان نجاحات معينة في هذه الحرب، مشيرةً إلى أنه هناك توجه واضح لدى الحزب، وإيران، لمواصلة هذه الحرب رغم الضربات الكبيرة التي تعرض لها خلال الأيام القليلة الماضية.

ماذا سيحدث بعد المناورة البرية؟

في المقابل، شكّكت صحيفة "يديعوت أحرونوت" بجدوى المناورة البرية، وتساءلت عما سيحدث بعدها، مقدمةً في الوقت نفسه إجابة ضمنية: نشوة وابتهاج مؤقت قبل أن يقع الجنود الإسرائيليين في كمين، أو تكتشف إحدى وحدات النخبة أنها تقف على مدخل نفق غير مكتشف، بمعنى أن النصر الذي سيجري الحديث عنه في "إسرائيل" بعد تنفيذ العملية سيكون مؤقتًا.

واستغربت الصحيفة تجاهل الماضي وتجاربه عند الحديث عن أهمية الانتشار العسكري جنوب لبنان باعتباره وصفة سحرية أو خلطة عجيبة تؤدي إلى النصر في هذه الحرب، مشيرةً إلى أن جيش الاحتلال الإسرائيلي كان متواجدًا في لبنان خلال الخمسين سنة الماضية لتحقيق أعوام طويلة من الهدوء والسلام للإسرائيليين، وهو ما لم يتحقق.

واعتبرت أنه رغم اختلاف اليوم عن الأمس، وتحديات هذه الحرب، وضرورة استخدام الكثير من القوة لتحقيق أهدافها وإعادة سكان المستوطنات الشمالية؛ فإن سؤال المناورة البرية الذي يناقش في "إسرائيل" بصفته خيارًا معقولًا يظل، في وقت لم يتمكن فيه جيش الاحتلال من الخروج من قطاع غزة إلى الآن، وفي ظل الثمن الدموي المتوقع للعملية البرية؛ يظل سؤالًا فظيعًا على حد تعبيرها.

وأشارت الصحيفة إلى أنه مهما كانت هذه الحرب قاسية وعنيفة، فإنها ستنتهي دون شك، سواء دخل جيش الاحتلال الإسرائيلي إلى جنوب لبنان أم لا، باتفاق سياسي.

وشهدت "إسرائيل" خلال الأيام القليلة الماضية نقاشًا متصاعدًا حول العملية البرية المحتملة في جنوب لبنان، فبينما ذهب كثيرون إلى القول بأن الحرب مع "حزب الله" لن تنتهي بالضربات الجوية وحدها، وأنه لا بد من عملية برية واسعة أو محدودة لتحقيق أهدافها؛ رأى آخرون أن أي مواجهة برية قد تعيد أخطاء الماضي لناحية تكبد جيش الاحتلال خسائر بشرية ومادية فادحة.

وفيما يتصاعد النقاش، يواصل جيش الاحتلال الإسرائيلي عدوانه على لبنان، وسط تصاعد الدعوات الإقليمية والدولية لوقف إطلاق النار وإفساح المجال أمام تسوية دبلوماسية لوقف الحرب. وقد اعتبر الرئيس الفرنسين إيمانويل ماكرون، أن رفض رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، وقف الحرب مع "حزب الله" يحمّله مسؤولية التصعيد الإقليمي، مبديًا رفضه أن يتحول لبنان إلى "غزة أخرى".