لا يمر يوم إلا ويتناهى إلى مسامع المغاربة خبر مفاده اغتصاب أطفال من طرف ذئب بشري، لا يكترث لشيء سوى إشباع رغباته الحيوانية. الأرقام في هذا الموضوع صادمة، إذ كشف تقرير حديث حول "الاستغلال الجنسي للأطفال"، خلال الأسبوع الماضي، أن مجموع الاعتداءات الجنسية على الأطفال تقدر بـ935 حالة، خلال هذه السنة في المغرب، منها 635 من الذكور و300 من الإناث، مقابل 850 اعتداء سنة 2014، مما يؤكد أن آفة الاعتداء الجنسي على الأطفال المغاربة في تزايد مستمر.
بلغ مجموع الاعتداءات الجنسية على الأطفال في المغرب 935 حالة، خلال هذه السنة، وهي في ارتفاع مقارنة بالسنوات الماضية
وأفاد التقرير ذاته، الذي أنجزه "الائتلاف ضد الاعتداءات الجنسية على الأطفال"، خلال سنة 2015، أن هذا الرقم يهم فقط الحالات التي تابعها أو تواصل معها الائتلاف، لأنه يصعب تحديد النسبة الحقيقية لعدد الأطفال ضحايا الاستغلال الجنسي، إذ يقع في كثير من الأحيان التستر على هذا النوع من الجرائم، لأنها تدخل في إطار المحاذير داخل المجتمع المغربي.
إلا أن نعيمة (اسم مستعار)، كسرت القاعدة، المرأة الشابة لم تهتم بما يمكن أن يتفوه به الناس أو ما يمكن أي يقال عن طفلها الصغير، الذي تعرض للاغتصاب وهو لم يبلغ سبع سنوات وتكلمت عن الموضوع، هدفها هو معاقبة الجاني، لكن الأمر يبدو صعبًا على ما يبدو، فبمجرد معرفتها أن ابنها الوحيد تعرض للاغتصاب، هرولت إلى مخفر الشرطة لكي تشتكي المذنب، إلا أن القضاء لم ينصفها إلى حد الآن.
تحكي والدة الطفل الذي تم اغتصابه بمدينة الفنيدق، شمال غرب المغرب، لـ"الترا صوت" بحرقة: "لقد ظلموني، لا ثقة لي في القضاء بعد اليوم"، فأم الطفل المعروف باسم "طفل الفنيدق"، لم تتخيل يومًا أن يتمتع المتهم بالبراءة، بالرغم من أنها تمتلك وثائق تثبت اتهامها، خاصة وأنه سبق وأن حكم على نفس المتهم في قضية مماثلة بسنتين سجنًا نافذًا وتعويضات مالية من محكمة الاستئناف في نفس المدينة.
تقول والدة الطفل المغتصب، إن "في يوم الحادث، توجه طفلها إلى متجر المواد الغذائية قصد اقتناء البيض إلا أنه وقع ضحية عملية اغتصاب من طرف صاحب المتجر، ليتم نقله بعد ذلك إلى المستشفى المدني بتطوان، ويسلم شهادة طبية تثبت هتك عرضه، والتي حددت مدة العجز بخمسة وعشرين يومًا". فيما بعد تم عرض الطفل على طبيب نفساني والذي أكد أن بعد أسبوع من الاعتداء بدأت تظهر على الطفل أعراض مختلفة كالتبول الليلي اللاإرادي، سيلان اللعاب المعوي من فمه أثناء النوم، تكرار الأحلام المرعبة، حالات الشرود داخل القسم، وضعف القدرة على التركيز.
قصة نعيمة ليست الأخيرة، ففي كل يوم نسمع مثل هذه الأخبار. يقول خالد الشرقاوي السموني، رئيس الائتلاف ضد الاعتداءات الجنسية على الأطفال، خلال تقديمه نتائج تقرير الائتلاف، في ندوة صحفية: "نوصي بإعادة النظر في القانون الجنائي خاصة المقتضيات المتعلقة بالاعتداء على الأطفال".
يشتكي الحقوقيون في المغرب من ثغرات في القانون الجنائي على علاقة باغتصاب الأطفال ويوصون بتعديله
ولم ينص القانون الجنائي المغربي على عبارة "الاعتداءات الجنسية على الأطفال" أو الاستغلال الجنسي للأطفال"، لكنه عاقب على أفعال هتك عرض، أو محاولة هتكه على كل طفل أو طفلة يقل سنه عن ثمانية عشر عامًا بعقوبة سجنية من عشر إلى عشرين سنة، وفقًا للفصل 486 من القانون الجنائي، أما إذا كان الفاعل من أهالي الضحية أو ممن لهم سلطة عليها، وكذلك إذا استعان الجاني بشخص أو عدة أشخاص، حسب الفصل 487 من القانون الجنائي، فإن العقوبة تتراوح بين عشرين وثلاثين سنة، وفي الاغتصاب الناتج عنه افتضاض بكارة طفلة قد تتراوح العقوبة السجنية بين عشرين وثلاثين سنة.
وأضاف الشرقاوي، أن "جل الأحكام التي صدرت في ملفات تتعلق باعتداءات جنسية على الأطفال لم تحترم بشكل دقيق مقتضيات الفصل 486 من القانون الجنائي، إذ تراوحت الأحكام بين سنة وأربع سنوات سجن، وأحيانًا تبرئة المتهمين لعدم وجود الأدلة والحجج حسب ما ذهبت إليه المحكمة".
أما نعيمة فلم تستسلم أبدًا، تقول إن القضاء لم ينصفها، إلا أنها على يقين أنها ستأخذ حق طفلها الوحيد الذي يعاني في صمت من عواقب الاغتصاب. وتشير التقارير إلى أن الذكور هم الأكثر تعرضًا للاعتداء الجنسي في المغرب، وأن حالات الاعتداء الجنسي تتوزع حسب طبيعة المعتدي، إذ يحتل الأقارب والجيران صدارة لائحة المعتدين، يليهم المعتدون الغرباء والأجانب، ثم الآباء، وأطر المؤسسات التعليمية والخيرية والاجتماعية. وتساهم سيادة الصمت والتكتم على جرائم اغتصاب الأطفال بالمغرب لأسباب مختلفة مثل الجهل وعقدة العار والخوف من الفضيحة، في تواصل تنامي هذه الجرائم البشعة.
اقرأ/ي أيضًا: