يواصل الاحتلال الإسرائيلي حملة الإبادة الجماعية على قطاع غزة، وذلك لليوم الـ355 على التوالي، حيث وارتفع عدد الشهداء منذ بدء العدوان على غزة إلى أكثر من 41467 ألف فلسطيني وفلسطينية، جلّهم من النساء والأطفال، فضلًا عن إصابة أكثر من 95921 ألف آخرين، ناهيك عن آلاف الضحايا الذين ما زالوا تحت الركام أو في الطرقات، ولا تستطيع طواقم الإسعاف والإنقاذ الوصول إليهم.
وفي وقت يمثل بالنسبة لكل أطفال العالم فرصة الاحتفال بالعام الدراسي الجديد، تختلف الأوضاع في قطاع غزة المحاصر، والذي استهدف فيه الاحتلال كافة تفاصيل الحياة، من بنى تحتية ومساكن، ولم تكن المدارس مستثناة من قصف قوات الاحتلال، فبات مئات الآلاف من الطلاب محرومين من التعليم في هذا القطاع المحاصر، وهو أمرٌ لا يقل أهمية عما يعانونه من أمراض تفتك بهم وسوء التغذية.
إلا أن هذا الواقع المؤسف لم يحدث مع بداية العدوان الإسرائيلي في السابع من تشرين الأول/أكتوبر فحسب، بل كانت الأمور سيئة للغاية قبل ذلك، بسبب الحصار المفروض على القطاع منذ سنوات، ما أثر على سلامة الأطفال الغذائية.
قبل بداية العدوان على غزة، اعتمدت 84% من الأسر على المساعدات الغذائية، وثلاثة من كل أربع آباء كانوا قلقين بشأن عدم تأمين قوت أسرهم من الطعام
ففي دراسة صدرت مؤخرًا لمجلة لانسيت للصحة العالمية، ونقلت مقتطفات منها وكالة الأونروا، ظهرت معاناة الأهالي في غزة وكفاحهم من أجل تأمين القوت اليومي للأطفال، حيث شملت الدراسة الأطفال الذين يستعدون لدخول عامهم الدراسي الأول، أي أولئك الطلاب الذين سينشطون بالصف الأول للعام الدراسي 2023-2024، وأظهرت هذه الدراسة العديد من الأرقام الصادمة المتعلقة بالسلامة الغذائية.
الدراسة وجدت أن أكثر من نصف تلاميذ الصف الأول الجدد لم يتناولوا وجبة الإفطار أو العشاء كل يوم، بما في ذلك ثلثي الأطفال في أكثر الأسر انعدامًا للأمن الغذائي، وجاء في الدراسة: "لم يكن أطفال غزة مستعدين غذائيًا لتحمل حتى الأشهر القليلة الأولى من نقص الغذاء. ومنذ ذلك الحين، شهدنا زيادات مقلقة في سوء التغذية والمرض والوفاة".
ووجدت الدراسة أن ثلاثة من كل أربعة آباء كانوا قلقين بشأن عدم حصول أسرهم على ما يكفي من الطعام، أو نفاد الطعام، أو تناول وجبات رديئة الجودة، أو الحاجة إلى تخطي وجبات الطعام. واعتمد حوالي 84% المائة من الأسر على المساعدات الغذائية، والتي توفر شريان الحياة الأساسي لأطفال القطاع حسب الدراسة، ومع ذلك فإن 4.5 في المائة منهم كانوا نحيفين للغاية، ونحكي عن أولئك الذين كانوا سيدخلون المدرسة من مرحلة الصف الأول.
قبل بداية العدوان على غزة، كان طفلًا من كل 3 تشملهم الدراسة يعاني من فقر الدم، وكان العديد من الأطفال يعانون من النحف
ووجدت الدراسة أيضًا أن معظم وجبات الأطفال تفتقر إلى الأطعمة المغذية مثل اللحوم والحليب والبيض والخضروات والفواكه. وكان هذا صحيحًا بشكل خاص بالنسبة لـ 40 في المائة من الأطفال في الأسر الأكثر انعدامًا للأمن الغذائي، وهي نتيجة محتملة لعدم قدرتهم على الوصول إلى هذه الأطعمة الأساسية. وعلاوة على ذلك، كان ما يقرب من واحد من كل ثلاثة أطفال يعانون من فقر الدم، ويرجع ذلك على الأرجح إلى نقص الأطعمة الغنية بالحديد والعناصر الغذائية الأخرى.
ونقلت مجلة لانسيت عن ماساكو هورينو، عالمة الأوبئة الغذائية والمحققة الرئيسية في الدراسة أن "هذا المسح أصبح بشكل غير متوقع آخر ملف تعريف لصحة الأطفال وحالتهم التغذوية قبل الصراع، وفي حين بدا معظم الأطفال طبيعيين في الحجم، كان العديد منهم نحيفين بعض الشيء، ومصابين بفقر الدم، ويفتقرون إلى الوصول اليومي إلى نظام غذائي مغذي".