كل صباح، تتزاحم أنواع الأسماك المختلفة في أسواق السمك في مدينة عدن، جنوبي اليمن، وحتى مع حلول المساء لا تخلو الأسواق من السمك. تزايدٌ ملحوظ في كميات الأسماك في خليج عدن، في ظاهرة هي الأولى من نوعها منذ سنوات، وقد أدت إلى انخفاض كبير في أسعار بيع الأسماك، لكن الركود الاقتصادي تواصل في السوق السمكي في عدن، خصوصًا وأن الكثير من العمال والصيادين -الذين كانوا يشغلون وظائف عديدة في شركات الاصطياد التجارية- قد تم تسريحهم مؤخرًا.
تزايدٌ ملحوظ في كميات الأسماك في خليج عدن، في ظاهرة هي الأولى من نوعها منذ سنوات، وقد أدت إلى انخفاض كبير في أسعار بيع الأسماك
اقرأ/ي أيضًا: الثروة السمكية في مصر إلى زوال
في هذا السياق، يقول أنور عبد القادر، الأمين العام لجمعية الصيادين لعموم محافظة عدن، لـ"الترا صوت": إن "الصراع بين مسلحي جماعة الحوثي وصالح من جهة والمقاومة الشعبية والجيش الوطني من جهة أخرى أدى إلى إغلاق أسواق محافظات ومدن كثيرة في اليمن، منها "تعز" و"إب " و"ذمار" وأجزاء من أسواق "العاصمة صنعاء"، ما ساهم في تراكم الأسماك في أسواق عدن، حيث إننا لا نقدر على التصدير إلى تلك المناطق ولا إلى خارج اليمن".
ويضيف أنور: "كنا في السابق نصدر يوميًا ملايين الأسماك، وكانت تحتل الصادرات السمكية المرتبة الأولى في الصادرات الوطنية غير النفطية بنسبة 40%"، وهو ما يؤكده محمد الهادي، الأمين العام لجمعية الصيادين، في خليج مديرية صيرة، الذي أوضح لـ"الترا صوت": "مئات الأطنان من الأسماك يوميًا تفسد مؤخرًا على أرصفة الأسواق والشواطئ في عدن بسبب عدم توفر ثلاجات كافية لحفظ السمك من الحرارة وقد تطور تلف الثروة السمكية بشكل سلبي بعدما تم تدمير الثلاجة المركزية التابعة لوزارة الأسماك بفعل الحرب، وقد وفرت الجمعية بإمكانياتها البسيطة سبع ثلاجات لخليج مديرية صيرة لكنها لم تكف".
اقرأ/ي أيضًا: السمك في موريتانيا.. الثروة المستنزفة
منذ عشرة أشهر، انتهت الحرب في مدينة عدن لكن لا يزال الوضع الأمني مضطربًا، يقلق السكان ويمنع الكثير منهم من الذهاب إلى أسواق السمك، بحسب المواطن علي حمود، والذي يؤكد أن "انتشار الجماعات المسلحة والتفجيرات والاغتيالات، التي أصبحت ظاهرة شبه يومية، تحول بينه وبين ارتياد سوق السمك"، ويضيف: "منذ وقت طويل لم أستطع الخروج برفقة أسرتي في نزهة بسبب الوضع الأمني المقلق وهو الأمر ذاته الذي منع أطفالي عن الدراسة لعدة أسابيع، ونحن نتسوق من الدكاكين القريبة من المنزل لأن الأسواق والتجمعات أصبحت أماكن خطيرة ومستهدفة".
ينتظر الصيادون في عدن المساعدات الدولية المقدرة بـ4 ملايين دولار والمقدمة لإصلاح وترميم المناطق الساحلية وقرى وتجمعات الصيادين
ويقول الصياد سميح زيد، لـ"الترا صوت"، إنه "كان يتحصل أثناء توافد السكان بكثرة إلى سوق السمك على ما يزيد عن المائة دولار يوميًا أما الآن فمكسبه يتفاوت ما بين 10 و50 دولار لا أكثر يوميًا". يرى الصيادون أن سبب توفر السمك بكثرة في شواطئ عدن يعود إلى توقف شركات الصيد الصناعي الأجنبية عن الاصطياد في خليج عدن منذ فترة طويلة، ما جعل ملايين الأسماك يوميًا في شباك وقوارب الصيادين المحليين فقط. ورجح بعضهم الأمر إلى دخول فصل الصيف والذي تكون فيه الرياح البحرية عادة هادئة وتسمح لتجمعات الأسماك بالخروج من العمق والاقتراب نحو الشاطئ.
وينتظر الصيادون المساعدات الدولية المتوقعة والمقدرة بـأربعة ملايين دولار والمقدمة لإصلاح وترميم المناطق الساحلية وقرى وتجمعات الصيادين، ويأملون أن تلبي احتياجاتهم من قوارب صيد كبيرة ومعدات اصطياد جديدة، وأن تستوعب إصلاح وتجديد مواقع إنزال الأسماك، والتي تضررت بفعل إعصار تشابالا، الذي ضرب الشريط الساحلي الجنوبي لليمن قبل بضعة أشهر، وكبد الصيادين خسائر كبيرة.
اقرأ/ي أيضًا: