"فيروس جديد غير معروف، يتسبب في ظهور أعراض أشبه بالالتهاب الرئوي، يضرب مدينة ووهان الصينية التي يبلغ تعداد سكانها 11 مليون نسمة"، بهذا أخبر مسؤولو الصحة العامة في الصين، منظمة الصحة العالمية، في نهاية كانون الأول/ديسمبر الماضي.
بلغ عدد الإصابات المؤكدة بفيروس الكورونا الجديد في الصين، 2019 إصابة، توفي منهم حتى الآن 56 شخصًا، وأصاب 14 دولة أخرى
وعلى إثره، فرضت السلطات الصينية حظرًا على المدينة، وأوقفت كافة وسائل المواصلات عن العمل، وألغت جميع رحلات الطيران منها وإليها، بغرض السيطرة على المرض قدر الإمكان. وانتشر الحجر الصحى ليشمل 15 مدينة أخرى، تضم ما مجموعه 46 مليون نسمة، وهو أكبر حجر صحي في التاريخ.
اقرأ/ي أيضًا: آثار الهلع: ما هو فيروس كورونا الجديد؟ وما هي أعراضه وسبل الوقاية منه؟
اتضح فيما بعد أنه نوع جديد من فيروسات كورونا، أطلق عليه "2019-nCoV". بدأ الفيروس في الانتشار سريعًا داخل ووهان، وخارجها. وبلغ عدد الإصابات المؤكدة في الصين 2019 شخصًا، توفي منهم حتى الآن 56 شخصًا. لكن، ثمة مخاوف من أن الصين تقلل أعادد المصابين بالفيروس وكذا أعداد الوفيات، بتصنيفها وفيات ناجمة عن التهابات رئوية.
لم يتوقف الفيروس عند حدود الصين، فأصاب نحو 14 دولة، حيث تم تأكيد الإصابة به في أستراليا وفرنسا والولايات المتحدة وعدد من الدول الآسيوية.
ويشيع انتشار فيروسات كورونا في الحيوانات بمختلف أنواعها. ويمكن أن تتطور أنواعها في بعض الأحيان إلى أشكال تنتقل إلى البشر. ويظن العلماء أن الفيروس تمكن من الانتقال إلى البشر في بداية كانون الأول/ديسمبر الماضي، بعد أن أصاب شخصًا في سوق الحيوانات البحرية بووهان، وانتشر من هناك.
ويقول باحثون صينيون إن هناك رابط بين انتقال الفيروس وسوق المأكولات البحرية وأسواق الحيوانات، ما يعني انتقال الفيروس من الحيوان إلى الإنسان. لكن أعدادًا متزايدة من المرضى أفادوا بأنهم لم يزوروا أسواق الحيوانات، ما يعني انتقال الفيروس من شخص لآخر، الأمر الذي رفع حالة التأهب لدرجاته القصوى.
ومن غير الواضح حتى الآن الكيفية الدقيقة لانتشار الفيروس من شخص لآخر، إلا أنه يصيب بشكل أكبر كبار السن الذين يعانون تدهورًا في صحتهم. ومن غير المعروف كذلك المخاطر التي يشكلها الفيروس على فئة الشباب الذين يتمتعون بصحة جيدة، فمن المهم بالنسبة للعلماء معرفة ذلك، من أجل تحديد المخاطر المحتملة للفيروس، إذ إن بعض الفيروسات، مثل الحصبة، تكون شديدة العدوى، وبعضها يكون أقل وطأة.
لكن، على كل حال، تطمئن منظمة الصحة العالمية، البشرية، بأنه من غير المحتمل أن يتحول الفيروس إلى وباء عالمي، مؤكدة أنه من المبكر للغاية إعلان حالة الطوارئ الدولية.
1. من أين جاء؟
حتى الآن لا يعرف الباحثون نوع الحيوان الذي انتقل منه الفيروس. ويعتقد مجموعة من الباحثين الصينيين أن الفيروس انتقل من الثعابين، في حين يشكك باحثون آخرون في هذا الاستنتاج، بعد أن وجدوا أن التسلسل الجيني للفيروس متطابق بنسبة 96% لفيروس كورونا موجود في الخفافيش. يذكر أن فيروس سارس قد نشأ في الخفافيش أيضًا.
ورغم أن فيروسات كورونا الأخرى تنتقل عن طريق السعال والعطس، لكن لا توجد مؤشرات على أن الفيروس الجديد ينتقل عن طريق الجهاز التنفسي.
وسواءً كان من الثعابين أم الخفافيش، أو أي حيوان آخر، كيف انتقل للإنسان؟ وجد الباحثون الصينيون أن التغير في أحد البروتينات الفيروسية، يسمح للفيروس بالتعرف إلى مستقبلات في خلايا المضيف والارتباط بها، ومن ثم يستطيع الفيروس دخول الخلايا، وربما هذا ما ساعد الفيروس على الانتقال للبشر.
2. هل يمكن أن ينتقل بين البشر وبعضهم البعض؟
ما نعرفه حتى الآن أنه من الممكن أن ينتقل الفيروس بين البشر في حالات محدودة، إما عن طريق الهواء الذي تنتشر فيه جزئيات فيروسية بالسعال أو العطس، أو عن طريق الاتصال الشخصي مثل اللمس أو المصافحة، أو لمس أي سطح به جزيئات فيروسية ثم لمس الفم أو الأنف أو العين دون غسل اليدين. ونادرًا ما ينتقل الفيروس من البراز.
لكن وفقًا لمركز مكافحة الأمراض والوقاية منها (CDC) الأمريكي، يرجح أن الفيروس ينتقل من الحيوان للإنسان، رغم أن مسؤولي الصحة الصينيين، قالوا إن الفيروس ينتقل من إنسان لآخر خلال فترة الحضانة، أي قبل ظهور أعراضه، ما يجعل السيطرة عليه أمرًا صعبًا.
3. ما هي أعراضه؟ وما هو علاجه؟
تشمل الأعراض ارتفاع في درجة الحرارة وسعال والتهاب في الحلق. وفي الحالات المتأخرة يشعر المصاب بالفيروس بضيق في التنفس. وقد يسبب الالتهاب الرئوي. هذا وقد تظهر الأعراض خلال فترة ما بين يومين إلى 14 يومًا، ما يجعل من الصعب السيطرة عليه.
في المقابل لا يوجد علاج محدد مضاد للفيروس، كما لن يتوفر أي لقاح للفيروس قبل عام، وعلى الأرجح سيتم إعطاؤه للعاملين في قطاع الصحة الأكثر عرضة للإصابة بالفيروس. أما العلاج الحالي فيعتمد على تدعيم وظائف الرئتين وغيرهما من الأعضاء حتى يتعافى المريض. والكثير من الحالات، وفقًا لخبرة البشرية بيفروسات كورونا، تتعافى من تلقاء نفسها إذا انطوى العلاج على الراحة، بالإضافة إلى أدوية تخفيف الأعراض وتدعيم وظائف أعضاء الجسم.
4. هل يمكن الحد من خطر الإصابة به؟
لتجنب الإصابة بالفيروس، يوصي مركز CDC باتخاذ التدابير الوقائية اليومية المساعدة في منع انتشار فيروسات الجهاز التنفسي بشكل عام، مثل غسل الأيدي كثيرًا بالماء والصابون، لمدة 20 ثانية على الأقل في المرة الواحدة. واستخدام معقم الأيدي الذي يحتوي على الكحول، في حالة تعذر إيجاد صابون وماء.
بالإضافة إلى تجنب لمس العينين والأنف والفم بأيدي غير مغسولة، وتجنب الاتصال الوثيق بالناس الذين تظهر عليهم أعراض أمراض البرد والإنفلونزا. وفي حالة الإصابة بالفيروس، فإن أسلم خيار هو البقاء في المنزل، وتغطية السعال أو العطس بمنديل ثم إلقائه في سلة المهملات، مع تطهير وتنظيف الأشياء والأسطح التي تم لمسها بشكل متكرر.
5. ما الذي نعرفه عن فيروسات كورونا؟
اكتشف العلماء فيروسات كورونا لأول مرة في الستينات. واشتق اسمها من شكلها المشابه للهالة. ويعد فيروس كورونا الجديد أحد أنواع مجموعة فيروسات كورونا التي يمكن أن تسبب أمراض الجهاز التنفسي، مثل الالتهاب الرئوي، والتهاب الشعب الهوائية. وهي شائعة في الحيوانات، لكن ينتقل بعض منها فقط إلى البشر من الحيوانات، وهو أمر نادر.
وتضم فيروسات كورونا سبعة أنواع من الفيروسات، منها أربعة فيروسات تسبب أعراض خفيفة شائعة، مثل البرد. لكن نوعين من فيروسات الكورونا أكثر حدة بكثير، أحدهما المعروف بـ"متلازمة الشرق الأوسط التنفسية" أو "ميرس"، والثاني المعروف بـ"متلازمة التنفس الحاد الوخيم" أو "سارس"، وقد تسببا في موت 1500 إنسان.
6. ما الفرق بينه وبين فيروس الإنفلونزا؟
قد يسبب كلاهما أعراضًا مشابهة، لكنهما مختلفان وراثيًا. وتظهر أعراض الإنفلونزا بسرعة كبيرة، بعد يومين أو ثلاثة على الأكثر من الإصابة، بعكس فيروسات كورونا الجديدة. كما أن فيروسات كورونا لا تتطور بالطريقة نفسها التي تتطور بها فيروسات الإنفلونزا.
وفي حين يمكنك الحصول على لقاح للإنفلونزا، لا يوجد لقاح لمنع العدوى بفيروس كورونا الجديد، رغم أن الباحثين يعملون على أحد اللقاحات بالفعل، بعد أن تمكنت الصين من فك الشيفرة الوراثية للفيروس.
7. هل يمكن أن يتحور الفيروس؟
حذرت السلطات الصينية من أن الفيروس قد بدأ بالفعل في التحور، حيث وجد الباحثون أن الفيروس يتحور جينيًا ببطء، ما يعني أنه يمكن أن يبدأ في إصابة عديد الأشخاص وينتشر بسرعة أكبر. لكن مسألة أن يتحول الفيروس إلى وباء واسع الانتشار، لا تزال مجرد تكهنات.
8. هل هو فتاك؟
لا نعرف مدى سرعة انتقال الفيروس من شخص لآخر. لكن الدلائل الأولية تشير إلى أنه ينتقل بين الأشخاص الذين هم على اتصال وثيق ببعضهم البعض، وربما ينتشر عندما يعطس المصاب أو يسعل. ووفقًا للتقديرات الأولية لمنظمة الصحة العالمية، فإن كل شخص مصاب بالفيروس، يمكنه أن يصيب ما بين شخص إلى شخصين إضافيين.
وحتى إن كان الفيروس غير فتاك من جهة أعراضه، فإنه إذا كان سريع الانتشار، فيمكنه أن يتسبب في آثار كارثية، فإذا أصاب الملايين، فستكون نسبة الوفيات كبيرة.
ولن نتمكن من وصف الفيروس بالوباء، قبل أن يفعل ثلاثة أشياء:
- يصيب البشر بقوة وآثار شديدة.
- يتكاثر في البشر.
- ينتشر بسهولة بين البشر.
9. ما الفارق بينه وبين فيروس سارس؟
كلا الفيروسان انطلقا من الصين. وكلاهما أيضًا من نفس العائلة الفيروسية كورونا. إلا أن فيروس كورونا الجديد، فيروس مختلف تمامًا وجديد بالنسبة لنا.
وتعد نسبة الوفيات بين المصابين بالفيروس الجديد، والمقدرة بـ2.7%، نسبة مرتفعة. لكن، قد يُعزى ذلك إلى عدم معرفة السلطات بالحالات المعتدلة من المرض، فما بين 15% و20% من الحالات المسجلة، حرجة. في المقابل، كانت نسبة الوفيات بين المصابين بفيروس سارس 15%، وفقًا لمنظمة الصحة العالمية.
10. هل يمكن أن يكون أكثر الفيروسات فتكًا؟
يعد فيروس الإنفلونزا الإسبانية، الذي انتشر عام 1918، أكثر الفيروسات فتكًا في العصر الحديث، إذ تسبب في وفاة عشرات الملايين، بين تقديرات أقلها 50 مليون وأعلاها 100 مليون إنسان. نفس الفيروس تسبب في وفاة نحو 600 ألف شخص، بعد تفشي وباء إنفلونزا الخنازير عام 2009.
أما فيروس سارس، فانتشر في عام 2002 في 30 دولة. وفي حين كان فيروس ميرس، الذي ظهر لأول مرة في الأردن عام 2012، أقل انتشارًا، إلا أنه كان أشد وطأة، وانتشر في جميع أنحاء شبه الجزيرة العربية، بعد أن انتقل من الجمال إلى البشر.
بدأ فيروس كورونا الجديد بالتحور، حيث وجد الباحثون أنه يتحور جينيًا ببطء، ما يعني أنه قد يصيب عدد أكبر من الأشخاص
وعليه، ووفقًا للمعطيات المتوفرة، لا يمكن القول إن فيروس كورونا الجديد الأكثر فتكًا بين الفيروسات التي قضت على ملايين البشر خلال العصر الحديث، رغم التخوفات من عدم معرفة ما يكفي عن الفيروس.
اقرأ/ي أيضًا:
البشرية في خطر.. عصر ما بعد المضادات الحيوية
البيولوجيا التخليقية.. هل يستطيع الإنسان صناعة مخلوقات حيّة قريبًا؟