صادق البرلمان الأوروبي يوم الأربعاء، 14 حزيران/يونيو على قواعد جديدة خاصة بالاتحاد الأوروبي في مجال الذكاء الاصطناعي، وهو ما يمهد لسن أول نظام تشريعي للذكاء الاصطناعي في العالم.
البرلمان الأوروبي على موقعه الرسمي أشار إلى أن الاتحاد الأوروبي يسعى لضمان التوصل إلى أفضل التشريعات المتعلقة بالذكاء الاصطناعي التي تتيح المجال من الاستفادة من المنافع الكثيرة لهذه التقنيات وتجنب مضارها، إذ يهدف إلى التحقق من أن "استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي في الاتحاد الأوروبي سيكون آمنًا وشفافًا وقابلًا للتبع وغير تمييزي وصديقًا للبيئة."
البرلمان صادق مشروع القانون بواقع 499 صوتًا، في حين اعترض عليه 28 عضوًا فقط وامتنع عن التصويت 93 آخرون.
صادق البرلمان الأوروبي يوم الأربعاء على قواعد جديدة خاصة بالاتحاد الأوروبي في مجال الذكاء الاصطناعي، وهو ما يمهد لسن أول نظام تشريعي للذكاء الاصطناعي في العالم.
تتبنى التشريعات الجديدة "نهجًا قائمًا على التقييم الأمني"، إذ تفرض قيودًا بالاستناد إلى مدى الخطورة المتوقعة للتقنية، وستُحظر الأدوات التي يعتبرها المشرعون الأوروبيون "غير مقبولة"، مثل الأنظمة التي تسمح لقوات الأمن بالتنبؤ بالسلوك الجنائي باستخدام تحليلات تعتمد على تقنيات الذكاء الاصطناعي. كما ستفرض قيود على التقنيات التي تعتبر "ذات مخاطر عالية"، مثل التقنيات التي يمكن أن تؤثر على تفضيلات الناخبين خلال الانتخابات أو الخوارزميات التي تقترح المنشورات والصور ومقاطع الفيديو ليشاهدها الناس على الشبكات الاجتماعية.
ومن أجل حل مشكلة حقوق الملكية، يلزم التشريع مطوري روبوتات المحادثة بالإفصاح عن كافة أعمال العلماء والموسيقيين والفنانين والمصورين والصحفيين المستخدمة في تدريب الخوارزميات، وإثبات أن كل ما استخدم لتدريب الخوارزميات يتوافق مع القوانين. وفي حال مخالفتهم لذلك يتوجب عليهم إما حذف التطبيقات الناتجة على الفور أو ستفرض عليهم غرامة بنسبة 7% من عائداتهم.
يستهدف القانون تنظيم الطفرة الأخيرة في مجال الذكاء الاصطناعي التوليدي، ويفرض التزامات جديدة على التطبيقات مثل تشات جي بي تي التي تنشئ محتوى يشبه ذلك الذي ينتجه البشر، و ستوجب على الشركات أن تبين المحتوى الذي ينشأ بواسطة الذكاء الاصطناعي لمنع سوء استخدامه في نشر الأخبار الكاذبة، كما يلزم التشريع الشركات بنشر ملخصات للبيانات المحمية بحقوق النشر التي تستخدم لتدريب أدواتها، وذلك لمعالجة مخاوف الناشرين بشأن استفادة الشركات من المواد التي تجمع من مواقعهم على الويب.
أوروبا الأولى عالميًا من حيث سن التشريعات
يأتي التشريع في الوقت الذي يتحرك فيه المسؤولون في الاتحاد الأوروبي بشكل أسرع بكثير من نظرائهم في الولايات المتحدة، إذ ما زالت المناقشات حول الذكاء الاصطناعي مستمرة في الكونغرس على الرغم من التحذيرات الكثيرة من بعض المختصين وأصحاب الشركات المختصة بالذكاء الاصطناعي.
كما يعد التشريع إضافة نوعية إلى مجموعة الأدوات التنظيمية التي اعتمدتها دول الاتحاد الأوروبي على مدار السنوات الخمس الماضية والتي تستهدف مراقبة شركات التقنية خاصة تلك التي تعمل من وادي السيليكون في الولايات المتحدة.
في حال اعتماد التشريع الأوروبي، فمن المرجح أن يؤثر ذلك على صناع القرار حول العالم ويدفع باتجاه وضع معايير يمكن أن تنتقل إلى جميع المستهلكين، إذ يتوقع أن تغير الشركات ممارساتها على الصعيد الدولي لتجنب حدوث أي تضاربات.
العضو الإيطالي في البرلمان الأوروبي، براندو بينيفي، قال في مؤتمر صحفي إن القائمين على التشريع مهدوا الطريق أمام نقاش عالمي حول مدى المسؤولية التي يجب أن يتحلى بها الذكاء الاصطناعي.
في السنوات الأخيرة نشأ تحالف عبر الأطلسي معني بتنظيم التكنولوجيا التي شهدت طفرة في تطورها، وظهر أثر هذا التحالف في إعلان منفصل لإحدى الهيئات الأوروبية المختصة بمكافحة الاحتكار، أنها تعتقد أن أعمالًا تابعة لشركة جوجل تنتهك قوانين المنافسة، واقترحت تقسيم خدمات الشركة الرابحة.
تقول المفوضية الأوروبية إن سيطرة جوجل على الأدوات التكنولوجية المتقدمة التي يستخدمها الناشرون والمعلنون والوسطاء لشراء الإعلانات الرقمية وبيعها تمنح الشركة ميزة غير عادلة على منافسيها.
ماذا بعد مصادقة البرلمان الأوروبي؟
بعد مصادقة البرلمان على التشريع الذي لا يزال يعد مشروع قانون، ينتقل زمام الأمر إلى المفاوضين في مؤسسات الاتحاد الأوروبي، مثل هيئة التنفيذ الأوروبية التي تضم 27 دولة، إذ سيكون عليهم الدخول في مفاوضات لتحديد آليات يطبق من خلالها القانون.
من ناحيته، دعا الرئيس التنفيذي لشركة غيت هب Github، توماس دومكي، الجهات التنظيفية في الاتحاد الأوروبي إلى إبداء اهتمام بالاستماع إلى القطاع الخاص في هذا السياق.
وقال في لقاء له على قناة سي إن بي سي: "نحن نشجع الاتحاد الأوروبي وحكومة الولايات المتحدة على التحرك بسرعة والاستماع إلى أولئك الذين أنشأوا هذه التكنولوجيا، ليس فقط في النواحي التجارية والاقتصادية، ولكن أيضًا فيما يتعلق بالجامعات ومجتمعات المصادر المفتوحة".
أما رئيسة البرلمان الأوروبي، روبيرتا ميتسولا، فقالت إن "هذا التشريع يضع من دون شك معايير عالمية لتعتمد طوال سنوات مقبلة."
في وقت سابق هذا الأسبوع، قدم رئيس الوزراء البريطاني، ريشي سوناك، مقترحًا وصف بالجريء لجعل المملكة المتحدة "المقر الجغرافي" لتنظيم سلامة الذكاء الاصطناعي. كما تستعد حكومته لعقد قمة عالمية حول سلامة الذكاء الاصطناعي في وقت لاحق من هذا العام.