بالرغم من مرور أسبوع تقريبًا على جنوح السفينة العملاقة "إيفير غيفين"، الأمر الذي أدّى إلى إقفال مجرى قناة السويس، وبالتالي تعطّل الملاحة الدولية، فإن الحديث عنها بقي الشغل الشاغل لملايين المتابعين والناشطين في مصر والعالم. وقد توقّف المحلّلون بشكل خاص عند تعامل الإعلام المصري مع القضية منذ اللحظة الأولى، والأخبار المضلّلة التي نشرتها المواقع المصرية الموالية للنظام حول أن الأزمة لن تستمر إلا ليوم واحد، وبأن الفرق المصرية تمتلك المعدّات اللّازمة لتحرير السفينة وإعادة فتح الطريق أمام آلاف السفن العالقة وبسرعة عالية.
حاول نظام السيسي الاستفادة من عملية تعويم السفينة إيفر غيفين وتصويرها كانتصار له، بينما طالت السخرية، مصريًا وعالميًا، الأداء المصري الرسمي طوال فترة الأزمة
وبدأت أنباء نجاح تعويم السفينة الجانحة صباح الاثنين 29 آذار/مارس 2021، وعودة حركة الملاحة إلى طبيعتها، مع محاولة النظام المصري الاستفادة من عملية التعويم وتصويرها كانتصار له، في وقت تشهد مصر مصائب يومية معظمها بسبب الإهمال والتقصير والفساد الذي ينتشر في البلاد، وآخرها كان حادثة تصادم القطارين في سوهاج، وحادثة سقوط مبنى سكني في جسر السويس.
اقرأ/ي أيضًا: حساب نيكولاس مادورو في فيسبوك قيد التجميد بسبب دواء مزعوم لكوفيد-19
وفي الوقت الذي كانت الجهات والمواقع الإعلامية المصرية المؤيّدة للنظام تشيد بالجهود المحلية التي أدّت إلى تحرير السفينة، شهدت صفحات التواصل الاجتماعي حملة واسعة من فنانين ومشاهير من مصر والعالم العربي، انطلقوا من عملية تعويم السفينة، لإعادة التملّق والتزلّف لنظام السيسي، وتصوير العملية كأنها إنجاز تاريخي، في وقت كانت صور عمليات الإنقاذ في الأيام الأخيرة تتحول إلى مواد للسخرية والتندّر، في ظل استخدام الموارد والآلات البدائية لحل مشكلة بهذا الحجم.
على سبيل المثال، أحد الحسابات من بريطانيا نشر صورة لكلب وهو يحاول القيام بعملية الحفر لفتح الطريق أمام السفينة بعد فشل القطة بذلك ( في إشارة إلى نوع الجرافة).
وعلى هامش قضية السفينة الجانحة، استخدمت سلسلة مطاعم برغر كنغ في تشيلي صورة شطيرة همبرغر عالقة مكان السفينة، في تلميح إلى ضخامة حجمها كنوع من الترويج، لكن الأمر أثار غضب بعض الناشطين، فأطلقوا حملة للمطالبة بمقاطعة السلسلة، بسبب ما رأوه سخرية من الكارثة، فيما أعتبر آخرون أن الأمر مجرد مزحة، وأن صحيفة اليوم السابع التي سلّطت الضوء على الخبر، حاولت خلق بلبلة للتعمية عن المشاكل الحقيقية، حتى أنها لم تورد التفاصيل الكاملة عن الإعلان المعني واعتبرت أن دعوات المقاطعة هي حملة ضخمة.
أحد الحسابات توجّه ساخرًا إلى السفينة بعد تعويمها، وشكرها لأن الأزمة جعلت المصريين يعرفون أن قناة السويس تؤمن للخزينة المصرية مليارات الدولارات سنويًا، بدون أن يعرفوا أين تذهب هذه الأموال، وقال لها "روحي بلا رجعة". فيما توقّف أحد الحسابات عند مفارقة احتفال المصريين بتعويم السفينة، في الوقت الذي مات مواطنون أبرياء بحادثة القطار قبل يومين فقط.
وضمن السياق نفسه، قال إسلام منصور إنه يجب التحرّك لإيقاف مشروع سد النهضة، بدل التلهي بانتصارات زائفة، إذ أن الشركة التي عوّمت السفينة هي من هولندا، بعكس ما يحاول تصويره إعلام النظام.
وقال محمد فكري إن الأهم من تحرير سفينة "إيفير غيفين" في قناة السويس، هو تحرير مياه نهر النيل من سدّ النهضة، وتحرير مصر من حكم العسكر. وقال بيري أحمد إنه بعد حادثتي سوهاج وانهيار مبنى جسر السويس، تحاول السلطة تلميع صورتها من خلال تضخيم عملية تعويم السفينة، وتضخيم فوز المنتخب المصري على منتخب جزر القمر المتواضع في منافسات كرة القدم، وكأن المشاكل حُلّت، وكأنّ قلوب المصريين المحروقة على فراق أحبتهم ستبرد.
اقرأ/ي أيضًا:
مطالبات مصرية برحيل السيسي بعد حادث سوهاج وانهيار مبنى جسر السويس
حوادث القطارات في مصر.. "روتين" الإهمال