20-سبتمبر-2024
وحدة الحرب الإلكترونية

وزير أمن الاحتلال يوآف غالانت مع بعض عناصر الوحدة (مواقع التواصل)

مع طغيان حدث استهداف أجهزة "حزب الله" اللاسلكية في لبنان على مشهد المواجهة بين الحزب وإسرائيل، قفز إلى الواجهة اسم الوحدة 8200 الإسرائيلية المتخصصة في الحرب الإلكترونية باعتبارها المسؤول الأول عن تدبير الهجوم الذي جعل المنطقة على شفا حرب إقليمية، فضلًا عن مخاطره على مستوى أدوات الحرب التي يتكشّف يومًا بعد آخر أنها تُخاض بوسائل وأسلحة غير تقليدية إلى جانب أسلحة الحرب التقليدية.

وأسفر الهجوم الإسرائيلي، الذي نفذ على مرحلتين يومي الثلاثاء والأربعاء، عن مقتل العشرات وإصابة الآلاف، دون إمكانية الجزم بما إذا كان الحزب اللبناني قد تمكن من تطويق دائرة الاستهداف أم ما يزال في جعبة إسرائيل المزيد من هذه الأنماط الهجومية التي ندّدت بها أطراف دولية كثيرة وحذرت من خطورة تداعياتها.

وكتفسير للكيفية التي تم بها الهجوم، ترجح مصادر أنه تم زرع متفجرات دقيقة داخل أجهزة الاتصالات التي يستخدمها الحزب، بما في ذلك أجهزة "البيجر" وأجهزة "أيكوم" التي تعد أحد وسائل التواصل الداخلية للجماعة.

الهجوم الذي استهدف أجهزة حزب الله اللاسلكية في لبنان أعاد للوحدة 8200 بعض الاعتبار بعد إخفاقها في رصد هجوم طوفان الأقصى

وبحسب مصدر أمني لبناني كبير، فإن جهاز المخابرات الإسرائيلي "الموساد" كان له دور أساسي في تنفيذ هذه العملية المعقدة، التي شملت زرع كمية صغيرة من المتفجرات داخل أكثر من 5000 جهاز اتصال طلبها حزب الله للاستخدام. إلا أن مصادر أخرى أكدت أن الوحدة 8200، وهي وحدة عسكرية متخصصة في جمع المعلومات الاستخباراتية وتطوير التكنولوجيا العسكرية، كانت أحد الأذرع الرئيسية في التخطيط والتنفيذ لهذه العملية.

وتقول قناة "دويتشه فيله" الألمانية إنه على الرغم الامتناع الرسمي من الجيش الإسرائيلي والحكومة عن التعليق على العملية، فإن العديد من الخبراء يرون أن بصمات الوحدة 8200 واضحة في هذه العملية، خاصةً أن هذه الوحدة تُعرف بقدرتها على تنفيذ عمليات تجسس واختراق تقني عالي المستوى.

الوحدة 8200 تعدّ الأكثر كفاءة في الجيش الإسرائيلي

تعدّ الوحدة 8200 إحدى أهم الوحدات العسكرية في إسرائيل، وتضم، حسب المصادر، نخبةً من الأفراد المختارين بعناية من الشباب المجندين في الجيش. وتعمل هذه الوحدة على تطوير أدوات تكنولوجية متقدمة لجمع المعلومات الاستخباراتية، ويتم تشبيهها في الكثير من الدوائر الاستخبارية بوكالة الأمن القومي الأميركية.

وبحسب يوسي كوبرفاسر، وهو مسؤول سابق في المخابرات العسكرية الإسرائيلية، فإن أن أعضاء الوحدة هم من "أفضل العقول" في الجيش الإسرائيلي، حيث يعملون على مواجهة التحديات الصعبة التي تواجه إسرائيل في المجال التكنولوجي والدفاع الإلكتروني.

وتشير "دويتشه فيله" إلى أنه وعلى الرغم من الطبيعة العسكرية المتقدمة للوحدة، فإن الغالبية العظمى من أعضائها هم من الجنود الشباب الذين يتم اختيارهم بناءً على قدراتهم التكنولوجية والعلمية. ويتم تدريب هؤلاء، حسب القناة الألمانية، على: "التعامل مع أكثر المشاكل تعقيدًا في مجال التشفير، والاختراق، وبرمجيات الحماية، مما يجعلهم أحد أصول إسرائيل الاستراتيجية في مجال الحرب السيبرانية".

وفي هذا الصدد، تنقل "دويتشه فيله" عن آفي شوا، وهو أحد خريجي الوحدة ومؤسس شركة "أوركا سيكيوريتي" للأمن السحابي، قوله إن: "الوحدة توفر لأعضائها المهارات اللازمة لحل المشاكل التقنية المعقدة بطرق إبداعية وغير تقليدية، وهو ما ساعد العديد من خريجيها في تأسيس شركات تكنولوجيا متقدمة في إسرائيل" وفق تعبيره.

ويؤكد كوبرفاسر أن الوحدة 8200: "تلعب دورًا حاسمًا في حماية الأمن القومي لإسرائيل، وذلك عبر شن هجمات سيبرانية متطورة والدفاع عن البنية التحتية الرقمية للدولة" وفق تعبيره.

أبرز الهجمات السيبرانية الإسرائيلية وأدوار الوحدة 8200

للوحدة 8200 تاريخ طويل، حسب المصادر الإسرائيلية، من العمليات البارزة داخل دولة الاحتلال وخارجها، ولعل إحدى أبرز تلك العمليات مشاركة الوحدة في هجوم "ستوكسنت" الذي عطل أجهزة الطرد المركزي الإيرانية المستخدمة في البرنامج النووي، على الرغم من أن جيش الاحتلال الإسرائيلي لم يؤكد تورطه بشكل مباشر.

كما ساهمت الوحدة في إحباط العديد من الهجمات التي كانت تستهدف "إسرائيل" وحلفائها، بما في ذلك هجوم كان ينوي تنظيم الدولة الإسلامية المكنى داعش شنه على إحدى الدول الغربية في عام 2018، حسب "دويتشه فيله". ويعدّ الهجوم على أجهزة حزب الله اللاسلكية في لبنان أحدث هجماتها.

مؤخرًا، طالت الانتقادات عمل الوحدة 8200، واستقال على خلفية تلك الانتقادات قائدها يوسي سرائيل بعد الفشل في اكتشاف هجوم حركة المقاومة الإسلامية "حماس" على مستوطنات غلاف غرة السابع من تشرين الأول/أكتوبر الماضي، حيث أشار في رسالة استقالته إلى أنه "لم ينجز مهمته" في التحذير من الهجوم.

ومع ذلك، تقول دويتشه فيله إن: "مستقبل الوحدة يبقى واعدًا بفضل التركيز على الابتكار والإبداع في مواجهة التحديات الأمنية"، وليس من المستبعد، في ظل هذه المعطيات، أن يكون الهجوم على أجهزة حزب الله اللاسلكية ردًا لنوع من الاعتبار فقدته الوحدة وأجهزة الاستخبارات الإسرائيلية بعد "طوفان الأقصى".