02-سبتمبر-2024
البرهان وحميدتي

(Getty) عبد الفتاح البرهان ومحمد حمدان دقلو الملقب بحميدتي

لاحظ تقريرٌ مطول في موقع "ميدل إيست آي" البريطاني أنّ أخبار الحرب في أوكرانيا وحرب إسرائيل على قطاع غزة طغت على الحرب الأهلية والكارثة الإنسانية في السودان، وأدّى ذلك إلى إهمال تلمّس بعض الجوانب والأسباب المسؤولة عن تواصل الحرب، ومن بين تلك الجوانب المهملة في تشخيص حالة الحرب السودانية واستمرارها على نحوٍ يغطّي على من المسؤول عن الحرب ومن يتحمّل جرائم الحرب، فطرفيْ النزاع استخدما الدعاية الرقمية على نطاقٍ واسع.

وفي هذا الصدد، يتّهم التقرير التحليلي، الذي أعدته الباحثة الإثيوبية مرام مهدي، إلى جانب الكندي كايل هيبرت المحلل والكاتب المساهم في مركز ابتكار الحوكمة الدولية؛ منصة "إكس" التي يملكها الملياردير الأميركي إيلون ماسك، بتأجيج الصراع المحتدم في السودان بين القوات المسلحة السودانية بقيادة الفريق أول عبد الفتاح البرهان وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو الملقب بـ"حميدتي"، وهو صراعٌ بدأ في نيسان/أبريل 2023 على السلطة، وأحال البلد برمته إلى خراب.

واستخدم طرفا الصراع الدعاية الرقمية على نطاقٍ واسع، وعمدا إلى إخفاء الحقائق بشأن انتهاكاتهما، وسعيا إلى كسب عقول وقلوب الشعب السوداني والمحسنين في أنحاء العالم.

تستغل قوات الدعم السريع "بمهارة" وسائل التواصل الاجتماعي للظهور بمظهر الممثل للديمقراطية

ويرى الكاتبان أنّ النهج السلبي القائم على عدم التدخل الذي يتبناه إيلون ماسك هو الذي مكّن قوات الدعم السريع - وهي قوة شبه عسكرية وحشية يرأسها أمير الحرب حميدتي - من اصطناع مظهرٍ زائف بالعطف والرحمة والتستر على الفظائع "الشنيعة" التي ترتكبها قواته.

وفي المقابل، يستعين البرهان بأجهزة الإعلام الحكومية والمنافذ الإعلامية "المتعاطفة معه" في إيصال رسائله الدعائية.

بينما تستغل قوات الدعم السريع "بمهارة" وسائل التواصل الاجتماعي للظهور بمظهر الممثل للديمقراطية، على حد تعبير المقال الذي يصف منصة "إكس" بأنها، على وجه الخصوص، تثير المشاكل في قضايا من هذا النوع رغم أن ذلك لا يقتصر عليها بل يمتد إلى منصات أخرى أيضًا.

والدليل على براعة قوات الدعم السريع في الدعاية الإعلامية أنها أنشأت عقب اندلاع القتال بوقتٍ قصير، وتحديدًا في أيار/مايو 2023، خطًا ساخنا على برنامج المراسلات والمكالمات "واتساب" لربط السكان في المناطق التي تسيطر عليها بالمساعدات الإنسانية وبعمليات الإجلاء. كما شكلت فريق عمل شبيهًا بالشرطة بزعم حماية المدنيين من التعرض للجرائم في ظل انهيار الأمن والنظام.

وفي السياق نفسه، يشير المقال التحليلي للموقع البريطاني إلى نشر قائد الدعم السريع حميدتي مقطع فيديو يوم 12 آب/أغسطس المنصرم على منصة "إكس" أعلن فيه عن إنشاء قوة مدنية جديدة في مناطق سيطرة قواته وتفويضها بحماية أرواح وممتلكات المدنيين، وتسهيل العمليات الإنسانية وضمان سلامة عمال الإغاثة، وتيسير العودة الطوعية للنازحين إلى مجتمعاتهم الأصلية.

وحاز مقطع الفيديو المذكور على أكثر من 800 ألف مشاهدة في غضون أيام قليلة على صفحته الرسمية وحدها "لإظهار نفسه كزعيمٍ مهتم وملتزم". وإن كان الباحثان اللذان أعدا التحليل لا يتوقعان أن تحقق هذه الرؤية الشيء الكثير، مع الإشارة إلى أنه لا توجد معلوماتٌ تذكر حول كيفية تشكيل هذه القوة الجديدة أو كيفية عملها، كما كان متوقعًا.

وفي الوقت الذي تصور فيه قوات الدعم السريع نفسها على منصة "إكس" على أنها تسهل المساعدات الإنسانية والخدمات الاجتماعية وغيرها من الأعمال، تفيد وكالات الأمم المتحدة بأن المجموعة أعاقت تقديم الإغاثة الإنسانية إلى المحتاجين بعرقلتها الشاحنات التي تحمل المساعدات الغذائية.

كما تتهم منظمات حقوقية دولية مقاتلي الدعم السريع بالتورط في ارتكاب جرائم تتعلق بالتطهير العرقي والقتل المنهجي والعنف الجنسي ضد جماعات عرقية في إقليم دارفور.

استغلال الإنترنت الفضائي "ستارلينك"

وتستغل قوات الدعم السريع خدمات الإنترنت عبر شبكة الأقمار الصناعية "ستارلينك" المملوكة لإيلون ماسك بهدف الالتفاف على انقطاع الإنترنت والعمل كآلة قتالية أكثر كفاءة.

وبحسب الموقع البريطاني، حصلت قوات الدعم السريع على محطاتٍ تابعة لستارلينك عبر طرق التهريب غير المشروعة التي تربط السودان بتشاد وجنوب السودان المجاورتين.

ويخلص المقال التحليلي إلى ضرورة وقف الحملات الدعائية للحرب في السودان على المنصات الرقمية، لأنّ ذلك من شأنه أن يحدث فرقًا في الوقت الراهن.