23-أغسطس-2024
توغل القوات الأوكرانية في كورسك الروسية

(Getty) هشّمت القوات الأوكرانية المتوغلة في كورسك تمثال فلاديمير لينين

لا يمكن التقليل بحالٍ من الأحوال من أهمية التوغل الأوكراني في الأراضي الروسية، لكن ما هو أهم من التوغل يتمثل في المحافظة عليه وعدم ارتداده بطريقةٍ عكسية. ذلك ما يحذر منه خبراء في الاستراتيجيا العسكرية كييف. فإذا استطاعت موسكو أن تتعافى من الصدمة وانتهجت أسلوب الحرب الموسعة بذكاء فستتمكن في ظرفٍ وجيز من تحويل "هزيمتها" في كورسك إلى انتصارٍ كبير.

وبحسب قراءةٍ تحليلية جديدة في صحيفة نيويورك تايمز الأميركية، فإنّ القوات الروسية "تعافت من الصدمة الأولية بعد أسبوعين من شن أوكرانيا هجومها المفاجئ في كورسك، وهي تحاول الآن استخدام الحرب المتوسعة لمصلحتها في ساحة المعركة".

ويرى تقرير نيويورك تايمز، الذي كتبه أناتولي كورماناييف، أنّ التقدّم الأوكراني السريع يُشكّل فرصةً للاستراتيجية الروسية لاستنزاف القوات الأوكرانية المحدودة بشكلٍ أكبر، وتحقيق مكاسب في مناطق أخرى من الجبهة.

إذا استطاعت موسكو أن تتعافى من الصدمة وانتهجت أسلوب الحرب الموسعة بذكاء فستتمكن في ظرفٍ وجيز من تحويل "هزيمتها" في كورسك إلى انتصارٍ كبير

ولفت التقرير إلى ما يكرره المحللون العسكريون الروس من تأكيدٍ أنّ "هذا النصر السياسي القصير الأجَل للرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، قد يتحول إلى هزيمةٍ إستراتيجية وفخ للجيش الأوكراني".

الاستنزاف

يرى المحلل الاستراتيجي البارز، فاسيلي كاشين، أنّ توسع الحرب إلى كورسك "سيُسهم في إطالة أمد حرب الاستنزاف التي تمتلك فيها روسيا موارد تفوق الجانب الأوكراني" من وجهة نظره.

وينقل تقرير نيويورك تايمز عن محللين سياسيين قولهم "إن الغزو الأوكراني قد يتسبب في تقوية قبضة الكرملين على السلطة بدلًا من إضعافها"، بخلاف ما أثارته وول ستريت جورنال هذا الأسبوع من تعرض بوتين لأزمةٍ قيادية.

فبحسب تاتيانا ستانوفايا ، وهي روسية مختصة في العلوم السياسية، فإنّ "غزو كورسك ضربةٌ لسمعة الكرملين، لكن من غير المرجح أن يؤدي إلى زيادةٍ كبيرة في السخط الاجتماعي أو السياسي بين السكان، ولن يؤدي إلى تمرد النخبة".

ووفقًا للمحللين السياسيين والاستراتيجيين فإن من بين الخيارات المتاحة أمام الجنرالات الروس: "محاولة تجديد حشد قوةٍ عسكرية لسحق تجمعات القوات الأوكرانية في كورسك، أو استخدام جهاز الطيران الحربي الروسي لضرب القوات وإجبارها على التراجع التدريجي".

تلاشي التهديدات الاستراتيجية

سيطرت أوكرانيا على ما يقرب من 1036 كيلومترًا مربعا من الأراضي الروسية بعد أسبوعٍ واحد من القتال، وتدّعي كييف أنّها أسرت المئات في جبهة كورسك، لكن مع توتر خطوط الإمداد الأوكرانية وسحب روسيا للتعزيزات، انخفضت وتيرة التقدم كثيرًا في الأسبوع الثاني، ولم تعد أوكرانيا، حسب تقرير نيويورك تايمز، تهدد أي أهدافٍ استراتيجية، مثل محطة كورسك النووية وعاصمة المقاطعة.

وعلى الرغم من أنّ أثر اجتياح كورسك على المدى البعيد لا يزال غير واضحٍ، فقد بات من المؤكد، حسب نيويورك تايمز، أنه وسّع جبهة القتال بمقدار نحو 155 كيلومترا إضافيًا، ما يعني زيادة الضغط على كلا الجانبين الروسي والأوكراني.

وتخلص القراءة التحليلية لنيويورك تايمز، استنادًا لمحللين روس، إلى أنّ توسع الحرب إلى مناطق جديدة سوف يصب في مصلحة الجانب الذي يتمتع بموارد أكبر، وهو بالطبع روسيا التي لديها 3 أضعاف عدد سكان أوكرانيا وقاعدةً صناعيةً أكبر من التي توجد لدى كييف.