يقتلون أبناءهم وينتحرون، بعد أن أقفلت عليهم كل السبل، وحاصرهم الجوع، فوجدوا في الموت سبيلًا وحيدًا يسبق الموت بألم الجوع. ومن مظاهر هذه المأساة التي تواطأت أسبابها، زيادة أعداد المتسولين في الشوارع اليمن، وزيادة الجرائم المتعلقة بالسرقة.
وفقًا لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، تسببت الحرب في أن يصبح ثلاثة أرباع اليمنيين فقراء بزيادة بنسبة 28% عن 2014
وفي حين تتوالى البيانات التحذيرية، بسرد إحصائيات الفقر والجوع في البلاد، فضلًا عن المرض والموت بالرصاص، ليس ثمة آذان صاغية في المجتمع الدولي لإنهاء الحرب وما ترتبت عليه، فقتلى الحرب تجاوزوا الذين يموتون بالرصاص، إلى الذين يموتون بكل شيء تسببت فيه الحرب، ومن ذلك الجوع.
اقرأ/ي أيضًا: ابن سلمان يستخدم سلاح المجاعة لتدمير اليمن.. نازيّة جديدة والجوقة تصفّق!
الأكل من بقايا الأكل
تجلس أم أنور أمام المطاعم في العاصمة صنعاء، تنتظر من الخارجين منه ما يسد به بعضًا من الجوع، أو ما يُعطى إليها من بقايا الأكل للأكل.
وأم أنور ليست وحيدةً في هذا المذهب، فثمة مثلها عشرات أو مئات، معظمهم من النساء الذي يسعون على قوت أبنائهن بعد أن سدت أمامهن كل سبل الحياة.
تحدث "الترا صوت" إلى أم أنور (36 عامًا). تقول: "حاول زوجي البحث عن عمل دون جدوى، وكدنا نموت من الجوع، ولم يكن أمامي سوى الخروج للتسول".
تضيف: "أجلس أمام المطعم من الصباح حتى الساعة الثانية ظهرًا، لأجمع بقايا الطعام الذي أحصل عليه من الزبائن ومن صاحب المطعم أيضًا، لأعود به لأطفالي الستة".
ثلاثة أرباع اليمنيين فقراء
أصبح ثلاثة أرباع اليمنيين من الفقراء، كعرض مباشر للحرب التي بدأت في 2014، فبحسب بيان برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، فإن نسبة الفقراء ازدادت في اليمن من 47% قبل 2014 إلى 75% في 2019. ووفقًا للبيان، فإنه في حال استمرت الحرب حتى 2022، فسيصبح اليمن رسميًا أفقر بلد في العالم.
ويصف البرنامج الأممي الحال في البلاد بقوله إن "الحرب لم تتسبب في جعل اليمن أكبر أزمة إنسانية في العالم فحسب، بل أغرقته في أزمة تنموية مروعة أيضًا".
وحذر البرنامج الأممي من أنه إذا استمر الاقتتال في اليمن إلى عام 2030، فإن 78% من اليمنيين سيعيشون فقرًا مدقعًا، فيما سيعاني 95% من سوء التغذية، وسيعاني 84% من الأطفال من التقزم.
تواطؤ الأسباب
ويعود ارتفاع نسبة الفقر في اليمن، الذي كان أصلًا فقيرًا قبل الصراع، إلى أسباب تتعلق جميعها بالحرب المستمرة في مناطق واسعة من البلاد، والتي أدت إلى مقتل نحو ربع مليون إنسان، بما في ذلك انهيار الاقتصاد في البلد الذي خسر 89 مليار دولار أمريكي من نشاطه الاقتصادي منذ عام 2015.
كان بإمكان اليمن أن يحقق تقدمًا في أهداف التنمية المستدامة، وفي مكافحة الفقر، لكن دفعته الحرب إلى أكثر من 20 عامًا إلى الوراء
كان بإمكان اليمن أن يحقق تقدمًا في أهداف التنمية المستدامة، وفي مكافحة الفقر، لكن دفعته الحرب إلى أكثر من 20 عامًا إلى الوراء على كافة المستويات، وأسوأ في بعض المجالات، مع انتشار الأوبئة والأمراض، واستخدام التحالف السعودي للمجاعة كسلاح للضغط والإخضاع.
اقرأ/ي أيضًا: