نقلت وسائل الإعلام منذ أيام أخبارًا مفادها تأجيل إطلاق نموذج "جيميني" (Gemini) من جوجل، لكن يبدو أن تلك التسريبات عاريةٌ عن الصحة لأن الشركة أعلنت عن إطلاق هذا النموذج المتطور، الذي صُمم تحديدًا لمنافسة نماذج "GPT" التي تقدّمها شركة "أوبن إي آي" (OpenAI).
وتتجلى طموحات جوجل الكبيرة في طريقة إعلانها، التي استعرضت جيميني وقدمته للجمهور بوصفه: "نموذج الذكاء الاصطناعي الأكبر والأقدر لدى جوجل"، وبذلك أعلنت الشركة عن بداية "عصر جيميني" الذي يُتوَقع توظيفه في جميع خدمات ومنتجات الشركة، بدءًا من الشركات الكبيرة المستفيدة من خدمات جوجل، وانتهاء بالمستهلكين العاديين الذين يقتنون ويستخدمون هواتف جوجل "بيكسل 8 برو" (Pixel 8 Pro).
انتهزت جوجل حدث الإعلان عن نموذج "جيميني" لاستعراض أحدث التطورات في مجال الحوسبة السحابية
واسترسلت جوجل في تعداد المميزات الكثيرة لـ"جيميني"، فقالت إنه مغاير لنماذج الذكاء الاصطناعي الحالية التي تتعامل مع نوع واحدٍ من أوامر المستخدمين، سواء أكانت صورًا أم نصوصًا؛ إذ يتسم "جيميني" بأنه متعدد الوسائط، وبذلك يقبل أي مدخلات فيها وسائط متعددة، ويجمع بين المدخلات النصية والصوتية والمرئية وأكواد البرمجة.
ونشر ساندر بيتشاي، الرئيس التنفيذي لجوجل، منشورًا في مدونته قال فيه: "لا ريب أن هذا العصر الجديد لنموذج جيميني من أضخم الجهود العلمية والهندسية التي بذلناها في الشركة".
كذلك أعلنت جوجل عن ترقية برنامج المحادثة الآلي "بارد" (Bard)، وتزويده بنسخة من نموذج "جيميني". وتخطط الشركة لإضافته أيضًا إلى منتجاتها المنتشرة بين مليارات المستهلكين، مثل محرك البحث جوجل ومتصفح الويب "كروم" (Chrome).
وأوضحت جوجل أن نموذج "Gemini 1.0" يأتي بثلاثة أحجام مختلفة، يٍعرف أولها باسم "نانو" (Nano)، وهو مخصص لأجهزة الهواتف الذكية ومطوري التطبيقات. أما الثاني المسمى "برو" (Pro)، فهو النموذج الافتراضي الموجه لشريحة واسعة من المهام والعملاء، في حين يعرف الثالث بـ"ألترا" (Ultra)، وهو أكثر نماذج الذكاء الاصطناعي تطورًا لدى جوجل، وما يزال يخضع حتى الآن لاختبارات السلامة.
وانتهزت جوجل حدث الإعلان عن "جيميني" لاستعراض أحدث التطورات في مجال الحوسبة السحابية، فقالت إنها دربت النموذج بالاعتماد على معالجات سحابية قادرة معًا على تدريب نماذج الذكاء الاصطناعي بسرعة أعلى بثلاث مرات من السابق.
ومن المقرر أن تتيح جوجل هذه التكنولوجيا لعملائها في مجال الخدمات السحابية، وهذا يفيد طبعًا صناعة الذكاء الاصطناعي لأن عملية التدريب تصبح أسهل وأسرع، ويرسخ مكانة جوجل ومرتبتها الثالثة في سوق الخدمات السحابية.
وأشارت جوجل إلى تفوق جيميني على نماذج الذكاء الاصطناعي المنافسة، وهو ما تجلى في 20 معيارًا معتمدًا لدى باحثي الذكاء الاصطناعي لتقييم قدرة الفهم لدى الخوارزميات، وقدرتها الرياضية، ومهارات المنطق متعدد المراحل.
مع ذلك، أقر إيلي كولينز، نائب رئيس المنتجات في شركة "DeepMind" التابعة لجوجل، بالمخاطر المرتبطة بنماذج الذكاء الاصطناعي، وتزويدها المستخدمين أحيانًا بنتائج مضللة. وصرّح كولينز بأن جوجل: "بذلت جهودًا كبيرة لتحسين دقة النتائج وصحتها في جيميني"، لكنه أكد بأن النماذج اللغوية الضخمة تأتي أحيانًا ببعض "الهلوسات".
ولا تغفل جوجل عن هذه المخاطر المحتملة، لذلك قررت إصدار نموذج "جيميني ألترا" تدريجيًا: "لاختيار العملاء، والمطورين، والشركاء، وخبراء السلامة والمسؤولية، وإخضاع النموذج لتجارب مبكرة، واستلام التعليقات والملاحظات قبل طرحه للمطورين والشركات العميلة في مطلع العام القادم".