ألترا صوت - فريق التحرير
هذه المساحة مخصصة، كل أربعاء، لأرشيف الثقافة والفن، لكل ما جرى في أزمنة سابقة من معارك أدبية وفنية وفكرية، ولكل ما دار من سجالات وأسئلة في مختلف المجالات، ولكل ما مثّل صدوره حدثًا سواء في الكتب أو المجلات أو الصحف، لكل ذلك كي نقول إن زمن الفن والفكر والأدب زمن واحد، مستمر دون انقطاع.
استقبلت فلسطين، في الرابع والعشرين من آذار/ مارس 2002، وفدًا من "البرلمان العالمي للكتّاب" الذي ضمّ عددًا من أشهر الكتّاب في العالم، من بينهم: الروائي النيجيري وول سوينكا الحائز على جائزة نوبل للآداب لعام 1986، والروائي البرتغالي جوزيه ساراماغو الحائز على جائزة نوبل للآداب لعام 1998، باﻹضافة إلى الشاعر والروائي الجنوب أفريقي برايتن برايتنباخ، والروائي اﻹسباني خوان غويتيسولو، والروائي اﻹيطالي فيتشنتزو كونسولو، والشاعر الصيني بي داو، جنبًا إلى جنب الروائي اﻷمريكي راسيل بانكس، رئيس "البرلمان العالمي للكتّاب"، والكاتب الفرنسي كريستيان سالمون، سكرتير البرلمان، والمؤرخ الفلسطيني المقيم في فرنسا إلياس صنبر.
ساراماغو: أفضل أن أكون ضحية للدعاية الفلسطينية الرخيصة، بدلًا من أن أكون متعاونًا مع الدعاية اﻹسرائيلية المكلفة جدًا
جاءت الزيارة التي شملت الضفة الغربية وقطاع غزة، بالتنسيق مع "مجلة الكرمل" ورئيس تحريرها الشاعر الفلسطيني الراحل محمود درويش، تعبيرًا عن التضامن مع الشعب الفلسطيني، وكفاحه من أجل الحرية والاستقلال، لا سيما وأن البرلمان العالمي للكتّاب أصدر، في السادس من آذار/ مارس 2002، قبل الزيارة بوقتٍ قصير، نداءً أكد فيه أن: "إنهاء الاحتلال واستئناف المفاوضات هما الوسيلتان الوحيدتان للوصول إلى سلامٍ دائم"، وعبّر من خلاله عن: "تضامنه مع جميع المدنيين المتضررين"، مطالبًا بتوفير حماية دولية لهم تحت رعاية اﻷمم المتحدة.
اقرأ/ي أيضًا: أرشيفنا الثقافي: تعرّف على أبرز العناوين التي صدرت في "سلسلة روايات عالمية"
وأجمع أعضاء الوفد، في مؤتمرٍ صحفيٍ عُقد في مقر "المركز الفلسطيني لحقوق اﻹنسان" في قطاع غزة، على أن ما رأوه خلال زيارتهم لعددٍ من مناطق القطاع، من آثارٍ خلفتها ممارسات جيش الاحتلال اﻹسرائيلي وآلته التخريبية، كان مدهشًا، بل وصادمًا، بالنسبة إليهم. وباسم جميع أعضاء الوفد، قال رئيس "البرلمان العالمي للكتّاب"، راسيل بانكس، خلال المؤتمر: "نحن هنا لنعبّر عن عميق تعاطفنا مع الشعب الفلسطيني، نحن هنا من أجل كل أولئك الذين يموتون وتدمر حياتهم بشكل يومي من خلال السياسات التي تنتهجها الحكومة اﻹسرائيلية". وأضاف بانكس: "شخصيًا، تفاجأت مما رأيته، فأنا هنا مدة يومين فقط، وما رأيته من ممارسات وحماقات كثير جدًا".
وأشار الكاتب اﻷمريكي خلال حديثه إلى المستوطنات اﻹسرائيلية التي وصفها بأنها: "منظمة ومرتبة، ولكنها يقينًا، كانت بلا أية علاقة مع جغرافيا المكان". مؤكدًا في ختام كلمته بأنهم جميعًا، كوفد، وعلى اختلاف جنسياتهم وهوياتهم وتوجهاتهم، جمعهم واجب أخلاقي دفعهم إلى زيارة المنطقة بهدف إبداء تضامنهم مع الشعب الفلسطيني: "أنتم لستم وحدكم، هذا ما أريد قوله للفلسطينيين".
أما الروائي البرتغالي جوزيه ساراماغو، فقد أشار خلال المؤتمر، وردًا على ما قاله أحد أعضاء حكومة الاحتلال بأنه وقع ضحية للدعاية الفلسطينية الرخيصة، إلى أنه يفضل أن يكون: "ضحية للدعاية الفلسطينية الرخيصة، بدلًا من أن أكون متعاونًا مع الدعاية اﻹسرائيلية المكلفة جدًا". وحول مقارنته بين ما يجري في اﻷراضي الفلسطينية المحتلة، ومعسكرات اﻹبادة النازية في "أوشفيتس"، قال ساراماغو: "ما قلته قلته بالفعل، ولو أن كلمة "أوشفيتس" هي التي صدمت البعض، يمكنني أن استبدلها بكلمة أخرى، يمكنني أن أقول جرائم ضد اﻹنسانية، وأنتم اختاروا من اللفظين ما تريدون، إما "أوشفيتس"، وإما جرائم ضد اﻹنسانية". وأضاف الكاتب البرتغالي: "بالنسبة لي، التعبير ليس هو المهم، المهم هو المضمون".
عبّر وفد البرلمان العالمي للكتّاب خلال زيارتهم إلى فلسطين، عن تضامنهم مع الفلسطينيين وكفاحهم من أجل الحرية والاستقلال
وحول مجمل انطباعاته حول الزيارة، قال جوزيه ساراماغو: "قد يعتبرونها دعاية مغرضة، أما أنا فلم أكن أعلم بأن الطفل الفلسطيني الذي هُدم بيته كان واجبًا عليه أن يبحث بين اﻷنقاض عن كتبه وألعابه، لم أكن أعرف بأنه من العادي أن تزين واجهات المنازل الفلسطينية بالرصاصات اﻹسرائيلية، لم أكن أعرف بأنه من أجل تحقيق الحماية للعشرات، تُصادر اﻷراضي الزراعية أو تُدمر ويتم تجريفها، لم أكن أعلم بأنه من أجل توفير اﻷمن للبعض على المئات أن ينتظروا على الحواجز ليعودوا إلى بيوتهم منهكين، هذا إذا عادوا أصلًا".
اقرأ/ي أيضًا: عاموس عوز في يوم رحيله.. الصهيوني الذي تشتهيه إسرائيل
أثارت تصريحات جوزيه ساراماغو غضب الحكومة اﻹسرائيلية ومؤيديها، بما فيهم الكاتب اﻹسرائيلي الشهير عاموس عوز، الذي هاجم ساراماغو على اعتبار أنه: "ساوى بين الاحتلال اﻹسرائيلي وبين الجرائم التي ارتُكبت في أوشفيتس.. هذه هي المساواة المفضلة هذه اﻷيام عند كل اللاساميين"، وفقًا لما ذكره عوز الذي اتهم، في مقولته هذه، الروائي البرتغالي بأنه "لاسامي". بل وأكثر من ذلك، اتهمه بأنه: "مجند لخدمة نظام الدعاية التوتاليتارية لعرفات".
اقرأ/ي أيضًا:
"وثائق باندورا".. ماريو بارغاس يوسا مالكًا رئيسيًا لشركة "أوفشور"