18-أكتوبر-2024
بعد اغتيال السنوار

(GETTY) مظاهرة في تل أبيب ضد حكومة نتنياهو في سبتمبر الماضي

يسود اعتقاد لدى معظم المحللين الإسرائيليين بأنه يتعين على حكومة الاحتلال الإسراع بالتوصل إلى اتفاق تبادل المحتجزين، ووقف إطلاق النار في غزة، بعد إعلان جيش الاحتلال عن اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية "حماس"، يحيى السنوار، وسط توقعات بأن رئيس المكتب السياسي الجديد للحركة "لن يتمكن من الموافقة على أقل مما كان السنوار قد وافق عليه".

 وكان جيش الاحتلال قد أعلن، أمس الخميس، اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، يحيى السنوار، خلال عملية في مدينة رفح، فيما قالت القناة 12 العبرية: "السنوار كان موجودًا في مبنى مفخخ وكان يرتدي سترة مليئة بالقنابل اليدوية رفقة قيادي ميداني آخر، وخاض اشتباكًا مع القوة الإسرائيلية".

القرار بيد نتنياهو

يرى المحلل السياسي في صحيفة "يديعوت أحرونوت" العبرية، ناحوم برنياع، أن اغتيال رئيس المكتب السياسي لـ"حماس"، يحيى السنوار، والأمين العام لحزب الله، حسن نصر الله، "يستحقان تسجيلهما على أنهما ذروة الحرب"، مضيفًا أنه "تم تفكيك قدرات حماس العسكرية، وفقد حزب الله جزءًا كبيرًا من قدراته القيادية والسيطرية، وهناك شكوك حول إمكانية تحقيق إنجازات أكبر في المستقبل"، بحسب ما نقل موقع "عرب 48".

يسود اعتقاد واسع بأنه يجب على حكومة الاحتلال الإسراع بالتوصل إلى اتفاق تبادل المحتجزين، ووقف إطلاق النار في غزة

وأضاف أن "الاستنتاج هو أن هذه هي النقطة الصحيحة لبدء عملية دبلوماسية. ولدى إسرائيل ما يمكن أن تقدمه، وهو إنهاء الحرب في كلتا الجبهتين. ولديها ما ستحصل عليه، وهو إعادة (المحتجزين) المخطوفين، نزع سلاح غزة، وغياب حماس كقوة عسكرية وسلطوية، ونزع السلاح في جنوب لبنان من قوات حزب الله"، وأكمل برنياع مشيرًا إلى أنه يجب "استئناف القرار 1701، واستبدال (قوات حفظ السلام الأممية) اليونيفيل بقوى أقوى، وتأييد دولي لحق إسرائيل في توغل عسكري في غزة وجنوب لبنان إذا خُرقت الاتفاقيات"، وفق تعبيره.

ووفقًا لبرنياع يمكن للقيادة السياسية والعسكرية دراسة إمكانية عدم مهاجمة إيران ردًا على هجومها الصاروخي على إسرائيل مطلع الشهر الجاري، مضيفًا "فقد باتوا يعلمون أننا لسنا غشماء. هناك تأييد واسع في قيادة الجيش الإسرائيلي للسعي إلى إنهاء الحرب، آخذين في الحسبان أيضًا الثمن الباهظ الذي يفرضه القتال المتواصل بسقوط قتلى وجرحى إسرائيليين يوميًا، وبضائقة الجيش في الموارد، وتعلقه بإمدادات الذخيرة الأميركية".

وأكد برنياع أن "القرار موجود بيد شخص واحد: بنيامين نتنياهو"، مضيفًا "السؤال هو : إلى أين يريد التوجه الآن؟ هل يريد تحويل الإنجاز إلى اتفاقيات أم أنه يسعى إلى مواصلة الحرب في إحدى الجبهتين أو كلتيهما؟"، معتبرًا أن نتنياهو "تحدث عن إعادة المخطوفين، وكذلك عن استمرار الحرب، رغم أنهما متناقضان".

وأضاف برنياع في نهاية تحليله مدعيًا أن "الجهات المهنية في إسرائيل تعتبر أنه في المدى القريب ستواجه حماس صعوبة في استئناف المفاوضات. ولاحقًا، بدون السنوار، ربما سيكون أسهل على قيادة حماس أن تقدم تنازلات. وهذا مشروط أنه بحوزة ما تبقى من قيادة حماس مخطوفين تسيطر على مصيرهم".

مسألة أخرى تقلق المسؤولين الإسرائيليين

من جانبه، يعتقد محلل الشؤون الاستخباراتية في الصحيفة ذاتها، رونين بيرغمان، أن لدى المسؤولين الأمنيين الإسرائيليين مخاوف بشأن احتمالات اتفاق تبادل الأسرى بعد اغتيال السنوار، وهو أن "زعيًما جديدًا لحماس، في الداخل أو الخارج، لن يتمكن من الموافقة، لا سيما في المرحلة الأولى، على أقل مما وافق عليه السنوار".

وبحسب بيرغمان، فإن "مسألة أخرى تقلق جدًا رؤساء جهاز الأمن وأجهزة الاستخبارات الإسرائيلية هو أن موت القائد المحبوب من شأنه أن يؤدي في نهاية الأمر إلى تفكك سيطرة معينة في المنظمة، أو إلى أن تقرر الخلايا التي تحرس المخطوفين العمل وفق مشيئتها وربما الانتقام من المخطوفين".

ونوه بيرغمان إلى أنه ليس جميع الأسرى الإسرائيليين موجودين لدى حماس، وأن قسمًا منهم بأيدي حركة الجهاد الإسلامي أو جهات مختلفة، مضيفًا أن "عدم التوقيع فورًا على اتفاق وعدم دخول جهة بمقدورها السيطرة بشكل كبير إلى غزة، حتى لو كان هذا الأمر بالاشتراك مع حماس، من شأنه أن يؤدي إلى وجود عشرات، رون أراد"، في إشارة للمساعد الطيار الذي اختفى خلال الاحتلال الإسرائيلي للبنان في عام 1985.

ونقل بيرغمان عن مسؤول أمني إسرائيلي وصفه بأنه "رفيع جدًا"، قوله إن: "هذه فرصة يحظر إهدارها بأي شكل. والبديل هو أننا سنفقد السيطرة على الوضع أمام خلايا معدودة أو شخص متطرف يفرض سيطرته. يجب على جميع العقول في دولة إسرائيل التفكير في كيفية إجراء اتصالات لتحريك صفقة، وحتى تتلقى حماس اتصالًا من أجل التفاوض".

وأعرب المسؤول الأمني عن خشيته من أن "تفعل الحكومة الإسرائيلية العكس تمامًا، وأن تصريحات نتنياهو تجعلهم يشعرون بأن إسرائيل لا تعتزم التوصل إلى أي صفقة، وأن هذا وقت تشديد المواقف"، لافتًا إلى أن "نتنياهو يرصد الأجواء ويعقد مداولات بادعاء تناول الموضوع لكنه سيقول، مثلما فعل في الماضي عندما أراد المماطلة، "لا تعودوا إلى خطط سابقة، لماذا ينبغي الآن تعزيز قوتهم، بل ينبغي إضعاف موقفهم لأننا على موجة الانتصار". لكن الرغبة في هزم حماس، وركوب الموجة، وإقامة نظام جديد كما هو اسم العملية العسكرية "حرب الانبعاث"، هو ما يشلنا. وهو ما لن يقود إلى صفقة".

الوضع تغير الآن

أما المحلل العسكري في صحيفة "يسرائيل هيوم"، يوآف ليمور، فقد رأى أنه "بغياب السنوار لا يوجد عنوان في غزة ولا في قطر. ويتعين على إسرائيل أن تبحث عن عنوان بديل في غزة أو قطر أو في أي مكان في العالم، وأن تكون أفكارها مبتكرة وسخية أيضًا بهدف التوصل إلى حل سريع للمشكلة الأكبر والأكثر إيلامًا".

وتابع ليمور مضيفًا أنه "حتى الأمس، كان بإمكان إسرائيل الادعاء أنها تواصل الحرب من أجل مطاردة السنوار، لكن الوضع تغير الآن. ورغم أن مقاتلي حماس سيبقون في غزة، لكن بالإمكان دفع حل أوسع يضع بديلًا سلطويًا واضحًا بغياب لسنوار".

وبحسب ليمور، فإنه "لا يتعين على إسرائيل انتظار مقترحات أجنبية لحل كهذا. فالعالم يتنكر لها الآن، وقد يحاول أن يفرض عليها حلولًا مريحة أقل بالنسبة لها. وبالطبع لا ينبغي أن تستجيب إسرائيل للجناح المتطرف في الحكومة، الذي يعتقد أنه بإمكان اليهود الاستيطان في غزة. وهذه وصفة لكارثة من كافة النواحي".

ومضى في القول مضيفًا "بدلًا من ذلك، على الحكومة أن تدفع بمبادرتها حلًا يقود إلى إعادة المخطوفين، وإنهاء الحرب وقيام حكم بديل في غزة، من خلال الحفاظ على حرية عمل أمني كامل بأيدي إسرائيل. ومن شأن ذلك أن ينهي الحرب في الشمال".

واعتبر ليمور أنه إلى حين انتهاء التوتر الذي قد يتخلله تبادل هجمات بين إسرائيل وإيران "ترزح إسرائيل تحت وضع أمني وسياسي معقد في جميع الجبهات، وتحت تهديد متواصل بإطلاق قذائف صاروخية وطائرات مسيرة على جميع مناطق البلاد"، ورجح ليمور في نهاية تحليله أن "يحاول كثيرون من أنصار حماس في الضفة الغربية الانتقام من اغتيال السنوار، والأيام القريبة ستكون متوترة ومليئة بالعمليات الأمنية".