ألترا صوت – فريق التحرير
ابتداء من 12 حزيران/ يونيو الجاري، تستضيف "دار النمر للفن والثقافة" معرضًا مشتركًا للمصوَّرين اللبنانيّ فؤاد خوري والإيرلنديّ جيريمي بيكوك تحت عنوان "الوطن العائم".
مُغادرة المقاومة الفلسطينية لبنان مُرغمةً، ونهاية حقبة النضال الفلسطينيّ المُسلّح هناك، محطّة سياسية فارقة في تاريخ النضالين الفلسطينيّ والعربيّ
50 صورة فوتوغرافية تتوزّع على جدران المعرض، تُغطي جزءًا يسيرًا من حياة الفلسطينيين في العاصمة اللبنانية بيروت مطلع ثمانينيات القرن الماضي، وتوثّق أيضًا خروج منظمة التحرير الفلسطينية منها مُرغمةً.
اقرأ/ي أيضًا: لاريسا صنصور.. شتات الفلسطينيّ لا ينتهي
لا يستطيع المتفرّج التعامل مع الصور المعلّقة على جدران المعرض باعتبارها صورًا فقط، والسبب أنّها مُلتقطة بطريقةٍ تؤسِّسُ معًا بناءً سرديًا في سياقٍ واحد. ضمن هذا السياق تتوالى الصور لتؤسّس بدورها مشهدياتٍ متكاملة تارةً، ومنفصلة تارةً أخرى، تسردُ الجزء الأقسى من حكاية الفلسطينيين في لبنان، أي حكاية الخروج ومغادرة مواقع القتال وجبهات النضال.
هكذا، يُطيل المتفرّج الوقوف أمام هذه الصور، بحثًا عن روابط بين تلك الحقبة التي استُهدفت فيها المقاومة الفلسطينية بُغية تصفية القضية، وبين الواقع الراهن الذي يرفع فيه البعض من وتيرة العمل على تصفية القضية مجدّدًا. والمُتغيّر بين اليوم والأمس هو الزمان والمكان والأسلوب، والثابت أنّ القضية الفلسطينية غير قابلة للتصفية.
مُغادرة المقاومة الفلسطينية لبنان مُرغمةً، ونهاية حقبة النضال الفلسطينيّ المُسلّح هناك، محطّة سياسية فارقة في تاريخ النضالين الفلسطينيّ والعربيّ. ولا شكّ أنّ هذه المحطّة تستدعي التوثيق. المصوّر اللبنانيّ فؤاد خوري ذهب نحو الهامش والمُهمل لتوثيق هذه اللحظة، بثمانية بكرات أفلام أسود وأبيض، وثمانية بكرات أخرى ملوّنه، هي كلّ ما استطاع تأمينه قبل انطلاق الرحلة التي أراد لها البعض أن تحدث بسرعة كبيرة وتنتهي على عجل. هكذا، لم يكن وجود فؤاد خوري في المرفأ، محطّة المُغادرة، مصادفة، وإنّما قرارًا شخصيًا. غير أنّ المصادفة كانت في صعوده على متن السفينة التي تقلّ الراحل ياسر عرفات ورفاقه.
هكذا، التقط فؤاد خوري للراحل يومها صورًا كثيرة؛ سنراه يقف بين مجموعة من الأصدقاء والمقاتلين على سطح سفينة "أتلانتس" التي أرسلها رئيس وزراء اليونان أندرياس باباندريو لتقلّه إلى أثنيا، رافعًا بأصابعه شعار النصر، ضاحكًا في وجه من جاء لوداعه. نراه كذلك واقفًا يُدير ظهره للكاميرا، تظهرُ في الصورة كوفيّته من الخلف، ومن أمامه البحر الذي يُحيط بالباخرة من كلّ الجهات، كإشارة من المصوّر على غياب الوجهة أو الطريق. نراه أيضًا يقف حاملًا منظارًا يراقب من خلاله باخرة عابرة، يتحدّث مع طفلٍ ويلهو مع آخر، أو جالسًا مع الرفاق والمقاتلين، مسترخيًا أحيانًا، ومتوتّرًا أحيانًا أخرى.
تغطي صور معرض "الوطن العائم" لحظات هامشية في خروج الفلسطينيين من بيروت
اقرأ/ي أيضًا: معرض مروان رشماوي.. 22 مدينة في فلسطين
لا تُغادر عدسة فؤاد خوري سفينة أتلانتس، ولكنّها تبتعد قليلًا عن عرفات، لنرى صورًا أخرى غير مباشرة لبعض روّاد السفينة؛ رجلان يقفان على حافة الباخرة التي تقاسمت مساحة الصورة مع البحر، ومجموعة من المقاتلين يلوّحون مودّعين من تجمّع على المرفأ من أجل وداعهم، أصدقاء ورفاق سلاح وغيرهم.
اقرأ/ي أيضًا: