ألترا صوت-فريق التحرير
كشفت وثائق سرية لوزارة الدفاع الأمريكية عن وقوع آلاف الضحايا من المدنيين في الهجومات الجوية التي تشنها الولايات المتحدة في الشرق الأوسط منذ العام 2014.
وأظهرت وثائق نشرتها صحيفة "نيويورك تايمز" أن السبب يعود للمعلومات الاستخباراتية المعيبة للغاية، والاستهداف المتسرع وغير الدقيق للأهداف من طرف الجيش الأمريكي، وأشارت الوثائق إلى أن التعهدات بالشفافية والمحاسبة أفسحت مجالًا للتعتيم والإفلات من العقاب، إذ رفض البنتاغون في الكثير من الحالات إدانة جنوده.
أظهرت وثائق نشرتها صحيفة "نيويورك تايمز" أن السبب يعود للمعلومات الاستخباراتية المعيبة للغاية، والاستهداف المتسرع وغير الدقيق للأهداف من طرف الجيش الأمريكي
واستعرضت "نيويورك تايمز" في تقريرها عددًا من حالات القتل التي كان ضحاياها مدنيين، ولم يصدر عن الجهات المسؤولة إقرار بارتكاب أي خطأ. وذكرت واقعة حدثت في تموز/يوليو 2016 أدت إلى مقتل 120 قرويًا سوريًا في ضواحي قرية توخار في ضربة جوية قال البنتاغون وقتها إنها استهدفت تجمعًا لمقاتلي تنظيم "الدولة الإسلامية" وقتل على إثرها 85 مقاتلًا، لكن في الواقع قصفت الطائرات الأمريكية منازل بعيدة عن خط المواجهة حيث سعى مزارعون وعائلاتهم وغيرهم من السكان المحليين إلى اللجوء الليلي إليها خوفًا من القصف وعمليات إطلاق النار.
وفي مثال آخر أوائل العام 2017 بالعراق، قصفت طائرة حربية أمريكية مركبة داكنة اللون اعتُقد أنها سيارة مفخخة توقفت عند تقاطع في حي وادي الحجر في غرب الموصل، لكن في الواقع لم تكن السيارة تحمل قنبلة بل كانت تحمل رجلًا يُدعى ماجد محمود أحمد وزوجته وطفليه الذين كانوا فارين من القتال في مكان قريب وقتلوا جميعًا وثلاثة مدنيين آخرين.
كما أوردت الصحيفة مثالًا آخر وقع في الرمادي بالعراق في تشرين الثاني/نوفمبر 2015 حين رصدت القوات الأمريكية رجلًا يسحب جسمًا ثقيلًا غير معروف إلى موقع قتالي يتبع لتنظيم "الدولة الإسلامية" وقصفت المبنى، وبعد مراجعة عسكرية تبين أن الجسم كان في الواقع "شخصًا صغير القامة" وهو طفل قتل في الغارة.
وفي الآونة الأخيرة اضطر مسؤولون أمريكيون إلى التراجع عن مزاعم بأن سيارة دمرتها طائرة بدون طيار بأحد شوارع العاصمة كابول في آب/أغسطس الماضي كانت محمّلة بقنابل، وتبين لاحقًا أن ضحايا الضربة كانوا 10 أفراد من عائلة واحدة من بينهم 7 أطفال. كذلك أشارت الصحيفة للتحقيق الذي أجرته مؤخرًا عن مقتل عشرات المدنيين في غارة على منطقة الباغوز في سوريا عام 2019 والتي حاول الجيش الأمريكي أن يخفي نتائجها عن الأنظار، وتم تنفيذ هذه الضربة من قبل خلية هجومية سرية للغاية تسمى" تالون أنفيل" والتي وفقًا للأشخاص الذين عملوا معها كانت تتجنب في كثير من الأحيان الإجراءات التي تهدف إلى حماية المدنيين، فقذ نفذت "تالون أنفيل" جزءًا كبيرًا من عمليات الحرب الجوية ضد تنظيم "الدولة الإسلامية" في سوريا.
وتتحدث الصحيفة الأمريكية أن مجموعة من الوثائق السرية التي تم الحصول عليها مؤخرًا والتي تتناول أكثر من 1300 تقرير عن كيف اتسمت الحرب الجوية بمعلومات استخباراتية معيبة للغاية واستهداف متسرع وغير دقيق، وأشار تقرير الصحيفة إلى أن ضعف لقطات المراقبة وعدم كفايتها غالبًا ما يؤديان إلى إخفاقات ينتج عنها سقوط قتلى من خارج نطاق الاستهداف، ففي الكثير من الأحيان أدت إلى مقتل آلاف المدنيين بينهم عدد كبير من الأطفال في تناقض حاد مع صورة الحكومة الأمريكية للحرب التي تشنها الطائرات بدون طيار والقنابل الدقيقة.
وأضافت "نيويورك تايمز" أنه على الرغم من التشديد من قبل البنتاغون لفحص الخسائر المدنية، لكن لم يتم الإعلان عن التقييمات إلا في عدد قليل من الحالات، ولم يخلص ولو سجل واحد إلى خطأ ارتُكب أو إلى إجراء تأديبي، مشيرة إلى أن هذا ما كشفه النصف الأول من الوثائق.
وفي الحالات التي تم الكشف عنها اوردت الصحيفة أن البنتاغون قام بدفع تعويضات مادية إلى 12 حالة فقط على الرغم من أن العديد من الناجين يعانون من إعاقات تتطلب رعاية طبية باهظة الثمن، في إشارة كذلك إلى محاولة التقليل من عدد الضحايا المدنيين جراء تلك الغارات.
وفي رده على استفسار "نيويورك تايمز" حول الموضوع قال المتحدث باسم القيادة الوسطى الأمريكية الكابتن بيل أوربان أن الأخطاء واردة الحدوث حتى مع أفضل التقنيات في العالم، مضيفًا أنهم يعملون بجد لتجنّب أضرار كهذه، وأشار المتحدث إلى اجراء تحقيقات في كل حالة ذات صدقية، ووصف التقليل من مخاطر إلحاق الأذى بالمدنيين بأنه ضرورة استراتيجية بالإضافة إلى واجب قانوني وأخلاقي، ليتأسف في الأخير عن كل الخسائر في أرواح الأبرياء.
الصحيفة الأمريكية تقول أن اعتماد الولايات المتحدة على الضربات الجوية بالشرق الأوسط شهد تسارعًا كبيرًا السنوات الأخيرة من عهد الرئيس الأسبق باراك أوباما بعدما تضاءل التأييد الشعبي للحروب البرية. وقد وصف أوباما المقاربة الجديدة القائمة على استخدام طائرات مسيّرة بأنها "الحملة الجوية الأكثر دقة في التاريخ"، لأنها بحسبه قادرة على إبقاء عدد القتلى في صفوف المدنيين في حده الأدنى.
نفذت القوات الأمريكية خلال خمس سنوات أكثر من 50 ألف ضربة جوية في أفغانستان والعراق وسوريا
ووفق التقرير نفذت القوات الأمريكية خلال خمس سنوات أكثر من 50 ألف ضربة جوية في أفغانستان والعراق وسوريا، وتحدثت الصحيفة ان مراسليها زاروا أكثر من 100 موقع من تلك التي سقط فيها ضحايا، وأجروا مقابلات مع عشرات من السكان الناجين ومسؤولين أمريكيين حاليين وسابقين، مشيرة إلى انها في الأيام المقبلة ستستكمل التحقيق بجزء ثان من هذه السلسلة في رحلات عبر مناطق الحرب في العراق وسوريا، لتقدم الصورة الأكثر شمولًا والأكثر دقة للحرب الجوية الأمريكية والتحقيق فيها، وعن الخسائر المدنية التي خلفتها.
اقرأ/ي أيضًا:
9 شخصيات برزت في عوالم السياسة والصحافة في 2021
21 سابقة فريدة سجّلها التاريخ في العام 2021
BTS الكورية حققّت أرقامًا قياسية في 2021.. هذا كل ما يلزمك معرفته عنها
7 أشكال ثقافية عربية جديدة في لائحة اليونسكو للتراث الثقافي غير المادي