19-يوليو-2024
طائرة مسيّرة

(Getty) مكان وقوع انفجار المسيّرة التي هاجمت تل أبيب

أعلن جيش الاحتلال الإسرائيلي أنّ انفجارًا وقع في تل أبيب جراء سقوط "هدف جوي"، ليل الخميس – الجمعة، تبيّن لاحقًا أنّه هجوم بطائرة مسيّرة تبنته جماعة "أنصار الله" (الحوثيون) اليمنية المقربة من إيران، في هجوم هو الأول من نوعه منذ بدء العدوان على قطاع غزة في السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023.

وقالت وسائل إعلام إسرائيلية إن: "رجلًا خمسينيًا قُتل، وأصيب ثمانية آخرون بجروح طفيفة وهلع، إثر انفجار مسيّرة مفخخة وقع في تمام الساعة الثالثة والربع من فجر اليوم (الجمعة) عند تقاطع شارعي "شالوم عليخم" و"بن يهودا" على بعد مئات الأمتار من سفارة الولايات المتحدة".

من جهته، أعلن رئيس بلدية "تل أبيب"، رون خولدائي، حالة التأهب القصوى "عقب الحدث الصعب"، مشيرًا إلى أنّ: "الحرب لا تزال هنا، وهي صعبة ومؤلمة".

وأضاف أن: "قوات البلدية وصلت إلى المكان (مكان الانفجار) بسرعة وعالجت الحدث، ونحن مستعدون لأي تطوّرات، في حال حدثت"، داعيًا: "الجمهور للانصياع للتعليمات".

لم يتم تصنيفها بسبب "خطأ بشري"

وقال جيش الاحتلال إنّ التحقيقات الأولية أظهرت أنّه: "تمّ رصد المسيّرة ولم يتم إسقاطها أو تصنيفها كتهديد بسبب خطأ بشري"، مضيفًا أنّ: "المسيّرة سقطت وانفجرت على مبنى وليس بالهواء"، وتابع موضحًا أنّ: "حجم المسيّرة كبير وطارت على ارتفاع منخفض لساعات طويلة قبل انفجارها في تل أبيب".

قال جيش الاحتلال إنّه تمّ رصد المسيّرة ولم يتم إسقاطها أو تصنيفها كتهديد بسبب خطأ بشري

وأظهرت صور ومقاطع فيديو نشرها مستوطنون وناشطون سحب الدخان تتصاعد من مبنى في المدينة. وقالت صحيفة "يديعوت أحرونوت" إنّ دوي الانفجار سُمع على مسافات بعيدة، مضيفةً أنّ قوات كبيرة من الشرطة الإسرائيلية سارعت إلى مكان الانفجار الذي وقع في منطقة قريبة من مبنى السفارة الأميركية، بحسب الصحيفة.

واعتبر جيش الاحتلال أنّ الهجوم ناجم عن "حدث سيئ كان يجب ألا يحدث، فيما يتحمّل سلاح الجو المسؤولية الكاملة، مدافعًا عن أجواء البلاد"، وأضاف أنّه: "كان يجب اعتراض المسيّرة، وما حدث هو خطأ. كانت هناك إمكانية لإسقاطها".

وأفاد موقع "أكسيوس" الأميركي، نقلًا عن مسؤول في الإدارة الأميركية، بأن: "السفارة الأميركية في تل أبيب لم تتضرر جراء المسيّرة المفخخة ولم يصب أي مواطن أميركي"، فيما صرح مصدر في البيت الأبيض لصحيفة "يديعوت أحرنوت" بالقول: "نحن على علم بحادثة المسيّرة ونتابع الحدث في تل أبيب".

وقال مسؤول في جيش الاحتلال للصحيفة العبرية إنّه: "لم تتوفر معلومات استخباراتية بوجود نية لاستهداف السفارة الأميركية".

المسيّرة صناعة يمنية

وفي السياق، أكّد المتحدث العسكري باسم "الحوثيين"، يحيى سريع، اليوم الجمعة، في كلمة بثتها قناة "المسيرة" التابعة للجماعة اليمنية؛ أنّهم نفذوا: "عملية عسكرية نوعية في تل أبيب بطائرة مسيّرة جديدة اسمها "يافا"، قادرة على تجاوز المنظومات الاعتراضية للعدو ولا تستطيع الرادارات اكتشافها"، وأضاف أن العملية حققت أهدافها بنجاح.

وأشار سريع في كلمته إلى إعلان الحوثيين: "مدينة يافا المحتلة منطقة غير آمنة وهدف أساسي في مرمى أسلحتنا"، وتابع مؤكدًا "سنركّز على استهداف جبهة العدو الصهيوني الداخلية والوصول إلى العمق"، مضيفًا أنّ الجماعة: "تمتلك بنكًا للأهداف في فلسطين المحتلة منها الأهداف العسكرية والأمنية الحساسة".

وأشار المتحدث باسم الحوثيين إلى أن الجماعة ستمضي: "في ضرب تلك الأهداف ردًا على مجازر العدو وجرائمه اليومية في قطاع غزة"، مجددًا التأكيد مرة أخرى على أنّ عمليات الحوثيين: "لن تتوقف إلا بوقف العدوان ورفع الحصار عن الشعب الفلسطيني في قطاع غزة".

وأوضح القيادي الحوثي حزام الأسد، في حديث إلى "التفلزيون العربي"، أن: "المسيّرة التي استهدفت تل أبيب صناعة يمنية"، وأكد أنّ الجماعة تملك: "المزيد من المفاجآت التي ستربك العدو".

فشل لأنظمة الكشف والرادارات في جيش الاحتلال

وفي أول تعليق على الهجوم، قال جيش الاحتلال إنه: "سيكون هناك تقيّيم آخر للوضع في وقت لاحق من هذا الصباح. نحن في حرب طويلة، والدفاعات الجوية ليست مُحكمة"، وأضاف: "إلى جانب حقيقة نجاحنا في إسقاط هدف من الشرق، فإننا نحقق في هذا الحادث، وقد رأينا مسارات مُسيّرات حاولت تضليلنا وغيرت اتجاهها أثناء طيرانها".

وقالت إذاعة جيش الاحتلال في تعليقها على الهجوم إنّه: "لا يزال يتعيّن على القوات الجوية التحقيق في المسار الذي سلكته، وكيف تمكنت من الإفلات من أنظمة الكشف والرادارات"، وأوضحت أنّ: "المسافة بين تل أبيب وميناء الحديدة في اليمن (أحد مراكز القوة الرئيسية للحوثيين) تبلغ 2100 كيلومتر".

واعتبرت أنّ الهجوم يمثّل: "فشلًا لأنظمة الكشف، وهو أمر بالغ الأهمية لأنه إذا لم يتم اكتشاف الهدف المشتبه به، فمن غير الممكن أيضًا محاولة اعتراضه".

وأشارت إلى أن الجيش الإسرائيلي أعلن عن "تحقيق متعمّق" وتعزيز دوريات الطائرات في السماء. ووفقًا للإذاعة العبرية، فإنّه: "منذ بداية الحرب، يعد هذا أول هجوم ناجح للحوثيين ضد إسرائيل"، زاعمةً أنهم: "أطلقوا عشرات الطائرات بدون طيار والصواريخ على إسرائيل، لكن أيًّا منها لم يصل إلى هدف".

ووصفت صحيفة "يديعوت أحرونوت" عدم تمكن جيش الاحتلال من رصد المسيّرة بأنه "عمى كامل"، وتابعت: "في وقت تكون جميع الأنظمة وفي حالة تأهب قصوى. دعونا نتذكر: هذه ليست مناطق قريبة من الحدود"، معتبرةً أنّ: "الحادث يثير تساؤلات صعبة حول التعامل مع تهديدات من هذا النوع على نطاق مختلف في حرب شاملة ضد حزب الله وربما ضد الساحات الأخرى".

من جهته، قال وزير الأمن القومي، إيتمار بن غفير، في منشور على منصة "إكس": "لقد تم تجاوز الخط الأحمر في الشمال. عندما تحتوي إطلاق النار على كريات شمونة وسديروت، فإنك تتلقى إطلاق نار على تل أبيب". وأضاف: "هذا بالضبط المفهوم الذي كان سائدًا بشأن غزة لسنوات"، معتبرًا أن: "التناسب والاحتواء كلمتان بذيئتان عندما يتعلق الأمر بالأمن القومي".

وتابع بن غفير قائلًا: "يمكن ويجب تغيير المفهوم. تمامًا مثل الإصلاح الذي قمت به في السجون، رغم معارضة جزء من المؤسسة الأمنية"، مشيرًا إلى أنه: "لهذا السبب بالتحديد أصر على الجلوس حول الطاولة (مجلس كابينت الحرب) لتحديد سياسة إسرائيل".

طالبت إذاعة جيش الاحتلال القوات الجوية التحقيق في المسار الذي سلكته، وكيف تمكنت من الإفلات من أنظمة الكشف والرادارات

كما علّق زعيم المعارضة الإسرائيلية، يائير لابيد، على الهجوم بالقول إن: "تحطم الطائرة بدون طيار في تل أبيب هو دليل آخر على أن هذه الحكومة لا تعرف ولا تستطيع توفير الأمن لمواطني إسرائيل"، وأضاف: "من يفقد الردع في الشمال (لبنان) والجنوب (غزة) يفقده أيضًا في قلب تل أبيب".

واعتبر لابيد في تعليقاته أنّه: "لا توجد سياسات ولا خطط، كل العلاقات العامة والمناقشات تتمحور حول أنفسهم (الحكومة)، عليهم الذهاب، وسنعرف كيف نقيم حكومة فاعلة وفعالة تعيد الأمن والقوة إلى إسرائيل".

بينما قال رئيس حزب "إسرائيل بيتنا"، أفيغدور ليبرمان، إنّ: "من لا يمنع الصواريخ على كريات شمونة وإيلات يجب أن لا يتفاجأ بتلقيها في تل أبيب"، وأضاف أنّ: "الحادث الخطير الذي وقع الليلة الماضية هو نتيجة مباشرة لسياسة الاحتواء والاستسلام التي لا تزال تنتهجها حكومة (نتنياهو)"، على حد تعبيره.