18-سبتمبر-2024
نتنياهو وجدعون ساعر

يريد نتنياهو الحفاظ على ائتلافه الحاكم من خلال ضم ساعر إليه (رويترز)

بات مرجّحًا أن يتخلص رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو من وزير الأمن يوآف غالانت وتعيين جدعون ساعر محلّه. ويرتبط هذا التوجه بإراداةٍ من نتنياهو لخوض حربٍ ضدّ "حزب الله" في لبنان وتحصين حكومته من السقوط في حال انسحاب بن غفير منها لسبب من أسبابه الخاصة، فهذه السيناريوهات جميعها تقتضي من نتنياهو توسيع الحكومة بضم ساعر وحزبه "اليمين الوطني" إليها.

وتؤكّد أكثر من وسيلة إعلامية في إسرائيل أن قرارًا بتوسيع الحكومة وضمّ جدعون ساعر إليها قد يصدر في غضون يوم أو يومين على أبعد تقدير.

وبحسب العديد من المحللين الإسرائيليين، فإن تعيين جدعون ساعر لن يكون تغييرًا لمواقع وزارية فقط بل سيؤدي إلى التأثير في عدة ملفات أبرزها الملف الأمني والتعديلات القضائية وقضية تبادل الأسرى التي تعطّل حتى الآن نجاح مبادرة وقف الحرب.

وترى القناة 12 الإسرائيلية، أن رئيس الحكومة نفسه بنيامين نتنياهو بات معنيًا بإقالة وزير الأمن يوآف غالانت في المستقبل القريب، وبالتحديد قبل مغادرته لحضور الجمعية العامة للأمم المتحدة منتصف الأسبوع المقبل.

بات من شبه المؤكد أن نتنياهو سيقيل يوآف غالانت ويعين جدعون ساعر بدلًا منه على وزارة الأمن

وتحدثت وسائل إعلام إسرائيلية عن 4 تداعيات على الأقل لضم جدعون ساعر إلى الحكومة كوزير الأمن هي على النحو الآتي.

الاستمرارية الحكومية

لبقاء الحكومة التي يقودها نتنياهو حتى عام 2026، لا بدّ من القيام بتعديلات وزارية، على رأسها نقل الحقيبة الأمنية إلى جدعون ساعر، مع توقعات بأن يحصل زئيف إلكين على حقيبة وزير في مكتب رئيس الوزراء، وشاران حشكلال على منصب نائب وزير الخارجية في المرحلة الأولى.

وترجّح المعلومات القادمة من تل أبيب أن حزب "اليمين الوطني" الذي يقوده جدعون ساعر، سيبقى كحزب مستقل داخل الائتلاف، على أن يتم دمجه بعد ذلك مع حزب الليكود بزعامة نتنياهو.

التداعيات على قانون تجنيد الحريديم

ويصبّ انضمام جدعون ساعر إلى الحكومة الإسرائيلية في مصلحة اليهود الحريديم الذين يرفضون الالتحاق بالخدمة العسكرية. وتلفت صحيفة "يديعوت أحرنوت" إلى أنه بينما يريد نتنياهو تحقيق قانون تجنيد الحريديم ـ في أسرع وقت ممكن ـ بما يُرضي اليهود المتشددين، يطالب وزير الأمن يوآف غالانت بطرح قانون تُوافق عليه أحزاب المعارضة أيضًا، وفي مقدمتها معسكر الدولة برئاسة بيني غانتس، الأمر الذي سيجعل من الصعوبة تمرير قانون يستبعد معظم الشباب الحريديم من دوائر التجنيد، بحسب "يديعوت أحرونوت".

يشار إلى أنّ المحكمة العليا الإسرائيلية قرّرت في شهر حزيران/يونيو الماضي: "إلزام اليهود الحريديم المتدينين بالخدمة العسكرية"، الأمر الذي أثار غضبًا واسعًا  في صفوف الأحزاب الدينية وعلى رأسها حزبا "شاس" و"يهودوت هتوراه" الممثلين في حكومة  نتنياهو.

ولإرضاء هؤلاء، يسعى نتنياهو مع الأحزاب الدينية الممثلة في الحكومة إلى التخفيف من أثر قرار المحكمة العليا، عبر تمرير قانون في الكنيست يحد من تجنيد المتدينين اليهود، ولذلك تطلق عليه المعارضة "قانون التهرب" من الخدمة العسكرية.

يشار إلى أن وزير الأمن الحالي يوآف غالانت رفض مثل هذا القانون ما لم توافق عليه أحزاب المعارضة وعلى رأسها حزب "معسكر الدولة"، ولذلك تم وقف طرح مشروع القانون في الكنيست بانتظار تأكيد الحصول على أغلبية لصالحه بعد أن أعلن غالانت أنه سيصوت ضده.

وبإبعاد غالانت عن الحكومة وتوسيع الائتلاف الحاكم بضم جدعون ساعر إليه يجعل حصول القانون الذي ترفضه المعارضة على الأغلبية في الكنيست أمرًا يسيرًا.

وممّا يجعل نتنياهو حريصًا على تمرير القانون بأي ثمن هو الرسالة الحازمة التي تلقاها، حسب القناة الـ12، من الأحزاب الحريدية التي جاء فيها أنهم سئموا الانتظار، ويريدون تمرير قانون التجنيد، مطالبين بإقالة غالانت إذا أصر على أن يكون عقبةً أمام ذلك.

وتقول صحيفة "يديعوت أحرونوت" إن الأحزاب الحريدية خططت بالفعل "لتفكيك الحكومة خلال أشهر الشتاء بسبب قانون التجنيد، ويعتقدون أن استبدال غالانت بساعر الذي كان لليهود المتدينين تجربة جيدة معه بالماضي، خطوة مهمة في تحقيق هدفهم".

مآل التعديلات القضائية

يعدّ جدعون ساعر أحد المعارضين البارزين للتعديلات القضائية، وبالتالي سيؤثر دخوله إلى الحكومة تأثيرًا بالغًا على تلك التعديلات، حيث سيقف أمام إجراءات عزل المدعي العام الذي قام بترقيته خلال توليه منصب وزارة العدل عامي 2021 و2022، كما سيؤثر على اختيار القضاة.

وتتحدث وسائل إعلام إسرائيلية، في هذا السياق، عن اتفاقٍ بين نتنياهو وساعر يتضمن أن يحظى الأخير بحق النقض فيما يتعلق بالإصلاحات القضائية التي يسعى نتنياهو لتشريعها، حيث لن يتم تنفيذها إلا بموافقة كل الائتلاف.

ملف تبادل الأسرى

يعتبر أهالي الأسرى أن تعيين جدعون ساعر في الحكومة سيمثل ضربةً قاضية لصفقة التبادل مع "حماس"، ولذلك بادر مئات من أهالي الأسرى الإسرائيليين، الاثنين الماضي، إلى التظاهر أمام منزل ساعر في تل أبيب رفضًا لانضمامه إلى الحكومة، حيث يعتبر جدعون ساعر من الرافضين للصفقة المطروحة منسجمًا بموقفه ذلك مع  اليمين المتطرف في الحكومة بقيادة بتسلئيل سموتريتش وإيتمار بن غفير.

وسبق لصحيفة "هآرتس" أن نقلت عن أهالي الأسرى قولهم إنّ غالانت يعدّ ممثلهم الوحيد في الكابينت الإسرائيلي. لكن نتنياهو، حسب الصحيفة نفسها، يزعم أن "توسيع الحكومة" سيساعد عمليًا في التوصل إلى صفقة "تبادل الأسرى".

وتفسر "هآرتس" ذلك بالقول إنه إذا "زاد الائتلاف من 64 عضوًا إلى 67 أو 68، وقرر رئيس الوزراء الذهاب إلى اتفاق، فإن استقالة بن غفير وكتلته لن تسقط الحكومة". كما يعتقد نتنياهو بأن ساعر وكتلته إذا صوتوا ضد صفقة "تبادل الأسرى"، فإنهم لن يستقيلوا من الحكومة بخلاف بن غفير.