التغير في مستقبل الوظائف.. تراجع أدوار ووظائف جديدة
يكثر الحديث في الآونة الأخيرة، حول كيف أن الذكاء الاصطناعي سيحل محل الكثير من الوظائف، وسيلغي الدور البشري فيها؛ الأمر الذي يشكل تهديدًا سواء بشكل مباشر وقريب أو غير مباشر وعلى المدى البعيد، مما جعل الكثيرين في حالة ذعر وقلق حول تزايد البطالة وفقدان الوظائف. فمع تزايد التكنولوجيا، يبدو أن معظم وظائف المستقبل مرتبطة بالصناعة وبالتكنولوجيا، ولكن هل هذا صحيح بالضرورة؟ هل ستختفي جميع المهن التقليدية؟ والإجابة مباشرةً لا، لن تختفي كل المهن التقليدية، ولكنها ستكون بشكل مختلف أكثر تطورًا وتتغير كثيرًا. والشيء الوحيد الذي يمكن تأكيده هو تغير الطلب في سوق العمل على وظائف معينة دون غيرها. وفقاً لتقرير مستقبل الوظائف لعام 2023 سيعمل البشر والآلات نفس عدد الساعات تقريبًا بحلول عام 2025، إذ ستؤدي الأتمتة إلى إلغاء ما يقرب من 85 مليون وظيفة، ولكنها في الحقيقة إما مسميات مكررة أو وظائف يدوية مثل عمال التجميع في المصانع والمحاسبين.
ولفيروس كورونا المستجد (COVID-19) كذلك تأثير كبير في هذه التغييرات الحاصلة في سوق العمل والطلب على مهن ما دون غيرها، وكذلك الثورات المستدامة والتحسينات التكنولوجية أدت إلى تعطيل العمل في المقر، وجعل المهارات الرقمية ضرورية للناس للاستعداد للمستقبل. وعليه تضطر الشركات إلى توسيع نطاق العمل عن بعد ورقمنة وأتمتة معظم العمليات. التي ستجلب بدورها مجموعة كبيرة ومتنوعة من الأدوار الوظيفية الجديدة، خاصة فيما يتعلق بتحليل البيانات وأتمتة العمليات وأمن المعلومات السيبراني. في المقابل سيكون هناك تراجع في الوظائف التي تركز على إدخال البيانات وحفظ المخزون وعمالة التجميع والتغليف، والتي ستستبدل الكثير منها بعمليات آلية.
وفقاً لتقرير مستقبل الوظائف لعام 2023 سيعمل البشر والآلات نفس عدد الساعات تقريبًا بحلول عام 2025
أهم 10 وظائف مطلوبة يجب الانتباه إليها في عام 2025
على الرغم من أن الخوف والقلق حول فقدان بعض الأدوار الوظيفية هو سيد الموقف، إلا أن الأمر ليس بهذا السوء فمعظم الأدوار الوظيفية المتأثرة بالأتمتة والرقمنة وعالم العمل المتغير، لها الكثير من المهارات التي يجب البدء في اكتسابها وإعادة العمل على تطويرها لمواكبة التغيير السريع الحاصل فيها ولحفاظ على هذه الأدوار، بدءًا من المهارات الفنية والتقنية ووصولًا لمهارات التواصل وحل المشكلات. فإذا كنت تخطط للحفاظ على بقائك الوظيفي، أو الانتقال السريع للأدوار الوظيفية الجديدة ومواكبة التغيير، فهذه أهم 10 وظائف مطلوبة يجب مراقبتها عن كثب في عام 2025:
سينمو عدد وظائف الأمن السيبراني بنسبة 32٪ في العام 2025.
-
خبراء ومهندسو الأمن السيبراني
يعد تخصص الأمن السيبراني من التخصصات التي ظهرت مؤخرًا تأثرًا بالتطور التكنولوجي المتسارع والأتمتة، الذي أدى بدوره إلى زيادة الطلب على المختصين في علم الحاسوب وأنظمته، وأمن الشبكات، مما أدى إلى استحداث هذا التخصص حيث يتحمل مختصو وخبراء الأمن السيبراني مسؤولية حماية البيانات والتأكد من تخزين البيانات التي يقدمها مستخدمو التطبيقات والشركات بشكل صحيح وآمن. ومن دورهم وضع السياسات للتصدي لعمليات النصب و الاحتيال والقرصنة والحماية من الهجمات الإلكترونية.
تعد هذه إحدى الوظائف المطلوبة في عام 2025 وما بعده نتيجةً لكون حماية البيانات لا تزال تشكل مصدر قلق كبير وزيادة هذا القلق في المستقبل. ففي ظل حجم مشاركة البيانات والمعلومات لا بد أن يكون هناك من يحميها كاولوية قصوى، وهذا دور خبراء الأمن السيبراني. ووفقًا لمكتب إحصاءات العمل، سينمو عدد وظائف الأمن السيبراني بنسبة 32٪ في العام 2025.
-
متخصصو الذكاء الاصطناعي وتعلم الآلة
الذكاء الاصطناعي (AI) يدخل في معظم الصناعات ويؤثر عليها، وغالبًا سيكون المتخصصون في الذكاء الاصطناعي وتعلم الآلة في المقدمة، حيث يقومون بإنشاء الخوارزميات، وتطوير تطبيقات الذكاء الاصطناعي، وتحسين نماذج تعلم الآلة لتحسين الكفاءة والمساهمة في اتخاذ القرار. إذ وفقًا لـ Data Prot، فإن 37% من الشركات تستخدم الذكاء الاصطناعي! وهذا يمثل 37% من الشركات في جميع الصناعات المختلفة مما يؤكد احتمالية أن يكون متخصصو الذكاء الاصطناعي وظيفة مطلوبة في المستقبل.
وفقًا لشركة Search Logistics، من المتوقع بحلول عام 2025، أن يكون هناك طلب على الوظائف لـ 97 مليون شخص في الصناعات المرتبطة بالذكاء الاصطناعي. يتضمن ذلك وظائف مثل خبراء الذكاء الاصطناعي وتعلم الآلة، ومتخصصو أتمتة العمليات، ومتخصصو البيانات الضخمة، وعلماء البيانات ومهندسو البيانات، ومتخصصو التحليلات.
-
خبراء تحليل البيانات Data Scientists and Analysts
علم البيانات وتحليلها هو الذهب الجديد. سيستمر الطلب المرتفع على علماء ومحللي البيانات حيث تسعى المؤسسات إلى تسخير قوة البيانات لاتخاذ قرارات العمل المستنيرة وتطويرها وفقًا لها. وقد أدرج المنتدى الاقتصادي العالمي محللي البيانات في المرتبة الثانية من الوظائف المتنامية في الولايات المتحدة. وبالمثل، أفاد مكتب إحصاءات العمل أن مهن البيانات ستحقق بالتأكيد معدلات نمو مرتفعة للغاية.
ففي عالم أصبح يعتمد بشكل كبير على البيانات في اتخاذ القرارات وفي التسويق، من المتوقع طبيعيًا أن يرتفع الطلب على محللي البيانات. وهم المسؤولون عن جمع وتحليل مجموعات كبيرة من البيانات لتحديد الأنماط والاتجاهات التي يمكن أن تساعد الشركات على اتخاذ قرارات أفضل. بالنسبة لأولئك الذين يهدفون إلى اقتحام هذا المجال أو تطوير مهارات سابقة لديهم، من الضروري تطوير مهارات تحليل البيانات من خلال الدورات التدريبية الشاملة. وفي هذا الدور، ستعمل مع مجموعة متنوعة من أدوات تصور البيانات ولغات البرمجة، مثل Python وR وSQL، لتحليل البيانات وتقديم النتائج إلى أصحاب القرار. باعتماد الشركات الكبير على البيانات لاتخاذ القرارات، فإن التوقعات الوظيفية لمحللي البيانات واعدة للغاية. إذا كان لديك شغف بالأرقام وعقلية تحليلية، فقد تكون مهنة تحليل البيانات مناسبة جدًا.
من المتوقع أن ينمو الطلب على المدربين الصحيين بمعدل 6.7٪ من عام 2022 إلى عام 2030
-
متخصصو الرعاية الصحية
سيبقى الطلب متزايدًا على وظائف الطب والرعاية الصحية، سواء من أطباء أو ممرضات وحتى فنيو الرعاية الصحية. فارتفاع المشاكل الصحية والعالم الهرم بنسب الشيخوخة والتقدم المستمر في التكنولوجيا وتزايد الضغوطات النفسية يضمنان أهمية هذه الأدوار، لكن التغيير فيها حاصل لا محالة ومواكبة التطور هام للتميز والاستمرار، حيث تعد وظيفة مدرب صحي افتراضي من الوظائف التي تعتمد على استخدام التكنولوجيا لتتبع وتحليل البيانات الصحية لمتلقيين العلاج، وتقديم تعليقات لمساعدتهم على تحسين صحتهم.
فمن المتوقع أن ينمو الطلب على المدربين الصحيين بمعدل 6.7٪ من عام 2022 إلى عام 2030؛ الأمر الذي يلفت الانتباه لهذه الوظيفة والدمج بينها وبين التكنولوجيا وتحليل البيانات والتسويق.
-
خبراء التجارة الإلكترونية والتسويق الرقمي
خبراء التجارة الإلكترونية والتسويق الرقمي سيبقى لهم دور أساسي في مساعدة الشركات وتعزيز تواجدها على الإنترنت وتنميته. كما لا يمكن إنكار نمو تجارة التجزئة والتسويق الرقمي عبر الإنترنت، وبالتالي سيكون لمديري التجارة الإلكترونية ومتخصصي تحسين محركات البحث ومتخصصي تحسي منصات التواصل الاجتماعي دورًا هامًا ومحوري في كل ذلك.
-
علماء البيئة
المشكلات البيئية في تزايد وارتفاع مستمر، وحلها يستلزم دائمًا وجود خبراء وعلماء البيئة، فبينما يتصارع العالم مع التحديات البيئية، سيكون هناك طلب على علماء البيئة. وستكون خبرتهم مهمة ومركزة في معالجة قضايا تغير المناخ والاستدامة لا تقدر بثمن.
-
خبراء الطاقة المتجددة
تعد الاستدامة محور التركيز الرئيسي للمستقبل وبالتالي سيكون لخبراء مجال الطاقة المتجددة، مثل فنيي طاقة الرياح والطاقة الشمسية، دورًا حاسمًا في مواجهة تحديات نفاد الطاقة ومشكلاتها البيئية وإيجاد حلول للطاقة البديلة.
-
مديرو الخدمات اللوجستية وسلسلة التوريد
تعد وظيفة مدير الخدمات اللوجستية وسلسلة التوريد من الوظائف الضرورية لتطور الشركات وازدهارها وسيكون للمحترفين في مجال الخدمات اللوجستية والإدارة الفعالة لسلسلة التوريد دورًا محوريًا في ضمان سلاسة العمليات.
-
إدارة العمل عن بعد وشبه عن بعد
يرجح سوق العمل أن التغييرات في العمل وطبيعته المكانية أدى بشكل حاسم لتغيير في المهارات الإدارية المطلوبة. فمع وجود طلب كبير على المحترفين الذين يمكنهم إدارة ودعم بيئات العمل عن بعد كليًا أو جزئيًا، بما في ذلك أدوات التعاون الافتراضية وتصميم مساحة العمل، مع استمرار هذا الاتجاه في التطور. وجد كذلك طلب وضغط كبير على الإداريين اكتساب مهارات جديدة تتناسب مع طبيعة العمل المكانية.
-
خبراء وفنيو توربينات الرياح
يتوقع مكتب الولايات المتحدة لإحصاءات العمل أن تصبح وظيفة فني توربينات الرياح من أهم المهن وأسرعها نموًا، مع زيادة نسبتها 45% خلال العقد المقبل وذلك ما هو إلا نتيجة لتغير المناخ الذي سيظل محور التركيز الرئيسي. ومع التوجه نحو الطاقة الخضراء، فمن المحتمل جدًا أن نشهد تزايد الإقبال على بناء توربينات الرياح في جميع أنحاء العالم. مع بناء المزيد من توربينات الرياح، ولإبقائها تعمل بشكل صحيح، وصيانتها المستمرة تأتي الحاجة إلى فنيي خدمة توربينات الرياح أكثر من أي وقت مضى!
وما هذه الوظائف العشرة سوى لمحة عامة ولاختيار انتقائي من مجموعة أوسع من الوظائف التي يرجح أن تتألق في عام 2025. ومع ذلك، فإن سوق العمل ديناميكي ومتغير باستمرار، فقد تنشأ فرص جديدة بسبب التقنيات والصناعات الناشئة وقد تضعف أخرى كنتيجة لثورة تكنولوجيا مفاجئة. وللبقاء في المنافسة في سوق العمل سواء في نفس المجال أو الانتقال إلى أحد الأدوار المطلوبة مؤخرًا، من الضروري تحديث المهارات باستمرار ومواكبة كل ما هو جديد، وإتقان التكيف السريع والتعلم المستمر والتواصل مع خبراء المجال ، وتتبع ومراقبة اتجاهات الصناعة والتقدم التكنولوجي. فالمستقبل ملك لأولئك الذين هم على استعداد للتكيف بسرعة ولتبني التغيير ووضع أنفسهم بشكل استباقي للتفوق في عالم العمل دائم التطور.
