30-يوليو-2024
اليمين الإسرائيلي

(Getty) أنصار اليمين يحاولون اقتحام قاعدة سديه تيمان

قالت هيئة البث العبرية إن المحكمة العسكرية الإسرائيلية في "بيت ليد" تنظر، اليوم الثلاثاء، في تمديد توقيف تسعة من جنود الاحتياط بتهمة "الاعتداء الجنسي" على أسير فلسطيني من غزة في معسكر "سديه تيمان" سيئ السمعة، ما أدى إلى نقله للمستشفى وهو بحالة "خطيرة".

وأوضحت الهيئة أنه "بعد ظهر اليوم (الثلاثاء) سيتم إحضار جميع الجنود التسعة الذين تم توقيفهم أمس في قاعدة سديه تيمان، إلى جلسة في محكمة بيت ليد لتمديد اعتقالهم"، مضيفة أن جيش الاحتلال يستعد بـ"قوات معززة لتأمين القاعدة العسكرية التي اقتحمها مئات المدنيين أمس، في دراما لم يسبق لها مثيل".

وأشارت الهيئة إلى أنه "من المتوقع أن تعقد الجلسة عند الساعة الثانية بعد الظهر"، ولفتت إلى أن "المشتبه بهم رفضوا التهم التي وجهها إليهم محققو النيابة العامة العسكرية، رغم حصول المحققين على تقارير طبية تظهر أن المعتقل من غزة تعرض لعنف شديد، بما في ذلك الاعتداء الجنسي، ما أدى إلى دخوله المستشفى".

المشتبه بهم رفضوا التهم التي وجهها إليهم محققو النيابة العامة العسكرية رغم حصول المحققين على تقارير طبية تظهر أن المعتقل من غزة تعرض لعنف شديد

وكانت إذاعة جيش الاحتلال قد ذكرت، أمس الاثنين، أن الشرطة العسكرية قد توجّهت إلى "سديه تيمان" لاعتقال عشرة جنود متهمين باعتداء جنسي على أسير فلسطيني، مشيرةً إلى أن الشرطة العسكرية فتحت تحقيقًا بعد نقل الأسير إلى المستشفى، وإظهار الفحص الطبي تعرضه لإصابات خطيرة حتى في فتحة الشرج.

وقالت الإذاعة إن أحد الجنود المشتبهين بجريمة التعذيب لم يتم توقيفه لعدم تواجده في القاعدة العسكرية عند مداهمتها بواسطة الشرطة العسكرية، ونقلت عن مصادر مطلعة قولها: "سيتم اعتقاله لاحقًا".

اليمين الإسرائيلي يقتحم "سديه تيمان"

وفي أعقاب إعلان إذاعة الاحتلال توجه الشرطة العسكرية إلى "سديه تيمان" لاعتقال الجنود، سادت حالة من الفوضى أمام البوابة الرئيسية للمعسكر، بعدما حاول وزراء وأعضاء في الكنيست الإسرائيلي، بالإضافة إلى مجموعات من اليمين المتطرف اقتحام المعسكر لمنع الشرطة العسكرية من اعتقال الجنود المتهمين بتعذيب الأسير الفلسطيني الذي لم يتم الكشف عن هويته.

وأظهرت مقاطع فيديو بثها "التلفزيون العربي" مشاركة وزير المالية الإسرائيلي، بتسلئيل سموتريتش، مع مسؤولين آخرين اقتحام "سدي تيمان"، فيما قالت وسائل إعلام عبرية إن عراكًا دار بين أفراد الشرطة العسكرية والجنود المشتبه بهم داخل معسكر الاعتقال.

ومع حلول الليل، اقتحم اليمين المتطرف أيضًا مجمع "بيت ليد" العسكري، وبحسب ما نقلت "وكالة الأناضول"، فإنه كان بين المقتحمين مسؤولون وجنود في الجيش، وهو ما قوبل باستنكار ومطالبات باستبعاد اليمينيين المتطرفين من السلطة بما في ذلك الحكومة والكنيست، لأنهم يواجهون "دولة القانون" في إسرائيل ويهددون أمنها.

وقالت هيئة البث العبرية إن الجيش انتقد الشرطة "لعدم قدرتها على السيطرة على أعمال الشغب في سديه تيمان وبيت ليد".

وأضاف الجيش في بيانه أنه "رغم المناشدات المقدمة إلى الشرطة، أمس الاثنين، عندما بدأت الفوضى في سديه تيمان، فإن الأمر استغرق من الشرطة ساعات طويلة للسيطرة على الأحداث"، مشيرًا إلى أنه "في وقت لاحق، لم يصل العدد الكافي من قوات الشرطة للتعامل مع أعمال الشغب في بيت ليد".

وقال جيش الاحتلال إن ثلاث كتائب من لواء "ناحال" كان مقررًا أن تدخل قطاع غزة قد تم نقلها إلى قاعدة "بيت ليد" ، فيما ذكرت القناة 12 العبرية الخاصة أن "إعلان الجيش عن نقل الكتائب إلى بيت ليد يهدف إلى حماية القاعدة".

هيئات فلسطينية تطالب بتحقيق دولي

وكانت هيئات رسمية وأهلية فلسطينية قد طالبت، أمس الاثنين، بتحقيق دولي في ظروف اعتقال الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال، والاطلاع على ظروف اعتقالهم "اللاإنسانية".

وقال رئيس نادي الأسير الفلسطيني، عبد الله الزغاري، لوكالة الأنباء الفرنسية: "هذه جريمة اغتصاب جديدة بحق أحد المعتقلين في معسكر (سديه تيمان) من قبل مجموعة من السجانين"، وأضاف أن "هذه الجريمة تُسقط بشكل واضح ادعاءات الاحتلال وما روج له على مدار الفترة الماضية عن نيته فتح تحقيقات حول الجرائم التي جرت في المعسكر".

ودان الزغاري "محاولة الاحتلال المستمرة لتصوير معسكر (سديه تيمان) على أنه السّجن الوحيد الذي شهد على جرائم التّعذيب والاغتصاب، وأنه بنقل المعتقلين منه ستتوقف الجرائم"، مشددًا على "أن سجونًا أخرى تشهد نفس المستوى من الجرائم، وقد وثقنا العديد من الإفادات والشهادات حول ذلك، وأبرزها سجن (النقب)".

من جانبه، طالب رئيس المجلس الوطني الفلسطيني، رَوحي فتوح، في تصريحات نقلتها وكالة الأنباء الرسمية الفلسطينية "وفا"، بتشكيل لجنة تحقيق دولية "للاطلاع على الظروف اللاإنسانية، التي تفرضها إدارة سجون الاحتلال على المعتقلين الفلسطينيين، بما فيها عمليات القتل وحالات الإخفاء القسري، خاصة لمعتقلي قطاع غزة".

وأضاف أن "المتطرف (وزير الأمن القومي إيتمار) بن غفير يستغل حرب الإبادة الجماعية والتطهير العرقي التي تُشن على شعبنا الفلسطيني منذ 10 أشهر، لارتكاب أكبر عدد من جرائم القتل والتعذيب الجسدي".

كما اتهم بن غفير باستغلال العدوان على غزة لـ"إعطاء أوامر للجنود بممارسة جميع أشكال القتل البطيء والانتهاكات بحق أسرى الحرية، دون الالتفات إلى القوانين والمواثيق الإنسانية والدولية والمعاهدات التي تحمي المعتقلين".

بن غفير يتصدّر مشهد اليمين المتطرف

وفي السياق، كان واضحًا حجم الانقسام السياسي الذي تشهده حكومة الاحتلال في ظل سباق اليمين المتطرف للدفاع عن الجنود المتهمين بارتكاب انتهاكات إنسانية، وتصدّر وزير الأمن القومي، إيتمار بن غفير، مشهد اليمين المتطرف عندما سارع في البداية إلى منصة "إكس" للقول: "ارفعوا أيديكم عن جنود الاحتياط".

وفي وقت لاحق، قال بن غفير، إن: "مشهد وصول أفراد شرطة عسكرية من أجل اعتقال أفضل أبطالنا في سديه تيمان هو ليس أقل من مخزٍ"، وأضاف ناصحًا "وزير الأمن ورئيس أركان الجيش وسلطات الجيش بدعم الجنود والاستفادة من مصلحة السجون (التي يُشرف عليها)".

فيما اعتبر سموتريتش أن "جنود الجيش الإسرائيلي يستحقون الاحترام"، وتابع مضيفًا: "جنود الجيش الإسرائيلي لن يعتقلوا كمجرمين. أدعو المدعية العسكرية أن تنزلي يديك عن جنودنا الأبطال"، على حد تعبيره.

من جهته، قال رئيس أركان الجيش الإسرائيلي، هيرتسي هاليفي، عقب وصوله إلى "بيت ليد"، إن "وصول مثيري الشغب ومحاولات اقتحام القواعد هو سلوك خطير يصل إلى حد الفوضى، ويضر بالجيش وأمن الدولة والمجهود الحربي".

كما اعتبر وزير الدفاع، يوآف غالانت، في رسالة بعنوان "نداء عاجل عقب أحداث الاقتحام العنيف لقواعد جيش الدفاع الإسرائيلي"، أن أعمال الشغب واقتحام القواعد العسكرية يمثل "ضررًا خطيرًا لأمن الدولة وسلطة الحكومة"، مطالبًا رئيس حكومة الاحتلال، بنيامين نتنياهو، بالتحرك ضد أعضاء الائتلاف الحكومي، والكنيست الإسرائيلي الذين شاركوا في اقتحام المجمعيّن العسكرييّن.

وفي السياق، قال رئيس حزب العمل الإسرائيلي، يائير غولان، إن "حكومة بن غفير تدعم التمرد والفوضى داخل الجيش بأمر من وزير منتهك للقانون"، متهمًا بن غفير بـ"تعريض إسرائيل ومواطنيها وأمنها للخطر".

واعتبر أن "اختفاء الشرطة بشكل متعمد، وتجاهلها الهجوم على معسكر ومحكمة بيت ليد ليس صدفة"، مشددًا على أن "على الشرطة التدخل فهي ليست شرطة حزب فاشي على رأسه وزير يدعم الانقلاب على القانون".

فيما شدد زعيم المعارضة الإسرائيلية، يائير لبيد، على أن اقتحام اليمين المتطرف لمعتقل "سيديه تيمان" "إجرامًا حقيرًا وخطيرًا من أعضاء الكنيست الذين يضعفون الجيش الإسرائيلي ويفككونه، ويضعفون ويفككون دولة إسرائيل"، مضيفا أنهم "يقضون على أسس قوتنا من الداخل"، على حد تعبيره.

وكان جيش الاحتلال قد قال في إحاطات لوسائل إعلام إسرائيلية، إنه اضطر إلى "تعليق مناقشات عملياتية تتعلق بالجبهة الشمالية (في إشارة إلى التصعيد المُحتمل ضد لبنان) بسبب الأحداث في [سديه تيمان]".