على مدى السنوات القادمة، يمكن أن تكون الطائرات المُسيّرة بدون طيار، واحدة من أكثر التقنيات المفصلية في المجتمع، والتي ستفيد كل قطاعات الاقتصاد تقريبًا. فيما يلي سنلقي نظرة على بعض أبرز تطوراتها، نقلًا عن صحيفة الغارديان البريطانية.
قد يبدو خليج أوسلو بالنرويج جميلًا، لكن تقبع أطنان من القمامة تحت سطحه الجميل، بما في ذلك عدد لا يحصى من السيارات غير المرغوب فيها. وقد أعلنت سلطة الميناء مؤخرًا، عن خططٍ لاستخدام طائرات مسيّرة بدون طيار تعمل تحت الماء لمسح الخليج بحثًا عن هذه القمامة، والتي سيقوم غواصون بشريون -وفي النهاية سفينة تعمل بالطاقة الكهربائية مزودة برافعة- بتنظيفها من قاع البحر.
تبلغ الآن قيمة السوق العالمية الناشئة لخدمات الأعمال المعتمدة على الطيارات بدون طيار، أكثر من 127 مليار دولار أمريكي
هذا هو أحدث مثال على كيفية الاستفادة من الطائرات المسيرة بدون طيار في جميع أنواع الصناعات والمهام، من الزراعة والتعدين، إلى البناء والنقل. وفي الواقع، تبلغ قيمة السوق العالمية الناشئة لخدمات الأعمال التي تستخدم الطائرات المسيرة بدون طيار الآن أكثر من 127 مليار دولار.
اقرأ/ي أيضًا: أول "تاكسي طائر" قريبًا.. مع أوبر أو "إير باص"
ومع وضع ذلك في الاعتبار، أنشأت شركة "PwC" فريقًا من المتخصصين في الطائرات المسيرة بدون طيار في بريطانيا، ترأسهم المديرة إليان وايتي، لمساعدة عملائها في الاستفادة من التقنية والبيانات التي تقدمها. إذًا، ما القطاع الذي تعتقد وايتي وفريقها أن هذه التقنية ستترك الأثر الأكبر؟
"يمكن أن تُحدث ثورة في خدمات الطوارئ"، تقول وايت، المهندسة السابقة في سلاح الجو الملكي البريطاني، مضيفة أن طائرات الاستجابة للحوادث المسيرة بدون طيار، يمكن أن تكون مشهدًا شائعًا فوق طرقات بريطانيا بحلول عام 2030. والتي ستشارك البيانات المباشرة من مشاهد الحوادث مع خدمات الطوارئ، حتى يعرفوا ما ينتظرهم عند وصولهم.
كما ستقوم الطائرة بدون طيار بتوثيق أدلة الحادث سريعًا، ما يقلل من الوقت المستغرق لتنظيف الطريق. "يمكن بيع هذه البيانات لشركات التأمين، والتي يمكن أن تقدم خدمات الطوارئ مع تدفق إيرادات جديدة"، حسبما تقول.
المساعدات الطبية
في رواندا، تنقذ الطائرات المسيَّرة بدون طيار الحياة حرفيًا، حيث استخدمتها شركة تدعى "زيبلاين" (Zipline)، في نقل أكثر من خمسة آلاف و500 كيس دم في جميع أنحاء البلاد على مدار العام الماضي، مما أكسبها لقب "أوبر للدم".
كما تُجري تجارب على استخدام طائرات بدون طيار لحمل أجهزة الصدمات الكهربائية وأجهزة الإنعاش. وقد وجدت إحدى الدراسات في السويد، أن هذه الطائرات المسيرة بدون طيار تصل في المتوسط أسرع بـ16 دقيقة من خدمات الطوارئ، وقد يشكل هذا الوقت الفترة الفاصلة بين الحياة والموت بالنسبة لشخص يعاني من السكتة القلبية.
تعزيز استخدامها في بريطانيا
يقدم تحدي نيستا للطيران المرتفع، الفرصة لخمس مدن ومناطق في بريطانيا، لمعرفة كيف يمكن أن تدعم تقنية الطائرات المسيرة بدون طيار الاحتياجات المحلية. وخلال الأشهر القليلة المقبلة، ستعرف برادفورد ولندن وبريستون وساوثمبتون وغرب ميدلاندز، كيف يمكن للطائرات المسيّرة بدون طيار دعم الخدمات العامة والفرص التجارية التي يمكن أن توفرها وموقف العامة تجاهها وأكثر من ذلك.
تقول جوان موراي، عضو فريق عمل الطائرات المسيرة بدون طيار في شركة "PwC"، إن "التحدي مثال رائع على تشارك السلطات المحلية والشركات المحلية في التفكير بشأن ما يريدون أن تبدو عليه سماءهم في المستقبل، وكيف يمكن أن تنجح الطائرات المسيرة بدون طيار معهم"، مضيفة: "على مدار السنوات القادمة، سيحتاج هذا الأمر إلى التوسُّع أكثر من ذلك، وإشراك أفراد من الجمهور في المشاورات الجارية مع تطور التقنية واللوائح".
ومن المتوقع أن تساعد المعايير الجديدة لبطارية الطائرات المسيرة بدون طيار في بريطانيا، والتي ستدخل حيز التنفيذ هذا العام، في تعزيز ثقة الجمهور في التشغيل الآمن والمكفول للطائرات بدون طيار داخل المدن، وإيجاد فوارق أوضح بين الاستخدام التجاري والاستخدام من باب الهواية.
سيارات الأجرة المستقبلية
تفتح تطبيقًا وتطلب توصيلة؛ وبعد دقائق تطير في السماء بواسطة طائرة بدون طيار مستقلة. ستحلق فوق حركة المرور الخانقة في الأسفل، وتصل إلى وجهتك في جزء ضئيل من الوقت الذي كانت ستستغرقه الرحلة إذا انتقلت برًا أو من خلال السكك الحديدية. وستكون تكاليف ركوبك أقل بكثير من رحلة طائرة هليكوبتر.
هذا هو مستقبل الحركة الجوية داخل المدن؛ على الأقل وفقًا لشركات مثل بوينغ ودايملر وإيرباص وأوبر. والتي تستثمر فيما بينها موارد كبيرة في ما تصفه أوبر بأنه "شكل جديد محتمل واسع النطاق للنقل الحضري"، وهي الطائرات المسيرة بدون طيار التي تقلع وتهبط عموديًا (VTOL). ولكن هل ستحدث سيارات الأجرة الطائرة هذه ثورة حقيقية في الطريقة التي نسافر بها؟
تقول موراي، إن "مفتاح نجاح استخدام الطائرات المسيرة بدون طيار على نطاق واسع، سواء أكان من قبل الهواة أو شركات الطيران؛ هو إنشاء نظام آلي لإدارة حركة المرور، والذي يمكّن من الاندماج الآمن للطائرات بدون طيار في المجال الجوي الحالي". وأضافت: "ذلك بجانب أن الجمهور يحتاج إلى الثقة في أي نظام جديد يتم تطويره؛ يجب أن يشعروا أن سلامتهم وخصوصياتهم لها الأولوية في أوقات التغير التقني حتى يتم قبول هذا التغيير".
المساعدة في الحالات الإنسانية ومشاكل البنى التحتية
تخطط شركة "زيبلاين" هذا العام، للعمل مع حكومة تنزانيا لإطلاق ما تقول إنه سيكون أكبر شبكة توصيل باستخدام طائرات بدون طيار في العالم. وتبعًا لهذه الخطة، فلن تنقل الشركة الدم فقط، ولكن أيضًا أدوية الإيدز ومضادات الملاريا، وأنابيب الأشعة فوق البنفسجية وغيرها من الإمدادات الطبية إلى أربع قواعد في تنزانيا.
كما يمكن استخدام الطائرات المسيَّرة بدون طيار لرصد حالات الطوارئ، مثل النازحين والفيضانات، وتوفير شبكة لاسلكية مؤقتة أو إشارة متنقلة لمناطق تتعافى من كارثة طبيعية. على سبيل المثال، وفرت طائرة "Flying COW" بدون طيار، التابعة لشركة "AT & T" خدمات الإنترنت والمكالمات والرسائل إلى بورتوريكو في أعقاب إعصار ماريا.
بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن توفر إمكانيات الطائرات المسيرة بدون طيار المتمثلة في الرصد والتقييم؛ ضمانات للمانحين حول مدى تقدم التبرعات المقدمة للمشروعات خارج الحدود. كما تُعد أداة قيّمة في مراحل التخطيط لمشاريع البنية التحتية في المناطق النائية أو الفقيرة، خاصةً عندما تكون المعلومات المتوفرة عن التضاريس قليلة.
السينما والتلفزيون
كان فيلم "Dheepan" الصادر عام 2015- أول فيلم يفوز بجائزة "بالم ديور - Palme d'Or" (أعلى جائزة في مهرجان كان السينمائي) يتضمن مشهدًا تم التقاطه بواسطة طائرة بدون طيار. ويُعد هذا الفيلم مثالًا على كيفية استبدال الطائرات المسيرة بدون طيار بسرعة، للطائرات الهليكوبتر في مواقع التصوير، ما يتيح لصانعي الأفلام فرصة التقاط لقطات جوية مذهلة بجزء بسيط من تكلفة استئجار طائرة هليكوبتر.
تقول وايتي عن هذا: "لا يدرك الناس مدى مساهمة الطائرات المسيرة بدون طيار في صناعة السينما وتغطية الأحداث الرياضية الحية. لا يرون كيف تُلتقط هذه الصورة. كل ما يرونه هو الصورة فقط".
وتقول موراي، إن الطائرات المسيرة بدون طيار "يمكن أن تضيف بعدًا إضافيًا إلى لقطات الأخبار، وذلك بفضل قدرتها على الاقتراب بسرعة من الحدث"، مضيفةً: "تتمتع الطائرة بدون طيار بمزايا إضافية تتمثل في كونها صغيرة نسبيًا مع كاميرا داخلية، وتوفر لقطات ثابتة دون الحاجة إلى معدات ثقيلة مثل الحامل ثلاثي القوائم".
بات للطائرات بدون طيار دور آخذ في الاتساع تدريجيًا، في العديد من المجالات كالسينما والمساعدات الإنسانية والبنية التحتية والاتصالات
نصفُ فريق مشروع طائرات "PwC" المسيرة بدون طيار، والمكون من ستة أشخاص، من النساء. عن هذا تقول وايتي، إن هناك حاجة للمزيد من القدوات لتشجيع الفتيات على ممارسة مهن في مجالات مثل مجالها. وأضافت: "تشير الإحصاءات إلى أنهن يقمن بهذه القرارات وهن صغيرات، في الفئة العمرية من 13 إلى 16 عامًا، ونحتاج لتشجيع المزيد منهن على إدراك أنه يمكنهن النجاح في هذا المجال".
اقرأ/ي أيضًا:
بفضل التطور التكنولوجي.. 3 أشياء لن يضطر إليها مواليد 2018 في المستقبل
روبوت جنسي بمفهومٍ جديد.. استكشاف الآفاق المثيرة للتكنولوجيا