ألترا صوت - فريق التحرير
أصدر "المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات"، حديثًا، كتاب "لبنان: دراسات في المجتمع والاقتصاد والثقافة"، الذي يضم مجموعة من البحوث والدراسات التي قدّمها باحثون متخصصون في مجالاتٍ مختلفة، تشمل التاريخ والجغرافيا والديمغرافيا والاقتصاد والتربية والسياحة والثقافة والعلاقات الخارجية، وذلك تحت إشراف الباحث والمفكر اللبناني خالد زيادة.
يضم الكتاب مجموعة من البحوث والدراسات التي قدّمها باحثون متخصصون في مجالاتٍ مختلفة تشمل التاريخ والجغرافيا والديمغرافيا والاقتصاد والتربية والثقافة
يضم الكتاب الذي جاء في 730 صفحة من القطع الوسط، مقدمة وتسعة فصول يحيط مضمونها بمختلف التحولات التي خبرها لبنان على الصعيد الثقافي والاجتماعي والاقتصادي والسياسي، منذ ولادته قبل مئة عام، بهدف التعريف به بوصفه واحة ثقافية عربية تعددية، وإطلاع القارئ العربي على خصائصه وتجاربه المتنوعة في مجالات وقطاعات مختلفة.
اقرأ/ي أيضًا: الطبعة الـ 12 من كتاب "تاريخ فلسطين الحديث": نصف قرن على صدوره
يقدّم لورنس شربل في الفصل الأول من الكتاب "ملامح الجغرافيا الطبيعية للجمهورية اللبنانية"، دراسة موسعة تتناول جميع الظواهر المؤثرة في دينامية تضاريس سطح لبنان. ويحرص الباحث اللبناني على تقديم دراسته ضمن قالبٍ علميٍ مبسط وشامل، وتدعيمها بوثائق مختلفة تشمل الصور، والخرائط، والجداول، والرسوم البيانية، وغيرها.
ويستعرض شربل في هذا الفصل، أهم الخصائص الطبيعية للأراضي اللبنانية من خلال دراسته لموقع لبنان الجغرافي، وخصائصه المناخية، وبنيته وتركيبه الجيولوجي، وجيومورفولوجية أراضيه، بالإضافة إلى موارده المائية، وخصائص تربته، وثرواته من الغابات والنباتات الطبيعية، وغيرها. ويخلص الباحث اللبناني في دراسته إلى ضرورة تكثيف الدراسات الميدانية، وتوثيق المعطيات الجغرافية، باعتبارها عملية قادرة على تأمين البيانات الأساسية التي تحتاجها مشروعات الطاقة المتجددة.
في الفصل الثاني من الكتاب "ملامح الجغرافيا البشرية للجمهورية اللبنانية"، تتناول كوليت أبي فاضل ثلاث مسائل متصلة ببعضها البعض، وهي: الجغرافيا السكانية، والجغرافيا الصحية، والجغرافيا الاقتصادية في لبنان. وتقدّم أبي فاضل في بحثها دراسة موسعة لحجم سكان لبنان، وتركيبتهم، وكيفية توزّعهم، وخصائصهم الديموغرافية، وحراكهم. بالإضافة إلى واقع الصحة في لبنان، والتعرض للأمراض في محافظاته، تبعًا لجنسيات المقيمين. وذلك إلى جانب دراستها للنشاطات الاقتصادية، والقوى العاملة وتوزيعها بين المناطق اللبنانية.
وتتميز دراسة كوليت أبي فاضل بكثرة الجداول، والأشكال البيانية، والتفصيل الإحصائي، والأرقام التي تشمل التوزع الديموغرافي وحركيته المعيشية أيضًا، حيث تضمنت الدراسة 29 جدولًا، و48 شكلًا، بالإضافة إلى خريطتين مفصلتين.
يهدف الكتاب إلى التعريف بلبنان بوصفه واحدة ثقافية عربية تعددية وإطلاع القارئ العربي على خصائصه وتجاربه المتنوعة في مجالات مختلفة
ويسعى عبد الرؤوف سنّو في الفصل الثالث "ملامح تاريخ لبنان منذ أقدم العصور"، إلى دراسة تاريخ لبنان منذ زمن الفينيقيين إلى اليوم، حيث يتضمن الفصل خمسة مباحث رئيسية تغطي فترات زمنية مختلفة، وتسلط الضوء على أحداث مفصلية عديدة ساهمت في صياغة الشكل الحالي للمجتمع اللبناني.
اقرأ/ي أيضًا: كتاب "فضاءات.. يوتوبيا المدينة المثقفة 2".. تحية ثقافية إلى لبنان
يتحدث سنّو في المبحث الأول عن لبنان في العصور القديمة، وبدايات ظهور المدن الفينيقية وإنجازاتها، لا سيما المدن التاريخية مثل صور وصيدا وبيروت وجبيل وطرابلس وبعلبك. ويتناول في المبحث الثاني أحوال لبنان في العهود اليونانية والرومانية والبيزنطية، وما ترتب على احتلاله من قبل هذه الامبراطوريات من آثار وتداعيات ثقافية واجتماعية ودينية. بينما خصص المبحث الثالث للإضاءة على لبنان تحت الحكم العربي - الإسلامي، حتى نهاية العهد المملوكي. في حين ناقش في المبحث الرابع، واقع لبنان في العهد العثماني وصولًا إلى نهاية الحرب العالمية الأولى. أما المبحث الخامس والأخير، فقد استعرض الباحث اللبناني فيه ما خبره لبنان منذ استقلاله وحتى نهاية الحرب الأهلية مطلع تسعينيات القرن الفائت.
وتحت عنوان "ملامح اقتصاد الجمهورية اللبنانية"، تستعرض لورا الصياح في الفصل الرابع، تميُّز لبنان عن غيره من بلدان المنطقة بنظامه الاقتصادي، لا سيما خلال عقدي الخمسينيات والستينيات من القرن الفائت، حيث كان مقصدًا للأموال والاستثمارات. غير أن هذا النظام، بسبب ارتباطه الشديد بالغرب، وارتكازه على التجارة والتمويل وإهمال القطاعات الإنتاجية الأخرى، ساهم في إفقار المناطق الريفية، وأدخل لبنان في أزمة وجودية في قطاع الزراعة، وأدى أيضًا إلى موجة هجرة كثيفة نحو المدينة. وتُعتبر هذه العوامل من أسباب الحرب الأهلية التي اندلعت منتصف سبعينيات القرن الفائت.
وترى لورا الصياح في دراستها أن الاقتصاد الحر، بصيغته اللبنانية، سمح بتعميق الاقتصاد الريعي في لبنان، لا سيما خلال مرحلة ما بعد نهاية الحرب الأهلية، وهي المرحلة التي شهدت هيمنة القطاع المصرفي على المشهد، وترسيخ الاقتصاد الريعي، والقضاء على ما تبقى من القطاعات الانتاجية، ونمو الاقتصاد الاستهلاكي الذي يفسِّر استمرار العجز التجاري الدائم في لبنان.
ويسلط حسين شلبي الضوء في الفصل الخامس "القطاع السياحي في لبنان"، على تطور القطاع السياحي في لبنان صعودًا وهبوطًا، لا سيما خلال الفترة الممتدة بين نهاية القرن التاسع عشر وحتى منتصف سبعينيات القرن الفائت من جهة، والفترة الممتدة بين عامي 1990 و2020 من جهةٍ أخرى.
يضم الكتاب الذي جاء في 730 صفحة من القطع الوسط، مقدمة وتسعة فصول يتناول مضمونها مواضيع وقضايا واقتصادية واجتماعية مختلفة
ويتناول الباحث اللبناني في دراسته هذه، مساهمة القطاع السياحي في الناتج المحلي اللبناني من خلال إحصاءات، وجداول، وأشكال توضح حجم هذه المساهمة. كما ويقوم بتحليل حركة السياح وما ينفقون وتأثيرهم على الاقتصاد اللبناني، بالإضافة إلى رصد مقومات السياحة في لبنان، والإضاءة على أنواعها، واستعراض نقاط القوة والضعف في القطاع السياحي.
اقرأ/ي أيضًا: كتاب "مقالات في علم الاجتماع الاقتصادي".. طبيعة الرأسمالية الحديثة
في الفصل السادس "التربية والتعليم والبحث العلمي في الجمهورية اللبنانية"، تقدّم عبير تقي الدين لمحة تاريخية عامة عن التربية والتعليم في لبنان، عبر أربعة محاور رئيسية: التعليم العام، والتعليم العالي، والتعليم المهني والتقني، والبحث العلمي.
تناقش تقي الدين في المحور الأول، واقع التعليم العام في لبنان لناحية الهيكلية والمناهج والطلاب وأفراد الهيئتين التعليمية والإدارية والمدارس. ويتحدث في المحور الثاني عن "الجامعة اللبنانية"، الجامعة العامة الوحيدة في لبنان، التي تأسست عام 1951 بعد ضغوط شعبية وطلابية كبيرة، لا سيما من الفئات الاجتماعية غير الميسورة التي طالبت بحقها في الحصول على فرصة للتعليم العالي. أما المحور الثالث، فقد خصصته الباحثة اللبنانية للتعليم المهني والتقني، حيث استعرضت اهتمام الدولة بتنظيم القطاع المهني، والنهوض بالتعليم المهني بعد الحرب الأهلية. بينما تناولت في المحور الرابع، جهود لبنان ومحاولاته لتعزيز قدراته في مجال إنتاج البحث العلمي.
ويبحث أنطوان أبو زيد في الفصل السابع "حالة الثقافة في لبنان القرن الحادي والعشرين"، في أهم العناصر العوامل التي أدت إلى قيام النهضة الفكرية والاجتماعية والأدبية في لبنان، منذ مطلع القرن التاسع عشر وحتى العقد الثالث من القرن الحادي والعشرين.
وتتوزع دراسة الباحث اللبناني على أربعة مباحث. في المبحث الأول، يستعرض الباحث اللبناني عوامل النهضة اللبنانية، ومظاهر التمدن في العاصمة بيروت، جنبًا إلى جنب الصحافة والتعليم والعمران والطباعة. وناقش في المبحث الثاني، المظاهر الثقافية في لبنان خلال الفترة الممتدة بين عامي 1900 - 2020. ويتحدث في المبحث الثالث عن القصة والرواية اللبنانيتين في مراحل زمنية مختلفة، تمتد منذ عام 1850، وحتى أربعينيات وخمسينيات وسبعينيات القرن الفائت، وهي المرحلة التي جمعت تيارات أدبية وروائية متناقضة، مثل الرواية الملتزمة، والعروبية، والاشتراكية، والواقعية، وغيرها. أما المبحث الرابع والأخير، فقد سلط فيه أبو زيد الضوء على واقع وسائل الإعلام والنشر في لبنان، وتطورها منذ القرن العشرين، وحتى يومنا هذا.
يحيط الكتاب بمختلف التحولات التي خبرها لبنان على الصعيد الثقافي والاجتماعي والاقتصادي والسياسي منذ ولادته قبل مئة عام
ويسعى خالد قباني في الفصل الثامن من الكتاب "نظام الحكم في لبنان: ديمقراطية تنافس أم توافق؟ دراسة تحليلية"، إلى الإجابة على سؤال: في أي خانة يمكن تصنيف النظام السياسي في لبنان؟ في خانة التنافس أم في خانة التوافق؟ وما هي طبيعته؟ هل هو نظام حكم برلماني أم رئاسي أم شبه رئاسي أم مجلسي؟ أم أنه يستعصي على التصنيف؟ وفي حال كان الأمر كذلك، فما هي معضلات هذا التصنيف أو التحديد؟
اقرأ/ي أيضًا: كتاب "يساريون لبنانيون في زمنهم".. شيوعيون في مشهد موزاييكيّ
وفي الفصل التاسع والأخير "السياسات الخارجية في الجمهورية اللبنانية"، يتحدث شفيق المصري عن طبيعة وشكل سياسات الدولة اللبنانية الخارجية منذ استقلال لبنان سنة 1946. ويركز الباحث اللبناني في دراسته على المبادئ التي استندت إليها، أو تأثرت بتطوراتها، السياسة الخارجية اللبنانية في مراحل زمنية مختلفة، تشمل الفترة الممتدة بين الاستقلال وحتى اندلاع الحرب الأهلية في منتصف سبعينيات القرن الماضي، وكذلك الفترة بين بداية تلك الحرب ونهايتها مطلع التسعينيات بعد "اتفاق الطائف".
اقرأ/ي أيضًا: