صدر حديثًا عن "الهيئة المصرية العامة للكتاب كتاب "هوامش العميد.. ملامح التجربة المعرفية عند طه حسين" للناقد المصري أيمن بكر، ويتكون الكتاب من مقدمة وأربعة فصول.
كان المؤلف قد سأل الكاتب نفسه: ما الجديد الذي يمكن أن يأتي به كتاب آخر عن العميد؟ وهنا ولدت فكرة البحث عن الأفكار في الهوامش، إذ إنها تقدم ما هو غير متوّقع، سواء في المقدمات والخواتيم، أو في المقالات والمقابلات، بل وحتى في إهداءات الكتب. وكانت النتيجة هي رسم ملامح للتجربة المعرفية لصاحب "الأيام".
ولدت فكرة كتاب "هوامش العميد" من البحث عن أفكار طه حسين في الهوامش، سواء في المقدمات والخواتيم لكتبه، أو في المقالات والمقابلات، بل وحتى في إهداءات الكتب
في الفصل الأول حلّل الكاتب مقدمة وخاتمة طه حسين لكتاب مع المتنبي، ليصل إلى الاستنتاج أن النفس عنده تمثل ثنائية مصرية قديمة بين مفهومي "الكا" و"البا"، أو بين طاقة الحياة الساعية للخلق والإبداع والحركة وبين طاقة الحياة الراغبة في الاستمتاع والهدوء الاسترخاء، وأن الصراع بين هذين المكونين يمثل جزءًا معرّفًا لتجربة حسين المعرفية، كما أنه كان على وعي ساطع بهما وبالصراع بينهما.
أما الفصل الثاني فتناول الجانب الشفوي الذي ميز صاحب "دعاء الكروان" نتيجة فقدانه البصر وتعليمه الأزهري، ما جعله يتبنى أسلوب "شيخ العمود" الذي أثّر في طريقتي تفكيره وكتابته. كما يعيد هذا الفصل النظر مرة أخرى في قضية الانتحال المشهورة، بوصفها تعبيرًا عن الصراع بين عقليتي الكتابة والشفوية عنده.
يناقش الفصل الثالث مقدمة "مستقبل الثقافة في مصر" في محاولة لتوسيع أفق الرؤية، مجاوزًا الموضوع الذي حُصر الكتاب فيه وهو التعليم؛ إذ حاول أيمن بكر أن يُثبت أن همَّ طه حسين هو مناقشة دور الثقافة ككل في لحظة تاريخية حرجة، وأن التعليم لم يكن سوى مثال تطبيقي رغم احتلاله معظم صفحات الكتاب، ولهذا يتعرض الفصل في بدايته للمشكلات التي تعوق الثقافات العربية عن إعادة النظر في المشاريع الثقافية الكبرى لمفكريها.
يركز الفصل الرابع على ما يسميه المؤلف "شذرات العميد"؛ أي تلك الأفكار والمواقف التي تناثرت في كتابات طه حسين ولم تلق تحليلًا وافيًا، من مثل موقفه من تعلم اللغات الأجنبية والترجمة عنها. ويتعرض الفصل بالتحليل لمنطق الخصومة بين حسين والعقاد، ما يكشف عن جانب مهم في تجربة حسين ككل، ويلقي ضوءًا كاشفًا على ما شهدناه نشهده من صراعات مريرة لا تستحق صفة "الثقافية" منذ ثمانينيات القرن العشرين تقريبًا.
ويضم الفصل الرابع كذلك تحليلا لفكرة الصوت والصدى التي اقترحها حسين لوصف علاقته بأبي العلاء المعري في كتاب "صوت أبي العلاء"، وعلاقة هذه الفكرة بتصور حسين عن نفسه وعن تجربته المعرفية، وما يرجوه لمنتجه الفكري في المستقبل بعد انتهاء حياته.