18-أكتوبر-2024
عباس كامل

(WJ) عباس كامل ظل السيسي الذي بنى علاقات قوية مع المخابرات الأميركية والإسرائيلية

أُقيل عباس كامل من منصبه على رأس جهاز المخابرات المصرية العامة، وذلك في وقتٍ تشهد فيه العلاقات المصرية الإسرائيلية توترًا عرّض معاهدة السلام التي دامت 45 عامًا بين البلدين للخطر، وذلك على خلفية ملف معبر رفح ومحور صلاح الدين. كما جاء قرار الإقالة من السيسي لرجل ظلّه في وقتٍ أخفقت فيه جهود الوساطة المصرية بشأن العدوان على غزة وتبادل الأسرى بين إسرائيل وحماس، ومن المعروف أنّ عباس كامل، حسب وول ستريت جورنال، كوّن علاقات قوية مع مسؤولي الاستخبارات الإسرائيلية والأميركية ومع قادة حماس، ما مكّنه من لعب دورٍ فعّال في التوسط في وقف إطلاق النار ومفاوضات تبادل الأسرى بين إسرائيل وحماس.

وقد عيّن السيسي اللواء حسن رشاد رئيسًا للمخابرات العامة محلّ عباس كامل الذي جعله السيسي مستشارًا في الرئاسة مكلّفًا بتنسيق الأجهزة الأمنية ومبعوثًا خاصًّا للرئاسة، في تخفيض واضح، حسب مسؤولين لدرجته، الأمر الذي يدفع إلى التساؤل داخل الأوساط المصرية والعالمية عن الأسباب الكامنة وراء إقالة السيسي لمن كان يوصف إلى عهدٍ قريب بالرجل الثاني في مصر؟

تؤكّد وول ستريت جورنال أنّ رئيس المخابرات السابق، عباس كامل، كان يُنظر إليه لسنوات باعتباره ثاني أقوى شخص في الدولة الأكثر سكّانًا في الشرق الأوسط، وبسبب الطبيعة الغامضة للنظام السياسي في مصر فإنّ أنصار النظام يجدون مسوّغًا للقول إن الدور الجديد لعبّاس كامل هو ترقية وليس تخفيضًا، لأنه يتولى التنسيق بين جهازيْ المخابرات والأمن.

تمت إقالة عباس كامل من منصبه كرئيس لجهاز المخابرات العامة المصرية، في ظل تصاعد التوتر في العلاقات المصرية الإسرائيلية

أدوار عباس كامل

تلاحظ وول ستريت جورنال أنّ مصر انجذبت على نحوٍ متزايد إلى عدم الاستقرار الإقليمي النّاتج عن العدوان الإسرائيلي في غزة المتاخمة لها.

وقد لعب المدير العام السابق للمخابرات المصرية عباس كامل دورًا كبيرا في أزمة غزة، إذْ قام برحلات مكوكية بين إسرائيل وحماس وحاول التوسط في اتفاق لوقف إطلاق النار من شأنه أيضًا إطلاق سراح الرهائن الإسرائيليين المحتجزين لدى حركة حماس مقابل إطلاق سراح سجناء فلسطينيين.

وتضيف وول ستريت جورنال أنّ عباس كامل "عمل بشكل وثيق مع مدير وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية ويليام بيرنز، ورئيس جهاز "الموساد" الإسرائيلي ديفيد برنيع، ورئيس الوزراء القطري محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، وهم رباعي اجتمعوا مرارًا وتكرارا طوال عامٍ من الحرب في جهد طويل للتوسط لإنهائها".

كما لعب الرباعي حسب الصحيفة الأميركية "دورًا دبلوماسيًا بارزًا في الاتفاق الذي أفضى إلى هدنة لمدة أسبوع في تشرين الثاني/نوفمبر الماضي، حيث أدّت الهدنة إلى وقف القتال وإطلاق سراح أكثر من 100 رهينة من غزة إلى جانب سجناء فلسطينيون تعتقلهم إسرائيل في سجونها. لكن منذ ذلك التاريخ لم تسفر أشهر من المفاوضات عن نتائج تذكر، ويرجع ذلك إلى حدٍّ كبير إلى تعنت القيادة الإسرائيلية في تل أبيب.

وترى وول ستريت جورنال أنّ الحرب في غزة فاقمت التوترات في مصر، مما أشعل شرارة الاحتجاجات المتفرقة، وتسبب في تراجع حركة المرور عبر قناة السويس، بالإضافة إلى أزمة في العلاقات مع إسرائيل.

وأشارت وول ستريت جورنال إلى أنّ القاهرة كانت أول عاصمة عربية تعترف بإسرائيل في عام 1979 بعد أن خاضت الدولتان سلسلةً من الحروب، وكانت العلاقة بين البلدين غير مستقرة على مدى عقود من الزمان، تقوم على المصالح الأمنية والاستخباراتية المتبادلة، مع وجود القليل من الاتصال بين الإسرائيليين العاديين والمصريين" على حد تعبير الصحيفة.

ويُعدّ عبّاس كامل، حسب وول ستريت جورنال "من بين عددٍ قليل من المساعدين الموثوق بهم لدى عبد الفتّاح السيسي، وهو جنرال سابق وصل إلى السلطة في انقلاب عام 2013 الذي أنهى التجربة القصيرة التي خاضتها مصر مع الديمقراطية بعد ثورة الربيع العربي عام 2011".

وكان السيسي وعباس كامل عضوين في المخابرات العسكرية المصرية قبل صعود السيسي إلى سدّة الحكم، وتنقل وول ستريت جورنال عن مايكل وحيد حنا، الخبير في الشؤون المصرية ومدير البرنامج الأميركي في مجموعة الأزمات الدولية، وهي منظمة لحل النزاعات، قوله إنّ عباس كامل "لا يزال أحد الأشخاص القلائل في النظام الذين يثق بهم الرئيس السيسي، وبالتالي لا أتوقع أن يختفي من المشهد".

لعب عباس كامل أيضًا دورًا رئيسيًا في التوسط في الهدنة التي أنهت صراعًا سابقًا بين إسرائيل وحماس في أيار/مايو 2021، الذي أسفر حينها عن مقتل أكثر من 200 فلسطيني وأكثر من عشرة إسرائيليين".

يوصف عباس كامل بأنه ظل السيسي وبأنه بنى علاقات قوية مع المخابرات الأميركية والإسرائيلية

أما بالنسبة لحسن رشاد الذي خلف عباس كامل في منصبه، فتشير المعلومات إلى أنه عمِل في أجهزة المخابرات المصرية لمدة 34 عامًا وشغل سابقًا منصب نائب عباس كامل وأشرف على ملفات رئيسية مثل علاقة مصر بإيران ووكلائها. ويمكن أن نستشفّ من ذلك تحوّلًا في البوصلة المصرية في إعطاء مزيدٍ من الاهتمام لإيران، خاصةً أن القاهرة تستعد لتدشين مرحلة جديدة من العلاقات مع طهران بعد سنوات من التوتر، فضلًا عن ذلك فإنّ الأزمة الإقليمية القائمة هي أزمة بين إيران وإسرائيل بدرجةٍ أساسية.

وكان رشاد قد تخرّج من الكلية الفنية العسكرية المصرية، وهي كلية معروفة بتدريب العديد من الشخصيات الرئيسية لأجهزة المخابرات.

وتشير وول ستريت جورنال إلى منح السيسي، خلال العقد الذي قضاه في السلطة، وكالات التجسس المصرية سلطاتٍ واسعةً على الشؤون المدنية في مصر، حيث تولى عباس كامل دورًا بارزًا في الدبلوماسية بشأن قضايا مهمة بما في ذلك الصراعات في ليبيا والسودان المجاورتين.

كما كان عباس كامل أيضًا أبرز مسؤول في دولة أمنية مترامية الأطراف سجنت آلاف الأشخاص أيضًا في حملة قمع ضد المعارضين السياسيين حسب الصحيفة الأميركية.