تلقّت الحكومة المغربية مقترحًا تشريعيًا يقترح منح الجنسية المغربية لأبناء وأحفاد اليهود المغاربة، وبالتزامن مع إعلان الحكومة تلقيها هذا المقترح تعالت نبرة المخاوف في أوساط المجتمع المدني والسياسي المغربي، خاصةً أن المقترح يأتي في وقتٍ حسّاس ترتكب فيه دولة الاحتلال جريمة الإبادة الجماعية في غزة، وليس من المستبعد أن يكون بعض المعنيين بالتجنيس أي الحصول على الجنسية المغربية بموجب هذا المقترح التشريعي ضالعين أو مشاركين في تلك الجريمة.
وبحسب المنتقدين لهذا المقترح، فإنّ إجازته من طرف الحكومة والبرلمان المغربي "قد يؤدي إلى تجنيس متورطين في جرائم إبادة للشعب الفلسطيني"، وفقًا لما نقلته وكالة الأناضول عن بعض الفعاليات المدنية المغربية الداعمة لفلسطين والرافضة للتطبيع مع إسرائيل.
وكانت الوزارة المغربية المكلفة بالعلاقات مع البرلمان أعلنت أنها تلقت ملتمسًا تشريعيًا يطالب أصحابه بـ"منح الجنسية المغربية لجميع أبناء وأحفاد اليهود المغاربة".
وأوضحت الوزارة المغربية في بيانٍ لها عبر موقع "البوابة الوطنية للمشاركة المواطنة" أن الملتمس موجهٌ إلى رئيس مجلس النواب (الغرفة الأولى للبرلمان) رشيد الطالبي العلمي.
السماح بتجنيس مستوطنين وجنود متورطين في جرائم إبادة للشعب الفلسطيني، هو فعل خياني في حق الشعب المغربي، حسب الجبهة المغربية لمناهضة التطبيع
ويقول أصحاب الملتمس، الذين لم تكشف الوزارة المغربية عن أي تفاصيل عنهم، إنه يهدف إلى "تمتيع أبناء وأحفاد اليهود المغاربة بحقوقهم الدستورية والسياسية والدينية والثقافية والاقتصادية والاجتماعية وغيرها"، إلى جانب "إدماجهم في المجتمع".
وقالت الوزارة في بيانها إنه من المنتظر أن يتم تبليغ أصحاب الملتمس بقرار قبوله أو رفضه من قبل لجنة فحص تابعة لها، وذلك في أجلٍ أقصاه 15 يومًا، وفق الإجراءات القانونية المعمول بها في المملكة المغربية.
يذكر أنّ "الملتمس التشريعي" هو مقترحٌ أو توصية يتقدم بها مواطنون مقيمون، سواءً بالداخل أو الخارج، عبر موقع "البوابة الوطنية للمشاركة المواطنة"، بهدف المساهمة في صياغة التشريعات بالبلاد، بموجب حق منحهم إياه الفصل 14 من دستور عام 2011.
ويحدد القانون المغربي 20 ألف توقيع من مواطنين ومواطنات لدعم الملتمس شرطًا لإحالته إلى مجلس النواب، ليعبر بدوره في غضون 15 يومًا عن موقفه بقبوله أو رفضه.
رفض وتنديد
أعربت الجبهة المغربية لدعم فلسطين ومناهضة التطبيع ـوهي منظمة غير حكوميةـ عن رفضها الشديد لملتمس التجنيس، لخطره على "استقرار وسيادة المغرب"، فضلًا عن سماحه بتجنيس مستوطنين وجنود متورطين في جرائم إبادة للشعب الفلسطيني، وهذا ـحسب الجبه ـ "فعل خياني في حق الشعب المغربي".
واعتبرت الجبهة في بيانها أنّ تمرير هذا الملتمس يمكن أن يفتح الباب أمام "منح الجنسية لمستوطنين ومجرمين ومجندين في جيش عُرف بإرهابه وإجرامه وإبادته الجماعية لشعب فلسطين".
وأكدت الجبهة في البيان أنّها "ستتصدى لهذا الملتمس باستخدام مختلف الوسائل الاحتجاجية الشعبية والقانونية والمؤسسية".
كما حذّر حقوقيون مغاربة من خطورة إدماج الأفراد القادمين من إسرائيل، دون معارضتهم لليهود القادمين من دول أخرى.
وتزامن تقديم هذا الملتمس التشريعي مع حراك تضامني مع قطاع غزة تشهده مدن مغربية عديدة، بينها العاصمة الرباط، حيث يقوم المتضامنون بوقفات تضامنية تندد بحرب الإبادة الجماعية التي تقوم بها إسرائيل منذ عام، مما أدى إلى مقتل وإصابة أكثر من 140 ألفًا من الفلسطينيين، معظمهم من الأطفال والنساء.
يشار إلى أنّ المشاركين في هذه الوقفات يطالبون أيضًا بوقف التطبيع مع الاحتلال الإسرائيلي وإنهاء حرب الإبادة على غزة.
وكانت المملكة المغربية قد طبّعت في كانون الأول/ديسمبر 2022، العلاقات الدبلوماسية مع دولة الاحتلال الإسرائيلي بوساطة أميركية، في خطوة أعربت قطاعات شعبية وقوى سياسية في المملكة عن رفضها، وأعقب ذلك زيارة مسؤولين إسرائيليين رفيعي المستوى إلى الرباط، توقفت مع بدء الحرب على غزة، حسب الأناضول.
وعلى الرغم من عدم توفر معطيات رسمية عن أعداد المواطنين اليهود بالمغرب الذي يبلغ عدد سكانه 37.4 مليونا، فإن تقرير الحرية الدينية الدولية الصادر عن الخارجية الأميركية لعام 2023، يقول إن عددهم يبلغ "نحو 1500 شخص"، رغم أن مصادر أخرى تتحدث عن أرقام أكبر.
وتشدد ديباجة الدستور المغربي أنّ المملكة المغربية "دولة إسلامية ذات سيادة كاملة، متشبثة بوحدتها الوطنية والترابية، وبصيانة تلاحم مقومات هويتها الوطنية، الموحدة بانصهار كل مكوناتها، العربية الإسلامية، والأمازيغية، والصحراوية الحسانية، والغنية بروافدها الإفريقية والأندلسية والعبرية والمتوسطية".