لا يزال تسونامي "البتكوين" في تصاعد مستمر، فحتى صبيحة الأربعاء 29 تشرين الثاني/ نوفمبر2017 تجاوز سعر البتكوين عتبة 10 آلاف دولار، بعد حالة التضخم الجنوني الذي عرفته هذه العملة الرقمية، حيث تضاعفت قيمتها منذ بداية العام الجاري فقط بعشر مرات، لتحقق في ظرف قياسي انتشارًا واسعًا عالميًا، جعلها تحظى باعتراف بعض البنوك الدولية، فيما لا تزال بعض البلدان تتوجس من دخول هذه العملة سوقها الاقتصادي.
تجاوز سعر البتكوين عتبة 10 آلاف دولار وحققت في ظرف قياسي انتشارًا واسعًا عالميًا، جعلها تحظى باعتراف بعض البنوك الدولية، فيما لا تزال بعض البلدان تتوجس منها
اقرأ/ي أيضًا: العملة الوطنية اللبنانية في الميزان
ما هي البتكوين؟
البتكوين (Bitcoin) هي العملة الافتراضية الأولى بالعالم، تم إنشاؤها في عام 2009 من قبل مخترع غير معروف، لكن يعزى أول تطبيق علني لها لمبرمج ياباني يدعى ساتوشي ناكاموطو، واسمها هو تركيب لكلمتين انجليزيتين، بت (bit ) التي تحيل إلى وحدة القياس في مجال الحوسبة، وكوين (coin) التي تعني العملة. وبالتالي فالبيتكوين هي عملة رقمية تتداول على شبكة الأنترنت فقط.
لكن البتكوين تختلف عن العملات النقدية المتداولة، إذ لا تخضع لأي سلطة مركزية أو وسطاء مثل بنوك أو جهات مالية ما، وإنما يتم إدارتها بالكامل من قبل مستخدميها من كل أنحاء العالم بكل حرية، يتطلب الأمر فقط استخدام برامج على شبكة الكمبيوتر تتماشى مع نفس القواعد المجمع عليها في مجتمع المطورين، حيث يقوم المستخدم بدور الخادم والزبون في الوقت ذاته، وهذا ما يسمى بنظام الند للند (أو P2P).
لا يزال عدد المستخدمين للبتكوين عالميًا غير معروف على وجه الدقة، إلا أن دراسة لمركز كامبريدج للتمويل البديل تقدر أن هناك أكثر من ثلاثة ملايين شخص يملكون حسابات العملة الرقمية، وعلى رأسها البتكوين، موضحة أنه "اعتبارًا من نيسان/ أبريل 2017، بلغت القيمة السوقية المجمعة لجميع العملات الخفية 27 مليار دولار"، وهي قيمة مماثلة، وفقًا للدراسة، لواحدة من شركات وادي السيليكون كشركة Airbnb)).
وتتمتع البتكوين بخاصية فريدة، إذ يمكن تداولها بشكل آمن وموثوق بعيدًا عن أي جهة مالية قد تتحكم في عملية التداول، وذلك يرجع إلى أنها تستند على نظام رقمي مشفر لا يخضع لأي رقابة أو سلطة مركزية، بل يمنح مستخدم العملة كامل الحرية والاستقلالية، وهي الميزة التي جعلت البتكوين تجذب إليها عشاق التكنولوجيا والمصرفيين الماليين، لكنها أيضًا وفرت بيئة مواتية لتجار المخدرات والأسلحة والفاسدين للقيام بعمليات البيع والشراء بعيدًا عن الرقابة.
اقرأ/ي أيضًا: تأجيل تعويم الدرهم في المغرب يكشف مافيا تجار العملات
البتكوين والاعتراف القانوني
تفوق قيمة البتكوين سعر كل العملات المتداولة التي تصدرها البنوك المركزية، فضلاً عن التفشي السريع الذي تشهده حالياً، وهو ما يفتح فرصًا واعدة لسوق العملات الرقمية في النظام الاقتصادي العالمي، لكن مع ذلك لا يزال الوقت مبكرًا لحصول عملة البتكوين على اعتراف دولي وشرعية قانونية تامة.
في الوقت الذي يبشر فيه محللون بمستقبل مزدهر للعملات الافتراضية، تحذر مؤسسات مالية من مخاطر وجود فقاعة مالية تغلف البتكوين وسرعان ما ستنفجر
فباستثناء ألمانيا وسويسرا، لا تحظى البتكوين باعتراف رسمي لشرعية تداولها في السوق، غير أن الكثير من المتاجر في أوروبا وآسيا وأمريكا يقبلون بالدفع بواسطة العملة الافتراضية، كما تستخدم الشركات الخفية البتكوين على نحو متزايد لجلب التمويل، كبديل لسوق الأوراق المالية.
أما في المنطقة العربية فتشعر الحكومات بكثير من الجزع من دخول العملات الافتراضية الأسواق المحلية، لدرجة أن مكتب الصرف بالمغرب أصدر قرارًا يقضي بمنع عملة "البتكوين" الافتراضية كليًا في الأسواق المغربية، وحذر بعقوبات سجنية للمتعاملين بها، معللاً قراره "بعدم تبنيها من طرف الجهات والمؤسسات الرسمية، وصعوبة التعرف على أصحابها"، الشيء الذي أثار سخط رواد شبكة الأنترنت لما وصفوه بـ"التخلف التقني المالي" للمغرب بسبب عدم مواكبته التطورات الجديدة.
وفي الوقت الذي يبشر فيه محللون بمستقبل مزدهر للعملات الافتراضية، مع تصاعد قيمة البتكوين وانتشارها الكاسح، تحذر عدة مؤسسات مالية من مخاطر وجود فقاعة مالية تغلف هذه العملة الرقمية سرعان ما ستنفجر، حيث يقول نائب رئيس البنك المركزي الأوروبي، فيتور كونستانسيو، متحدثًا عن البتكوين "إنها ليست عملة، بل هى أداة للمضاربة".
اقرأ/ي أيضًا: