غالبًا مايتم تكريم الشخصيات الثقافية في العالم العربي كالمفكرين والكتاب وأصحاب التأثير الفاعل والراسخ في المجتمع بعد وفاتهم. إذ يتذكر المتأثرون من المهتمين بنتاج الكاتب الفكري وتلامذته مناقب من فقدوا وتأثيرهم الفكري والثقافي.
غالبًا ما يتم تكريم الشخصيات الثقافية في العالم العربي كالمفكرين والكتاب بعد وفاتهم
اقرأ/ي أيضًا: صادق جلال العظم.. تفكيك الحب
يقف اليوم المتابعون لوضع المفكر السوري صادق جلال العظم الصحي أمام مفارقات وأسئلة قلقة، كيف يمكننا تخليد أثر صادق جلال العظم قبل رحيله؟ يبدو ثقل التفكير بالخسارة أكبر من فهم وتخيل الإجابات وهذا مايبدو طبيعيًا بالنسبة لشخصية مثل العظم الذي أثر بأجيال وعقول تبنت فكره وتأثرت بإنتاجه.
فما كان من المتابعين والمتأثرين إلاّ أن سارعوا لكتابة مقالات ومواد مقروءة بدأت تتزايد على المحتوى الإعلامي والثقافي العربي، بعد إعلان أبناء عن تدهور الحالة الصحية للمفكر العظم، وفشل العملية الجراحية التي أجراها في إحدى مشافي برلين، وعليه فقد وجهوا دعوة للحافظ على الإرث الفكري والثقافي واستمراريته لصاحب "ما بعد ذهنية التحريم"، ولذلك تم الإعلان عن تأسيس جمعية وموقع على الإنترنت باسم "مؤسسة صادق جلال العظم"، سيتم إطلاقهما قريبًا، وبحسب البيان: ستقوم هذه الجمعية من خلال الموقع بتنسيق النشاطات والفعاليات التي ستقام مستقبلًا لتكريم ودعم استمرار هذا الإرث. ومن أهم أهداف هذه المؤسسة التواصل ونشر فكر العظم وكتاباته وإيصالها إلى الأجيال الجديدة من الشباب السوري والعربي، إضافة إلى المفكرين والمختصين.
وإثر وجود مثل هذا المنبر الذي أتاح التفكير بضرورة تكريم المفكر، قامت "مؤسسة اتجاهات- ثقافة مستقلة" بالتواصل مباشرة مع عائلة العظم، من أجل التفكير حول شكل ومضمون الاستجابة الفضلى لتكريم فكره ونتاجه، بالتزامن المؤسف مع تدهور حالته الصحية. فأطلقت جائزة بحثية استثنائية تحمل اسمه، تكريمًا لجهوده ونتاجه ولإسهامه الكبير في رفد الفكر العربي بالعديد من الدراسات والأبحاث القيّمة، وفُتح باب التقدم لهذه الجائزة من خلال بحث ثقافي تتوجه به إلى الباحثين المتميزين في مجالات الثقافة والفنون من السوريين والفلسطينيين السوريين.
يعيش الكثير من الكتاب والمفكرين العرب في الظل، وغالبًا ماتسبقهم أسماؤهم بعد وفاتهم
اقرأ/ي أيضًا: صادق جلال العظم.. أنفاس الفيلسوف الأخيرة
تركز هذه الجائزة على المواضيع الراهنة في البحث الثقافي، التي ترتبط بما تمر به سوريا اليوم وبالأدوار الجوهرية التي يمكن للباحث الثقافي أن يلعبها اليوم، وذلك من خلال مجموعة من المحاور تبدأ من الحفر في البنى الثقافية الفاعلة في المجتمع السوري للكشف عن الأسباب العميقة للتهميش الثقافي، مرورًا برصد ديناميات التحول في الثقافات السورية الموروثة منها والمكتسبة، خلال الحراك في مراحله المختلفة. وكذلك رصد ملامح الثقافة الجديدة المتولدة أثناء عملية التغيير. ويمكن أيضًا للباحثين المتقدمين تناول قضايا ترتبط بعمليات الإبداع الفني والأدبي والفكري والموسيقي التي تواكب عملية التغيير، إضافة إلى قضايا الإدارة والسياسات الثقافية، والقضايا المتعلقة بالمؤسسات المعنية بالشأن الثقافي.
يعيش الكثير من الكتاب والمفكرين العرب في الظل، وغالبًا ماتسبقهم أسماؤهم بعد وفاتهم، على أمل أن تفتح مبادرة "مؤسسة اتجاهات" الباب أمام مبادرات أخرى لتكريم جهود مفكرين أغنت مؤلفاتهم العقل العربي وأثرت به.
اقرأ/ي أيضًا: