"في منتصف نيسان/أبريل الفائت، وصل الدكتور عدنان البرش إلى القسم 23 في سجن عوفر. أحضر حراس السجن البرش إلى القسم في حالة يرثى لها، كان من الواضح أنه تعرض للاعتداء بإصابات حول جسده. كان عاريًا في الجزء السفلي من جسده، ألقاه حراس السجن في منتصف الفناء وتركوه هناك. لم يتمكن الدكتور عدنان البرش من الوقوف. ساعده أحد السجناء ورافقه إلى إحدى الغرف، وبعد دقائق قليلة، سُمع صوت السجناء يصرخون من الغرفة التي دخلوها، معلنين أن الدكتور عدنان البرش استشهد".
كان ذلك جزء من شهادة لأحد المعتقلين السابقين في سجن عوفر، والذي روى شهادته لشبكة "سكاي نيوز" البريطانية، يحكي فيها عن اللحظات الأخيرة من حياة الطبيب الشهيد عدنان البرش.
روى أحد الأسرى السابقين اللحظات الأخيرة من حياة الطبيب الشهيد عدنان البرش، وتبيّن هذه الرواية نموذجًا عما يعانيه الأسرى الفلسطينيون في سجون الاحتلال
الشبكة استعرضت في تقرير لها حكاية الدكتور عدنان البرش، جراح العظام الذي كرس حياته لمداواة جراح العدوان على غزة، وإنقاذ ما يمكن إنقاذه من الجرحى الفلسطينيين، فهو إنسان نذر نفسه لخدمة أبناء وطنه في أحلك الظروف، لكن نهاية قصته كانت شبيهة بنهاية قصص الآلاف منهم، فقد استشهد بشكل مأساوي.
استمعوا إلى الطبيب الإنسان عدنان البرش @DrBursh ابن مدينة جباليا ورئيس قسم العظام في مستشفى الشفاء، هذا العالم العظيم قتلته إسرائيلي داخل سجونها بعد اعتقاله من مستشفى العودة خلال الاجتياح.. إلى رحمة الله يا دكتور pic.twitter.com/dVvvwInMNp
— Yasser (@Yasser_Gaza) May 2, 2024
كان الدكتور البرش من أبرز جراحي العظام في غزة، واشتهر بمهارته العالية وتفانيه في عمله. عمل لسنوات في مستشفى الشفاء، أكبر مستشفيات القطاع، حيث كان شاهدًا على مآسي لا حصر لها وأحد أبطالها في التصدي لها. في عام 2018، انتشرت صورة له وهو مغطى بالدماء في غرفة العمليات، مما عكس حجم المسؤولية التي تحملها لإنقاذ الأرواح وسط الأزمات.
عندما بدأ العدوان على غزة، كرّس الدكتور البرش كل وقته وجهده للعمل في مستشفى الشفاء، حيث واجه نقصًا كارثيًا في الوقود والمستلزمات الطبية وحتى الطعام. ورغم الانفجارات التي دوت من حوله، أصر على البقاء في المستشفى، ليس فقط لمعالجة الجرحى، ولكن أيضًا للمشاركة في حفر المقابر الجماعية للضحايا، وفق ما أظهرته صور عرضتها "سكاي نيوز"، بعضها مأخوذ من هاتفه المحمول، والذي احتوى على لقطات وثقها عدنان البرش بنفسه.
لم تكن مآسي الحرب لتقف عائقًا أمام عزيمته، لكنه وقع ضحية قسوة أخرى. بعد استيلاء قوات الاحتلال على مستشفى الشفاء، انتقل الدكتور البرش للعمل في مستشفيات أخرى شمال القطاع، حيث استمر في تقديم الرعاية للجرحى رغم المخاطر.
وفي كانون الأول/ديسمبر 2023، اعتقلته قوات الاحتلال خلال محاصرة مستشفى العودة، تم أخذه مع مجموعة من الرجال الآخرين وسط ظروف قاسية، واتهم بتقديم الرعاية الطبية للمرضى، وهو أمر يتعارض مع نهج الإبادة الجماعية الذي تتخذه قوات الاحتلال منذ أكثر من 400 يومًا.
بعد اعتقاله، نُقل الدكتور البرش إلى سجون الاحتلال، حيث تعرض لانتهاكات جسدية ومعاناة مروعة. وبحسب شهود لسكاي نيوز، وصل إلى سجن عوفر في حالة صحية متدهورة، حيث تُرك في الفناء مكبلًا، وكان من الواضح أنه تعرض للاعتداء بإصابات حول جسده، كان عاريًا في الجزء السفلي من جسده، وفق شهادة أحد الأسرى السابقين الذين كانوا حاضرين لهذا المشهد المؤلم.
يواصل الشاهد حديثه لشبكة "سكاي نيوز": "ألقاه حراس السجن في منتصف الفناء وتركوه هناك، لم يتمكن الدكتور عدنان البرش من الوقوف، ساعده أحد السجناء ورافقه إلى إحدى الغرف، وبعد دقائق قليلة، سُمع صوت السجناء يصرخون من الغرفة التي دخلوها، معلنين أن الدكتور عدنان البرش استشهد".
ترك الدكتور عدنان البرش إرثًا يتجاوز مهنته كجراح، كانت حياته شهادة على قوة الإرادة والإنسانية في مواجهة الظلم. قالت زوجته ياسمين للشبكة البريطانية: "كان نور حياتي وفقدته".