22-أبريل-2020

لاعبو إبسويتش تاون يتلقّون تعليماتهم من المدرّب عام 1938 (Getty)

اعتمدت كرة القدم في البداية على القوة البدنية والمهارة التهديفية للاعبين، وكان معظم اللاعبين يتمركزون في الهجوم، فاعتمدت الكثير من الفرق على ستة أو سبعة مهاجمين، ووصل البعض الى البقاء في منطقة جزاء الخصم منتظرًا الكرة للتسجيل، أدى ذلك الى عشوائية في الأداء وفوضى كبيرة داخل الملعب، وتميز اللاعبون بما يعرف بـ(اللامركزية)، فكان الفريق يهاجم بكامل عناصره، وتجده بعدها يدافع بجميع اللاعبين أيضا.

ومع مرور الوقت نشأ مفهوم التكتيك بكرة القدم، وتناولنا تفاصيل نشأته في الجزء الأوّل، ويمكننا تعريف التكتيك بأنه التنظيم العام الذي يستخدمه مدرب الفريق، لضبط تحركات لاعبيه داخل الملعب، و تنفيذ  أفكاره، وينقسم التكتيك الى قسمين، التشكيلة وأسلوب اللعب، وهناك فارق جوهري بين المصطلحين، فالتشكيلة هي عبارة عن طريقة تمركز اللاعبين في الملعب بالشكل المطلوب، أمّا أسلوب اللعب فهو الطابع العام للفريق بطريقة تنفيذه للخطة.

اقرأ/ي أيضًا: من العشوائيّة إلى التنظيم.. نشأة التكتيك في كرة القدم

ويوجد في كرة القدم العديد من الخطط كالـ 442، 433،451، 352 ... الخ، بينما تتنوع أساليب اللعب بين هجومي ودفاعي، وأخر يسمى أسلوب الهجمة المرتدة وأحيانًا اللعب الضاغط، والقائمة تطول، ونتحدّث هنا بشكل تفصيلي عن خطّة 442 ومميّزاتها وتاريخها وأبرز من اتّبعها في مدارس كرة القدم.

تشكيلة 442  وميزاتها:

تتميز خطة الـ 442 بسهولة تطبيقها على أرض الملعب، وتتألف من أربعة مدافعين  "قلبَي دفاع وظهيرين" وأربعة لاعبين في خط الوسط، واثنان في الهجوم، وهي بعيدة عن التعقيد، حيث يطلب من كل لاعب تنفيذ مهمته الاساسية فقط، إضافة الى قرب اللاعبين من بعضهم في كل جزء من أجزاء الملعب، وهذا يسمح لهم باللعب بطريقة المثلثات أو (الواحد اثنان ).

وعد رامسي الجميع بمنح إنجلترا كأس العالم الأوّل في  تاريخها، واستطاع تحقيق ذلك بتطبيقه لخطّة 4-4-2

وتقسم هذه الخطة الى :

1-التقليدية: يتم الاعتماد فيها على الظهيرين في التقدم و لعب الكرات العرضية.

2- الحديثة: يتم الاعتماد فيها على لاعبي الأطراف في الوسط (الجناح ) في لعب الكرات العرضية.

و تعود بدايات هذه الخطة الى المدرب البرازيلي فيسنتي فيولا، صاحب الخطة الشهيرة (424) في مونديال 1958، عندما  كان يطلب من لاعبَين من أصل أربعة في الهجوم، مساندة خط الوسط فتتحول خطته الى 442 .

خسر المنتخب الانجليزي أمام منتخب الولايات المتحدة الامريكية بهدف نظيف، في الدور الاول لمونديال 1950 ، وخرج الإنجليز بطريقة شكلت صدمة لدى جميع اللاعبين و الشارع الرياضي، وقرر عدد كبير من اللاعبين الاعتزال، آلف رامسي  كان أحد لاعبي المنتخب المنكسر، والذي فكر بالانتحار للخلاص من حالة الاكتئاب التي يعيشها .

اقرأ/ي أيضًا: قصة كأس العالم 1966.. وتحقق الحلم الإنجليزي

بقي رامسي خمس سنوات بعيدًا عن الرياضة، ليتسلم بعدها تدريب فريق ايبسويتش تاون، والذي كان يلعب في دوري الهواة، وصل ايبسويتش مع رامسي الى دوري الدرجة الأولى بعد ست سنوات فقط، وحقق لقب الدوري موسم 1961/62 ، وهي المرة الوحيدة في تاريخه النادي، ليشارك في دوري الابطال موسم 1962/63 ،ويخرج من الدور الاول .

آلف رامسي

نال رامسي ثقة الجميع بعد هذا الإنجاز، وتسلم دفّة قيادة منتخب الأسود الثلاثة عام1963 ، و حينها وعد الجماهير بتحقيق كأس العالم، وحقق مراده بخطة 442 التي لاقت غضبًا واسعًا من جميع النقاد في البداية،  لكنها اوصلت منتخب انجلترا للفوز بلقبه المونديالي الوحيد.

 نالت هذه الخطة اعجاب المدرب السوفييتي فيكتور ماسلوف، والذي قدم للعالم فريقًا يلعب بطريقة مختلفة عن كل ما سبق، دينامو كييف يسيطر على الكرة السوفيتية ثلاث سنوات من عام 1966 حتى1969، بابتكاره لاستراتيجية الضغط العالي، إضافة الى إيجاد مركز صانع اللعب والذي لم يكن معروفا من قبل.

قرر فيكتور ماسلوف اللعب دون أجنحة، فتم ضمهم الجناحين إلى عمق الوسط ومن خلفهم لاعب وسط مدافع ، و أمامهم لاعب وسط متقدم (صانع اللعب) خلف المهاجمَين لتأخذ خطته شكل الجوهرة،  والتي بقيت اسما متداولًا حتى الآن للدلالة على هذه الخطة.

اعتمد ماسلوف على رقابة المنطقة (ZONAL MARKING )، وهذا الأسلوب أجبر ماسلوف على ضرورة وجود لاعب أمام خط الدفاع، فأحضر فاسيل  توريانتشاك ووضعه في خانة الارتكاز، ليكون أول لاعب ارتكاز دفاعي في العالم.

فيكتور ماسلوف

لم يقف ماسلوف عند ذلك فقط , بل آمن بضرورة الضغط العالي، وكان يعتقد أن هزيمة الخصم تعتمد على خنقه و حرمانه من التمرير، وبالتالي أضاف هذا العبقري مسميات جديدة على المنابر التكتيكية، (الضغط، صناعة اللعب، الارتكاز الدفاعي، وخطة الجوهرة بشكلها الجديد).

واصل مدرّبو كرة القدم في العالم اعتمادهم على خطّة 442، وأسهموا بإضافة تعديلات جوهرية فيها، منهم من جعلها وسيلة لجلب المتعة والنتائج في اللعبة كأريغو ساكي، وآخرين أضافوا إليها تعديلات تسلب من اللعبة متعتها، لكنّها تحقّق النتائج الإيجابية، ونتحدّث عن تجربة الألماني أوتو ريهاغل مع اليونان في يورو 2004، هذه التطوّرات في خطّة الـ442 ومزيد من التفاصيل التكتيكية التي تخصّها، ستكون محور الحديث  في الجزء القادم.

اقرأ/ي أيضًا:

قصة كأس العالم 1950.. أفراح قبل الكارثة

قصة كأس العالم 1966.. الكلب الذي حمى شرف الإنجليز