حذر المفوض العام للأونروا، فيليب لازاريني، من محاولات الاحتلال المستمرة لإنهاء عمل المنظمة الأممية في غزة والضفة الغربية، مندّدًا بتجاهل المجتمع الدولي الواضح تجاه الجرائم التي يرتكبها الاحتلال بحق الشعب الفلسطيني.
جاء ذلك في بيان رسمي للمفوض العام للوكالة الأممية، تلاه أمام مجلس الأمن مساء الأربعاء، وجاء فيه: "لا تلوح في الأفق نهاية للعنف الوحشي الذي يجتاح المنطقة، لقد كان عامًا من الخسارة والمعاناة العميقة، عامًا من نزع الإنسانية والهمجية".
واستعرض لازاريني أمام مجلس الأمن ما آلت إليه غزة بعد عامًا من العدوان، فقال: "غزة أصبحت غير قابلة للتعرف عليها، بحر من الأنقاض، مقبرة لعشرات الآلاف من الناس، بما في ذلك عدد كبير جدًا من الأطفال، تم تهجير السكان بالكامل تقريبًا، أُجبر الناس على الفرار عدة مرات، بحثًا عن الأمان الذي لا وجود له".
المفوض العام للأونروا أمام مجلس الأمن: يمكننا أن نلزم إسرائيل بالامتثال للقانون، أو نعترف بأن النظام الدولي القائم على القواعد بعد الحرب العالمية الثانية قد انتهى
كما تحدث المفوض العام عن جرائم الاحتلال في شمالي غزة، خصوصًا التطورات الأخيرة المتعلقة بمطالبته تهجير أهالي المنطقة وإخلاء المستشفيات: "إن التطورات الأخيرة في الشمال مثيرة للقلق بشكل خاص، يتم دفع مئات الآلاف من الناس مرة أخرى للانتقال إلى الجنوب، حيث الظروف المعيشية لا تطاق، ومرة أخرى، يتأرجح سكان غزة على حافة المجاعة من صنع الإنسان".
ونوّه لازاريني إلى معاناة الأطفال في غزة جراء جرائم الاحتلال، فقال أمام مجلس الأمن: "لم يسلم الأطفال في غزة من هذه المعاناة، فقد قُتلوا وأُصيبوا وتيتموا بأعداد صادمة، وهناك أكثر من 650 ألف طفل خارج المدرسة، هم مصابون بصدمات نفسية عميقة ويعيشون بين الأنقاض، لقد فقدوا بالفعل عامين من التعلم، والفلسطينيون ليسوا غرباء عن الخسارة، ولكن حرمانهم من التعليم الذي كان دائمًا مصدر فخر لهم هو أمر جديد".
وأشار المفوض العام إلى ممارسات الاحتلال في الضفة الغربية، حيث "تزداد الحياة المدنية عسكرة وتتوسع الأنشطة الاستيطانية بشكل عدواني، وتدمر قوات الأمن الإسرائيلية بشكل روتيني البنية التحتية الأساسية أثناء عملياتها العسكرية، ما يفرض عقوبات جماعية ضد الفلسطينيين" كذلك أشار إلى استشهاد قرابة 700 شخص في الضفة بينهم 160 طفلًا بسبب عدوان الاحتلال في الضفة في العام الماضي.
لازاريني استعرض عمل الأونروا في الفترة الماضية بمناطق غزة والضفة ولبنان، مؤكدًا الحاجة لخدماتها أكثر من أي وقت مضى، ومع ذلك لم يسبق أن تعرضت لهجوم شرس مثلما تتعرض له الآن حسب وصفه، حيث "التجاهل الصارخ للقانون الإنساني الدولي، والانهيار شبه الكامل للنظام المدني، يشل الاستجابة الإنسانية في غزة" وبيّن لازاريني أن "غزة هي المكان الأكثر خطورة في العالم بالنسبة للعاملين في مجال المساعدات الإنسانية، فقد قُتل 226 من موظفي الأونروا في غضون 12 شهرًا، وتضررت أو دمرت مباني الأمم المتحدة، بما في ذلك ثلثي مباني الأونروا".
المفوض العام للأونروا أمام مجلس الأمن: غزة أصبحت غير قابلة للتعرف عليها، بحر من الأنقاض، مقبرة لعشرات الآلاف من الناس
وبيّن لازاريني خطورة أهداف الاحتلال بتدمير الوكالة الأممية، فقال: "وصف كبار المسؤولين الإسرائيليين تدمير الأونروا بأنه هدف حرب، التشريع لإنهاء عملياتنا جاهز للتبني النهائي من قبل الكنيست الإسرائيلي، والذي يسعى إلى حظر وجود الأونروا وعملياتها وإلغاء امتيازاتها وحصاناتها، في انتهاك للقانون الدولي".
وحذّر المفوض الأممي من تبني الكنيست للمشروع، وقال: "إذا تم تبني مشاريع القوانين، فإن العواقب ستكون وخيمة، عمليًا، قد تتفكك الاستجابة الإنسانية بأكملها في غزة، والتي تعتمد على البنية التحتية للأونروا".
كما بين أن قرارًا كهذه يؤكد ما أقرته محكمة العدل الدولية بشأن جرائم الاحتلال ويعمقها، فقال: "إن التشريع الذي أقره الكنيست ينتهك التزامات إسرائيل بموجب ميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي، وهو يتحدى إرادة المجتمع الدولي التي عبر عنها قرار الجمعية العامة رقم 302 بشأن الأونروا، ويعمق الانتهاكات التي أقرتها محكمة العدل الدولية".
مفوض الأونروا أمام مجلس الأمن: وصف كبار المسؤولين الإسرائيليين تدمير الأونروا بأنه هدف حرب، والتشريع بذلك هو انتهاك للقانون الدولي
وواصل لازاريني تحذيره أمام أعضاء مجلس الأمن: "إن هذه الهجمات تشكل سابقة خطيرة لحالات الصراع الأخرى، حيث قد ترغب الحكومات في القضاء على وجود الأمم المتحدة غير الملائم، إنها لا تستهدف الأونروا فحسب، بل تستهدف أي فرد أو كيان يدعو إلى الامتثال للقانون الدولي والحل السياسي السلمي"
ودعا المفوض الأممي أعضاء مجلس الأمن إلى عدم التسامح مع الاحتلال من خلال السماح له بالإفلات من عواقب أفعاله، وإلا فإن النظام الدولي بوضعه الحالي سيكون منتهيًا: "يتعين على هذا المجلس أن يقرر إلى أي مدى سيتسامح مع الأفعال التي تضرب قلب التعددية وتهدد السلام والأمن الدوليين، إن مناخ الإفلات من العقاب السائد لن يتبدد دون اتخاذ إجراءات حاسمة، بوسعنا أن نتمسك بميثاق الأمم المتحدة وننفذ القانون الدولي، بما في ذلك اتفاقيات جنيف وقرارات المحاكم الدولية، دون استثناء، أو يمكننا أن نعترف بأن النظام الدولي القائم على القواعد بعد الحرب العالمية الثانية قد انتهى".