16-نوفمبر-2024
عقار الملاريا أصبح أقل فعالية لدى الأطفال الصغار (منصة إكس)

عقار الملاريا أصبح أقل فعالية لدى الأطفال الصغار (منصة إكس)

حذر باحثون من خطر انتشار الملاريا على نطاق واسع في إفريقيا، بعد أن وجدوا أدلة مقلقة على أن عقار الملاريا أصبح أقل فعالية لدى الأطفال الصغار المصابين بالعدوى.

وجاء في تقرير نشرته صحيفة "الغارديان" البريطانية أن الباحثين أجروا دراسة على أطفال في أوغندا يُعالجون في المستشفى من الملاريا. وقد عُرضت النتائج، خلال مؤتمر كبير انعقد الخميس الماضي، مشيرة إلى وجود علامات مقاومة لـ"الأرتيميسينين" لدى مريض واحد من كل عشرة مرضى.

يُعد الأطفال الفئة الأكثر عرضة للإصابة بالملاريا، حيث يؤدي المرض إلى وفاة نحو 450 ألف طفل دون سن الخامسة سنويًا في منطقة جنوب الصحراء الكبرى بإفريقيا

وأوضحت الدراسة أن مقاومة مضادات الميكروبات، حيث تطور مسببات الأمراض مثل الطفيليات والبكتيريا والفطريات طرقًا للتهرب من الأدوية المستخدمة لمحاربتها، أصبحت مصدر قلق عالمي متزايد. ومن المتوقع أن تتسبب في وفاة أكثر من 39 مليون شخص بحلول عام 2050.

ويُعد الأطفال الفئة الأكثر عرضة للإصابة بالملاريا، حيث يؤدي المرض إلى وفاة نحو 450 ألف طفل دون سن الخامسة سنويًا في منطقة جنوب الصحراء الكبرى بإفريقيا. ومن بين 100 طفل شملتهم الدراسة، أظهرت 11 حالة مقاومة جزئية للعلاج، حيث كانوا جميعًا مصابين بالملاريا الناتجة عن طفرات جينية مرتبطة بمقاومة "الأرتيميسينين".

وقال الدكتور تشاندي جون، من جامعة إنديانا، الذي شارك في كتابة الدراسة مع زملاء دوليين: "هذه أول دراسة من إفريقيا تُظهر أن الأطفال المصابين بالملاريا وأعراض مرضية شديدة يعانون من مقاومة جزئية على الأقل لعقار الأرتيميسينين".

كما أظهرت الدراسة أن 10 أطفال آخرين، كان يُعتقد أنهم قد تعافوا من العدوى، تعرضوا لهجمة جديدة من السلالة نفسها من الملاريا في غضون شهر. وتشير النتائج إلى أن العلاج "المعياري" الذي تلقوه، والذي يجمع بين "الأرتيميسينين" ودواء آخر يُدعى "لوميفانترين"، لم يكن بالكفاءة المطلوبة.

وأضاف جون: "بدأت الدراسة بعدما لاحظ الباحثون استجابة بطيئة للعلاج لدى بعض الأطفال الذين كانوا يخضعون للمراقبة ضمن مشروع لدراسة حالات الملاريا الشديدة لدى المرضى الصغار". وتابع: "حقيقة أننا بدأنا نرى أدلة على مقاومة الدواء حتى قبل أن نبحث عنها تُعد علامة مقلقة". وأوضح: "ما زاد من دهشتنا هو أننا وجدنا مرضى تعرضوا لانتكاسة بعد أن اعتقدنا أنهم قد تعافوا".

وقد تم عرض الدراسة في الاجتماع السنوي لجمعية الطب الاستوائي والصحة في مدينة نيو أورلينز الأمريكية، ونُشرت في مجلة الجمعية الطبية الأمريكية.

وأشار جون إلى أنه من المبكر تحديد مدى انتشار مقاومة "الأرتيميسينين" في إفريقيا، على الرغم من وجود أدلة تشير إلى انتشارها، مستشهدًا بدراسات تُظهر مقاومة جزئية لدى الأطفال المصابين بالملاريا البسيطة (شكل أخف لا يؤثر على الأعضاء) في دول مثل رواندا وأوغندا. لكنه قال: "أعتقد أن دراستنا تشبه طائر الكناري في منجم الفحم بالنسبة للأطفال المصابين بالملاريا الشديدة".

يُذكر أن مقاومة علاج "الأرتيميسينين" ظهرت لأول مرة في جنوب شرق آسيا، حيث تم تحديد العلامات الأولى في دراسات مشابهة. وقد ارتفعت في تلك المنطقة معدلات فشل العلاج عندما ظهرت المقاومة أيضًا للأدوية المستخدمة مع "الأرتيميسينين".

بدوره، قال الدكتور ريتشارد بيرسون، من معهد "ويلكوم سانجر"، والذي لم يشارك في هذه الدراسة: "الوضع في شرق إفريقيا يشبه الوضع الذي شهدناه في جنوب شرق آسيا قبل 15 عامًا".

يُستخدم علاج "الأرتيميسينين" بأشكال متعددة لعلاج الملاريا. بالنسبة للأطفال المصابين بالمرض الشديد، يتم العلاج عبر التسريب الوريدي بمادة "أرتيسونات"، وهي مادة مشتقة من "الأرتيميسينين"، يليه دواء فموي يجمع بين مشتق آخر ودواء مضاد للملاريا.

يُذكر أن مقاومة علاج "الأرتيميسينين" ظهرت لأول مرة في جنوب شرق آسيا، حيث تم تحديد العلامات الأولى في دراسات مشابهة

وحل "أرتيسونات" محل "الكينين" كعلاج موصى به للأطفال المصابين بالملاريا الشديدة منذ أكثر من عقد، بعد أن أظهرت التجارب انخفاض الوفيات باستخدام الدواء الجديد. وفي هذا الإطار، قال جون: "العودة إلى الكينين ستكون خطوة إلى الوراء".

أما الدكتورة ألينا بانس، المحاضِرة في علم الوراثة بجامعة هيرتفوردشاير، فقد أكدت أن أي دليل على مقاومة هذا "الدواء الحيوي" يُعد مقلقًا للغاية. وأشارت إلى أن ارتفاع معدلات انتقال العدوى في إفريقيا يمثل "خطرًا كبيرًا لانتشار المقاومة بسرعة داخل القارة، مما يجعل هذه النتائج أكثر إثارة للقلق".