"الأمر يشبه مطاردة الساحرات" هكذا وصفت الكاتبة التركية أليف شافاق، محاولات إدانتها من قبل السلطات التركية بالترويج للبيدوفيليا والعنف ضد الأطفال، فيما اعتبر تهديدًا حقيقيًا ضد حرية التعبير، وتصعيدًا جديدًا ضد الكُتاب الأتراك.
في 2006، حوكمت أليف شافاق بتهمة "إهانة الهوية التركية"، بسبب إشارة في روايتها "لقيطة اسطنبول" إلى مجرزة الأرمن
التصعيد شمل أيضًا عبد الله شفكي، الذي تم اعتقاله الأسبوع الماضي مع ناشره حسبما أوردت تقارير إخبارية، بعد أن تداول نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي صورًا من صفحات روايته تتناول مشهدًا للاعتداء الجنسي على أحد الأطفال. التصعيد الخطير وصل إلى وزير الثقافة والسياحة التركي الذي أعلن على حسابه على تويتر، تقدمه بشكوى قانونية في أنقرة ضد المؤلف والناشر. كما قدمت نقابة المحامين في تركيا شكوى منفصلة!
البحث عن البيدوفيليا في الرواية.. واصطيادها
منذ ذلك الحين بدأ حتى بعض النشطاء على الفيسبوك تقديم شكاوى ضد الكتاب الذين يرون أنهم يروجون من خلال كتاباتهم للبيدوفيليا والعنف ضد الأطفال، وهكذا بدأت تنتقل بين مستخدمي الفيسبوك من أجل البحث عن مقاطع "محرمة" حول ما اعتبروه جريمة في الطفولة.
اقرأ/ي أيضًا: أليف شافاك: هذا هو بطلي
قالت شافاق إنها تلقت في الأيام الماضية آلاف الرسائل المسيئة، وأن المدعي العام طلب فحص رواياتها "المِحرم" التي نشرت لها عام 2000، وروايتها "ثلاث بنات حواء" عام 2016.
وأشارت شافاق إلى هيستيريا الملاحقة قائلة: "أي فقرة لها علاقة بالاعتداء الجنسي على الأطفال في الأدب التركي، يريدون التحقيق فيها"، وتضيف: "وبالطبع فإن المفارقة هي أن بلدًا فيه عدد متزايد من حالات العنف الجنسي ضد كل من النساء والأطفال، والمحاكم التركية لا تتخذ أي إجراء، ولم يتم تغيير القوانين المسيئة، وهكذا فإنهم يحتاجون إلى اتخاذ إجراءات عاجلة للتعامل مع العنف الجنسي بصرامة من خلال القانون، بدلًا من ذلك يحاكمون الكتاب كأولوية، إنها أكبر مأساة، لقد أصبح الأمر مثل مطاردة الساحرات".
اتهامات لا أساس لها من الصحة
أدانت مؤسسة "PEN America" المتخصصة في الدفاع عن حرية التعبير في الصحافة والأدب هذه الهجمة على الأدباء في تركيا، معتبرة أنها انتهاك كبير لحرية التعبير، وقالت المديرة التنفيذية للمنظمة أنطونيا بايت إنها تشعر بقلق عميق بشأن التهديدات التي تتعرض لها شافاق، وأضافت أن شافاق "كاتبة موهوبة للغاية ويجب ألا تكون الكتابة الخيالية أوالتعليق على العالم الذي نعيش فيه جريمة يعاقب عليها القانون، إن حرية التعبير في تركيا تتعرض بشكل متزايد لتهديد خطير. يوجد الكثير من الكتاب في السجن بينما أُجبر آخرون على العيش في المنفى".
الجدير بالذكر أنه في عام 2006 حوكمت شافاق بتهمة "إهانة الهوية التركية"، بعد أن لاحظ ممثلو الادعاء في روايتها "لقيطة اسطنبول" إشارة إلى أن ما حدث للأرمن في الحرب العالمية الأولى على أنه مذبحة، وتؤكد الكاتبة أن الإشارة في روايتها إلى العنف الجنسي لا يعني أنها لا تدينه!
في هذا الشأن قالت شافاق: "إنهم لا يفرّقون إذا كتبت كاتبة عن موضوعات -الحب والعنف الجنسي والتحرش الجنسي- فهذه الجمل تُستخرج من الكتب كما لو كان كُتابها يدافعون عن هذه الأشياء، بل بالعكس، لقد ناضلت طوال حياتي من أجل حقوق المرأة وحقوق الأطفال وحقوق الأقليات، لذا فإن هذا النوع من الاتهامات بالنسبة لي لا أساس له من الصحة. وأيضًا يعني أن الكتّاب لا يمكنهم الكتابة عن هذه الموضوعات بعد الآن بسبب ما يحدث."
قضايا مثل التحرش الجنسي وسفاح المحارم هي جروح اجتماعية. وبالطبع يدور الأدب حول الجروح الاجتماعية
يقول دوجان كيتاب ناشر شافاق في تركيا عنها أنها دومًا كانت كاتبة "تدافع عن حقوق النساء والأطفال والأقليات"، وأضاف: "قضايا مثل التحرش الجنسي وسفاح المحارم هي جروح اجتماعية. وبالطبع يدور الأدب حول الجروح الاجتماعية. أليف شافاق هي واحدة من أفضل المؤلفين الأتراك الذين يتحدثون عن الضحايا، وكتبها هي هدايا ليس لنا فحسب بل للأدب العالمي".
اقرأ/ي أيضًا: أليف شفق تكتب رواية ستُنشر بعد 100 عام في "مكتبة المستقبل"
الجدير بالذكر أن تركيا لديها واحدة من أعلى معدلات زواج الأطفال في أوروبا، وفقًا "لمنظمة مكافحة زواج الفتيات القاصرات" يقدر أن 15% من الفتيات متزوجات قبل سن 18، و1% متزوجات قبل سن 15. وبناءً عليه فإن مضمار مكافحة البيدوفيليا والعنف ضد الأطفال، يكون بدايةً من القانون، أما السؤال الذي يطرح نفسه بقوة، هل يكون الأدب متهمًا لدى تقديمه قراءة نفسية وواقعية عن هذه الأمراض والجروح المجتمعية؟ أم يبدو اتهامه في هذا المحل ضربًا من ضروب الهيستريا؟
اقرأ/ي أيضًا: