لا يتوقف أدونيس عن كيل الشتائم لـ الربيع العربي على اعتبار أنه مفجر نكبات العرب، وهادم لِذّاتهم، وهم الذين كانوا يعيشون في بحبوحة فحوّلها إلى قحط وموت، وكأن فقراء العرب قبله يمضون سهراتهم في مرابع كازينو السلطات الحاكمة التي ترش عليهم ملايينهم المسروقة.
لا يتوقف أدونيس عن كيل الشتائم للربيع العربي على اعتبار أنه مفجر نكبات العرب
لماذا الربيع العربي متهم كما يقول أدونيس الكبير: "كانت الغالبيّةُ أكثرَ ميلًا للكفاح من أجل التقدّم والتحرّر، وهي اليوم، على العكس، أكثر ميلاً للخضوع إلى "عقليّة" التخلّف والتراجع. تركيا المثل الأوّل.. السودان مثلٌ آخر". نعم كانت الأغلبية تكافح لكي تلتقط رزقها من فتات الموائد، ومن مزابل الاشتراكية والعلمانية التي زادتهم فقرًا، ولهذا كان دخل المواطن العربي لا يتعدى 100 دولار في أغلب دول العالم العربي المزعومة.
اقرأ/ي أيضًا: عن أدونيس المنتحل والمكرّم
الكذبة المفضوحة التي يعرضها أدونيس عن سلبيات الربيع العربي - في مقاله بجريدة الحياة "مقدّمة لفهرسٍ سياسيٍّ آخر" - وتثير الضحك: "كان العرب أكثرَ سيطرةً على ذواتهم وأدواتهم وثرواتهم، فصاروا اليوم أكثر قربًا إلى ما يناقض هذا كلّه. صارت "ذاتُهم" لغيرهم، إذا تكلّمنا بلغة الفارابي: صاروا أدواتٍ وآلات".
هل سمعتم وقرأتم ما يردده أدونيس والذي يدفعكم للسؤال: أين يعيش هذا المثقف المفصوم؟
وأما ما هدمه الربيع العربي هو حالة الصفاء العلمي والإبداعي الذي كان يعيشه العربان الغارقون في بحر التخلف: "الحضور العربيّ، اليوم، في العالم لا يقوم على التفرُّد العلميّ أو التّقنيّ أو الأخلاقيّ، وإنّما يقوم، بالأحرى، على "الثّروات" والفضاء الاستراتيجيّ، والعدد السكّانيّ"، تسأل بحزن: من أيقظ هذا الكائن من موته؟
ولأن الأمة العربية قبل ربيعها كانت قائمة موحدة ومستقلة، وذات قرارات سيادية خالصة لا تأتمر بأحد، وتصارع الأمم الكبرى في السياسة وحقوق الإنسان فقد فعلها الربيع القاتل: "أكّدَت ثورات الربيع العربيّ أنّها تهديمٌ ذاتيّ وتبعيّة شبه عمياء. بحيث بدا، تاريخيًا، أنّ العالم العربيّ ليس موجودًا على خريطة العالم إلاّ بوصفه يأكل بعضُه بعضًا وبوصفه تابعًا، وبوصفه هوَسًا سلطويًّا لا يترك أيّ مجالٍ حقيقيّ لحقوق الإنسان الفرد وحرّيّاته. ولا مكانَ فيه إلاّ لهذا الثّنائيّ: الآمِر والمأمور، المالِك والمملوك، السيّد والعبد"، بالله عليكم في أي زمن عربي يعيش المدعو أدونيس؟
بحسب أدونيس، الربيع العربي رذيلة وفاحشة بحق الشباب العربي
اقرأ/ي أيضًا: أدونيس.. "تنويريّ" الرجل الأبيض!
رذيلة وفاحشة كبرى ارتكبها الربيع العربي بحق الطاقات الشبابية والإنسانية المبدعة المتفوقة، وأن هذا الخزان البشري العظيم للطاقات التي كانت تستثمره وترعاه الأنظمة العربية أطاح به هذا الربيع ومزقه: "أكدَتْ هذه الثورات، على رغم هذا كلِّه، أنّ العالَم العربيّ خزّانٌ بشريٌّ عظيمٌ للطّاقات الإنسانيّة الفرديّة الخلاّقة في جميع الميادين. وأنّ هذه الطّاقات تتفوّق على أقرانها، أحيانًا، في مختلف بلدان العالم. لكن لا سبيل لها، لكي تحيا بحرّيّة إلاّ الهجرة: كأنّها، على نحْوٍ مفارقٍ، لا تتعرّب ما لم تتغرّب"، ولكن لماذا لم يجرؤ هذا المثقف العالمي على قول حقيقة واحدة في أن من مسخ كل هذه الأجيال كانت سلطات القمع التي لا تريد إلا جيلًا من العسكر يحمي كراسيها، وجماهير فقط تجييد التصفيق والهتاف.
فهرس السياسة الجديد لأدونيس الكبير لا تستطيع أن تكمله، خصوصًا بعد أن يفرد في نهايته قماءاته اللغوية... مجرد مذعور أعمى أراد أن يصرخ فتغوط.
اقرأ/ي أيضًا: