ألترا صوت - فريق التحرير
أصدرت "مؤسسة الدراسات الفلسطينية" كتاب "السيونيزم أي المسألة الصهيونية: أول دراسة علمية بالعربية عن الصهيونية"، من تأليف محمد روحي الخالدي، بعد قرن من تأليفه، وقد حرّره وقدمه المؤرخ الفلسطيني البارز وليد الخالدي.
الكتاب عبارة عن مخطوطة غير منتهية أنجزها المؤلف قبل وفاته سنة 1913، وقد تركها الراحل وحفظت بين أوراقه الشخصية وكتبه في أرشيف المكتبة الخالدية. وهذا الكتاب هو الإصدار الثالث ضمن "سلسلة منشورات المكتبة الخالدية"، التي تصدر عن المؤسسة.
يعكس تحليل روحي الخالدي نظرة رجل دولة عربي، يعتدّ بعروبته وعثمانيته، في الصهيونية قبيل اندلاع الحرب العالمية الأولى
في تقديمه للكتاب، يشير وليد الخالدي، الذي عمل على تحقيق المخطوطة وجمعها وتدقيق وضبط نسخها، إلى أن تحليل روحي الخالدي يعكس نظرة رجل دولة عربي، يعتدّ بعروبته وعثمانيته وولائه للخلافة الإسلامية، في الصهيونية قبيل اندلاع الحرب العالمية الأولى وقضائها على النظام الدولي الأوروبي القائم قبلها، بما في ذلك الدولة العثمانية ذاتها، وبروز الولايات المتحدة الأمريكية كلاعب جبّار في النظام الجديد الذي انبثق من الحرب.
اقرأ/ي أيضًا: كتاب "فلسطين في قرارات القمم العربية والإسلامية".. بين الالتزام والتنصّل
أدرك روحي الخالدي مدى النشاط الصهيوني في فلسطين وتنوعه، بل كان أول من قام برصده منهجيًا، وأدرك كذلك مدى فساد الأجهزة التنفيذية المحلية، وتواطؤها مع سماسرة الصهيونية في التحايل على سياسة الدولة المعلنة للحد من الهجرة اليهودية وانتقال الأرض العربية إلى أيديهم، وعزم على فضح هذا كله. ومع إدراك الخالدي هذه السلبيات، رأى في استعادة الدستور العثماني سنة 1908 بداية عهد عثماني جديد قادر على التصدي لهذه التحديات. كما اعتبر استقبال الولايات المتحدة للملايين من يهود روسيا القيصرية، وإيثارهم الجماعي للهجرة إليها على هجرتهم إلى فلسطين، المؤشر الأكبر إلى إمكان حصر الصهيونية في فلسطين ضمن حدود تحول دون استطراد تقدمها.
ولد محمد روحي الخالدي سنة 1864 في حارة باب السلسلة بالقدس القديمة، في جوار الحرم الشريف وحائط البراق. وفي المسجد الأقصى حضر حلقات التدريس وتابع دراساته العليا في "المكتب السلطاني" في إسطنبول، ثم في جامعة السوربون في باريس، قبل أن يُعيّن سنة 1900 قنصلًا عامًا للدولة العثمانية في مدينة بوردو في فرنسا. وفي سنة 1908 انتُخب الخالدي نائبًا عن القدس في البرلمان العثماني الذي انتخبه، بدروه، سنة 1912 نائبًا لرئيسه. نشر الخالدي أبحاثًا مهمة في السياسة الدولية والأوضاع الإسلامية والأدب المقارن أهلته لاعتباره رائد البحث التاريخي الحديث في فلسطين. عاجلت محمد روحي المنيّة سنة 1913 قبل إتمامه دراسته عن الصهيونية.
أدرك روحي الخالدي مدى النشاط الصهيوني في فلسطين وتنوعه، بل كان أول من قام برصده منهجيًا، مُعريًا فساد الأجهزة التنفيذية المحلية المتواطئة مع سماسرة الصهيونية
اقرأ/ي أيضًا: "مجلة بدايات".. سيرة ولادة لبنان الكبير في مئويته الأولى
ويأتي الكتاب ضمن سلسلة من ستة كتب ترمي إلى إلقاء الضوء على تاريخ القدس وتراث المدينة الحضاري العربي الإسلامي العظيم الغني والأثري، وهي تصدر بشكل مشترك عن مؤسسة الدراسات الفلسطينية والمكتبة الخالدية. وتهدف هذه السلسلة إلى توجيه الأنظار نحو بعض نواحي تاريخ القدس التي لم تلقَ حتى اليوم ما تستحق من اهتمام، وإلى دور المكتبة الخالدية في ذلك التاريخ. وكان قد صدر كتابان ضمن هذه السلسلة هما: "فضائل القدس: دراسة تحليلية" مع تجميع لنص كتاب "فضائل بيت المقدس للوليد بن حماد الرملي"، من تأليف سليمان علي مراد؛ وكتاب "القدس الأُخرى" باللغة الإنجليزية، حرّره رشيد الخالدي وسليم تماري.
اقرأ/ي أيضًا:
كتاب "تطور سوريا السياسي في ظل الانتداب".. تشريح الانتداب وتفكيك تاريخه