في المحيط الهندي وعلى بعد حوالي 560 كم شرق مدغشقر تقع واحدة من أجمل الجزر في العالم، جزيرة فردوسية على حد تعبير أهلها ومن زارها، حتى ليكاد الناس يقولون إن الجزيرة لجمالها هي تصميم أوليّ للجنة، وإن الجنة خلقت على غرارها. فما هي هذه الجزيرة؟ وما طبيعة شعبها؟ وأي لغة يتكلمون؟ وما ديانتهم؟ في المقال نبذة عن موريشيوس وأهم المعلومات التعريفية فيها.
جزيرة موريشيوس، ولغتها الرسمية
تقع جمهورية موريشيوس على بعد 2000 كيلومتر من الساحل الجنوبي الشرقي لأفريقيا، بعيدًا عن البر الرئيسي القاري مقارنة بمدغشقر، وهي دولة متعددة الثقافات، يتكلم سكانها البالغ عددهم 1.3 مليون نسمة اللغة الكريولية وهي لغة متأثرة بالفرنسية بالإضافة إلى العديد من اللغات الشائعة الأخرى كالأردية والكانتونية والهاكا، وذلك نظرًا لتعدد الأعراق والإثنيات فيها. ورغم ذلك قد يكون من الغريب معرفة أن الإنجليزية (وهي الأقل استخدامًا في الحياة اليومية) هي اللغة الرسمية للبلاد، فهي لغة المعتمدة للكتابة والتعليم الأكاديمي في المدارس. أما اللغة الفرنسية فهي لغة الطبقة العليا المستخدمة عادة في الوسط الفني. وفيما يأتي معلومات عامة عن هذه الدولة.
يعد شعب جمهورية موريشيوس من ألطف الشعوب في العالم وأكثرهم ترحابًا
معلومات جغرافية عن موريشيوس
تاريخ الجزيرة لم يكن مغرقًا في القدم، إذ يبدو أن موريشيوس لم تكن مأهولة بالسكان حتى فتحها العرب المسلمون في العصور الوسطى، ومن بعدهم سكنها البرتغاليون، ولاحقًا تنازع عليها البريطانيون والفرنسيون لما لها من أهمية تجارية. وفي الفترة النابليونية دارت معركة بحرية سميت جراند بورت، سعي فيها البريطان عام 1810 لإخراج الفرنسيين من الجزيرة وإجبارهم على ترك أراضيهم، لكنهم هزموا فاحتفظ الفرنسيون بوجودهم السياسي والاقتصادي في البلاد.
ومن أهمية الجزيرة أنها كانت المستعمرة البريطانية الرئيسية لإنتاج السكر، ولم تنل استقلالها الرسمي حتى عام 1968، وصارت جمهورية وأكبر مدنها من حيث عدد السكان هي بورت لويس (العاصمة)، وبو باسين، وفاكواس، وكوريبيب، وكواتر بورن.
عَلم موريشيوس
عندما حصلت موريشيوس على استقلالها عن المملكة المتحدة في عام 1968، اعتُمد علم وطني جديد. ويعرف هذا باسم النطاقات الأربعة ويتكون من أربعة نطاقات أفقية ملونة وهي الأحمر والأزرق والأصفر والأخضر مرتبة من الأعلى إلى الأسفل، وللألوان معانٍ رمزية:
- يمثل اللون الأحمر الكفاح من أجل الاستقلال
- يرمز اللون الأزرق إلى المحيط الهندي،
- يمثل اللون الأصفر ضوء الاستقلال الجديد
- يظهر اللون الأخضر كتعبير للخصوبة الزراعية على مدار العام.
سكان موريشيوس
يعد شعب جمهورية موريشيوس من ألطف الشعوب في العالم وأكثرهم ترحابًا. وما يميز طبيعة السكان أنهم ينتمون إلى العديد من الخلفيات العرقية والثقافية المختلفة.وكما قيل سابقًا فإنه ليس للجزيرة سكان أصليون بل جميعهم وافدون مع جركات الاسكتشاف والاستعمار. فالشريحة الكبرى من أصل هندي، ويمثلون ثلثي السكان، كان أسلافهم قد جُلبوا كعمال بالسخرة بعد إلغاء العبودية في القرن التاسع عشر. وشعب الكريول هم ثاني أكبر مجموعة سكانية بنسبة 27%، كما أن حوالي 3% من سكان موريشيوس ينحدرون من تجار صينيين و2% من الفرنسيين. إذ إن الفرنسين أول من استعمر موريشيوس استعمارًا مكتمل الأركان، لذلك فأن معظم الأماكن تحمل أسماء فرنسية.
يوجد في موريشيوس موقعان للتراث العالمي لليونسكو
السياحة في موريشيوس
لكونها جزيرة فلا بد أن تكون شواطئها الوجهة السياحية الأساسية للزوار، ولكن في موريشيوس سيجد السياح ما هو أكثر من ذلك، فغير الطبيعة الساحرة تتعدد المنتجعات والأنشطة السياحية التي يمكن ممارستها والاستمتاع بها، فموريشيوس تعد موطنًا لملاعب الغولف ذات المستوى العالمي وسباقات الخيول الشهيرة. ناهيك عن الرياضات البحرية المتعددة كالغوص والسباحة والتمتع بتجربة القوارب المائية.
ونظرًا لوقوع الجزيرة في المناطق الاستوائية، فعمومًا طقسها دافئ طوال العام. كما لا يوجد في موريشيوس موسم رطب أو جاف ولا تتأثر بشكل عام بالعواصف الاستوائية الشديدة. لإنها بعيد عن تأثير الرياح الموسمية. وفي حال تعرضها للأعاصير والأمطار الغزيرة بعض الأحيان فإن ذلك لا يتكرر كثيرًا، ولا يدوم الطقس السيئ مدة طويلة إذ يكون الطقس مهيأً للأعاصير المدارية عمومًا في الفترة من كانون ثاني وحتى آذار سنويًا. وأفضل الشهور للزيارة تبدأ من أيار وحتى كانون أول، وأروعها على الإطلاق تموز وآب.
ولزيارة موريشيوس لا يحتاج السائح إلى تأشيرة إذ إن العديد من شركات الطيران الدولية برحلات إلى الجزيرة. والعملة المحلية هي روبية موريشيوس، ويعد قبول بعض الفنادق أو المطاعم الدفع بالعملة الأجنبية استثناءً، لذلك تتوفر محالّ صرف العملات على نطاق واسع بما في ذلك في المطار حيث يمكن لأجهزة الصراف الآلي تقديم هذه الخدمة، وفيما يأتي أبرز المناطق والأنشطة السياحية في الجزيرة:
- يوجد في موريشيوس موقعان للتراث العالمي لليونسكو، وهما أشبه بمزارين للتعرف على الماضي الأليم الذي عاشه سكانها في الماضي، فأحد الموقعين يقع في أقصى الجنوب الغربي، ويسمى لو مورن، وهو صخرة ضخمة فيها كهوف كانت ملجأ للعبيد الهاربين. والموقع الثاني يقع على مسافة أبعد من الساحل عند خليج ترو فانفارون في بورت لويس، وهو معسكر العمل بالسخرة، كان نقطة استقبال جميع العمال الهنود الذين تم جلبهم ليحلوا محل العبيد.
- تتميز موريشيوس بالشلال تحت الماء، إذ يمكن لمن يشاهد الصور الجوية للسواحل التي تُظهر مياه المحيط الهندي رؤية حافة منحدر لجرف وصدع صخري هائل يتجه نحو الأسفل إلى عمق المحيط. هذا الانحدار يعطي انطباعاًا بأن سيولًا من المياه تنسحب نحو الأسفل كشلال، وهو في الواقع رمل وطمي يتحرك بفعل المد والجزر وتيارات المحيط نحو قاع المحيط. لذا فالمياه الضحلة الصافية فوق هذا الجرف الضخم مباشرة تكاد تكون من شفافيتها غير موجودة، مما يجعل قاع البحر يظهر وكأنه السطح. وللتمتع برؤية هذا المنظر من الجو لا بد من الذهاب في رحلات بطائرات الهليكوبتر والطائرات المائية.
- تتميز جزيرة موريشيوس بأجمل المناظر الطبيعة، كمنطقة الأرض السبعة الملونة، شاماريل، الموجودة في الجنوب الغربي وهي كثبان رملية تتنوع ألوانها بين البني والأحمر والبنفسجي والأرجواني والأزرق والأخضر والأصفر، مما يعطي الكثبان مظهرًا مخططًا.
- يمكن التمتع أيضًا بمنتجعات موريشيوس وفنادقها، فما بين الفنادق الراقية أو المنتجعات الأكثر بساطة يمكن التمتع بالخدمة والمشاهد الساحلية الخلابة، ولعب الجولف، وزيارة المتاجر الشعبية، وغيرها.
سباق الخيل الشتوي يعد من أهم الأحداث الرياضية وأكثرها شعبية وحضورًا في الجزيرة.
معلومات عامة عن جزيرة موريشيوس
تتمتع الجزيرة بالكثير من المناطق المثيرة للاهتمام، وتعد تجربة زيارتها من أمتع التجارب نظرًا لمميزاتها الطبيعية والترفيهية، وفيما يلي بعض المعلومات العامة عن الجزيرة
- جزيرة موريشيوس لديها أعلى كثافة سكانية مقارنة بأي بلد أفريقي. إذ يضم السكان متعددو الأعراق الشعب الهندي والأفريقي والأوروبي (معظمهم فرنسي) والصيني.
- الجزيرة نفسها محاطة بالجبال المكونة من براكين خامدة وجداول وشلالات وأنهار، وكلها مغطاة بالغابات الكثيفة.
- البحيرات المحيطة بالجزيرة محمية بواسطة ثالث أكبر الشعاب المرجانية في العالم، والتي تحيط بالجزيرة. تحمي هذه الشعاب مرتادي الشاطئ من هجمات أسماك القرش وقناديل البحر.
- الشواطئ الرملية البيضاء في جزيرة موريشيوس يبلغ امتدادها 93 ميلاً (150 كم).
- تجربة الطعام في الجزيرة من أمتع التجارب وأغناها بالمذاقات، فمطبخ موريشيوس يعكس مزيجًا من النكهات الكريولية والفرنسية والصينية والهندية، وهذا يعني أن التوابل الغنية جزء مهم من الأطباق كلها.
- الرقصة الشعبية الوطنية في موريشيوس التي تُعرف باسم "سيجا" ترجع أصولها الأفريقية إلى القرن الـ18 حين كان العبيد يؤدونها كوسيلة لنسيان حياتهم التعيسة وقدرهم البائس.
- سباق الخيل الشتوي يعد من أهم الأحداث الرياضية وأكثرها شعبية وحضورًا في الجزيرة.
- محمية فريدريكا الطبيعية تتيح للسياح الاستمتاع بالمناظر الخلابة والسباحة في الشلالات والتمتع بالمناظر الطبيعية إما بالمشي لمسافات طويلة أو ركوب الدراجات الرباعية أو القيام برحلة سفاري بالعربات التي تجرها الدواب مع وجود مرشد سياحي.
كانت هذه رحلة على حافة الأرض، في الحدود الجنوبية الغربية للقارة السمراء، حيث توجد واحدة من أروع الجزر على الإطلاق، التي تعد فرصة زيارتها تذكرة فورية لدخول الفردوس.. أو على الأقل لتهيأة الخيال وإعادة تصميم الجنة في الذهن.
