شكل التعلم عن بعد، الذي أصبح من الضرورات في وقت جائحة كورونا، تحديًا عالميًا بالنسبة للمعلمين والطلاب والأهل على حد سواء. وبالنسبة للطلاب في لبنان، وتحديدًا من اللاجئين السوريين والفلسطينيين، أتت مسألة التعلم عن بعد تحديًا إضافيًا للتحديات التي تواجهها هذه الشريحة الهشة في بلد لا ينقصه المزيد من التحديات والتعقيدات.
تشكل خدمات الإنترنت والكهرباء في المناطق الجبلية في لبنان أثناء الشتاء عائقًا كبيرًا أمام التعليم عن بعد، وهي حال أغلب البنى التحتية في لبنان، خاصة بالنسبة للاجئين السوريين والفلسطينيين
أما فيما يتعلق بقرب حلول العام 2021 فتوقعت الممثلة الإعلامية لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين - أونروا في لبنان، هدى السمراء، في حديثها لألترا صوت "نزوح ما "بين 20 إلى 30% من طلاب المدارس الرسمية والخاصة في لبنان إلى مدارس الأونروا نتيجة الظروف المعيشية الصعبة التي يعايشها لبنان". ليبقى توفير الأمكنة الدراسية لاستيعاب الأرقام الجديدة المرتقبة في مدارس الأونروا عائقًا عملاقًا بحاجة حلول واستجابة مستعجلة وفق السمراء. فتسجيل أكثر من 10 آلاف طالب جديد في مدارس الأونروا سيزيد العبء والضغط على الصفوف والكادر التعليمي وكامل مرفقات المدارس وبينة التعليم التحتية، التي تشكو أصلًا من الاكتظاظ ونقص الإمكانيات. وعليهأشارت السمراء إلى الحاجة الضرورية لفتح صفوف أو مدارس جديدة. ووفق أرقام الأونروا فهناك 65 مدرسة تحت إدارتها في لبنان، 1416 معلمًا ومعلمة و37 ألف طالب وطالبة سجلوا في العام الدراسي الحالي. وبسبب الأوضاع الاقتصادية في لبنان يتوقع أن يزداد عدد الطلبة الملتحقين بالوكالة كما تبين بشكل أولي من بيانات التسجيل الإلكتروني.
اقرأ/ي أيضًا: التعليم في اليمن من أكثر القطاعات تضررًا بفعل الحرب
ووفقًا لوزارة التربية والتعليم هناك في المدارس اللبنانية 149 ألف طفل أجنبي في الدوام المسائي، موزعون على 344 مدرسة. مقابل 48 ألف طفل في الدوام الصباحي المختلط مع 230 ألف طالب لبناني موزعين على ألف مدرسىة تقريبًا. وأما في المرحلة الثانوية فهناك خمسة آلاف طالب سوري ضمن الدوام الصباحي وليس هناك حاجة لدوام مسائي. ومن اللافت أن وصول الطلاب السوريين إلى الصفوف الثانوية وإلى الجامعات لا يتعدى نسبة واحد في المئة حيث أنه من أصل 250 ألف طالب هناك أعداد قليلة تصل إلى الجامعات مما يثير الشكوك حول جدوى العملية التعليمية للاجئين السوريين في لبنان إذا كانت المخرجات هكذا!
شهادات من واقع اللجوء
فاطمة أحمد عثمان، وهي لاجئة فلسطينية من مخيم مار الياس، ووالدة إحدى الطالبات. قالت في حديثها لألتراصوت فيما خص التعليم عن بعد "ليس تعليمًا متكاملًا. في البداية فكرنا أن التدريس عن بعد سيكون مباشرًا ولكن فوجئنا أن الأونلاين عبارة عن رسائل عبر الواتساب ولينكات عبر غوغل وعلى الطلاب قراءتها أو مشاهدتها ثم إرسال صور لصفحات من الكتاب فيما يغيب شرح الأساتذة، وكذلك غياب تام لكل الحصص الترفيهية كالرسم والمسرح والموسيقى والرياضة مما يشكل إرهاقًا للطالب".
وتشير عثمان إلى أنه أحيانًا "كان الأساتذة يرسلون الواجبات في ساعات المساء دون الالتزام بالموعد الرسمي للدوام المدرسي الاعتيادي". وتشرح "كسكان مخيم مار الياس في بيروت هناك صعوبات في وفرة الكهرباء كونها تنقطع بكثرة وبحاجة لاشتراك كهرباء واشتراك إنترنت والكثير من الأسر ليس لديها الأجهزة التقنية الحديثة أبدًا".
أما الطالبة ريان مصطفى ضاهر، 13 سنة، في الصف الثامن أساسي وتدرس في مدرسة حيفا. تشارك تجربتها بالقول "شعرت بعدم الاستفادة من الدرس، وأريد أن يكون هناك شرح عبر تطبيق zoom لأشاهد الأستاذ وهو يشرح مباشرة عبر الفيديو، وأن يسمح لي بالمشاركة والسؤال والاستفسار لأن السنة الفائتة كنت غير متأقلمة".
بينما قالت فاطمة عبدالله محمد، سورية الجنسية وأم لأربعة أطفال مسجلين في المدرسة، لألترا صوت عن تجربة التعليم عن بعد "كان صعبًا وغير فعال ولم أشعر بأن أطفالي استفادوا او استوعبوا الدروس والأهداف والمهارات المطلوبة منهم، وكانت مشاركتهم ضئيلة وشعرت بتناقص الرغبة والنية لديهم للدرس بسبب الكسل أو الإهمال".
وأضافت محمد أن التعليم عن بعد يتطلب "مجهودات خاصة وتقنيات ليست متوفرة، فهي بحاجة إلى أربعة هواتف كل يوم منذ بداية الدوام في الساعة 8:30 صباحًا وحتى الثانية ظهرًا، فيما لا يتوفر إلا هاتفين لذا كانت عملية التدريس بالمداورة بين الأخوة الأربعة" خاصة وأن هناك "إستحالة لشراء هواتف جديدة أو آيباد أو لابتوب أو تأمين المواصلات والقرطاسية والمريول لجميع الطلاب في البيت الواحد بعد الارتفاع الجنوني لسعر الدولار في لبنان".
وعن التحديات الأساسية في التعليم عن بعد أشارت الوالدة إلى أن فاتورة الإنترنت مكلفة لأربعة أطفال لذا كان أطفالها يكتفون بتنزيل الرسائل الصوتية والصور دون تنزيل الفيديوهات لأنها بحاجة إلى حجم ميغابايت كبير وكل ذلك يؤدي إلى تفويت الكثير من المواد التعليمية عن الطلاب.
اقرأ/ي أيضًا: مشروع "الدولار الطالبي" في لبنان.. مستقبل أكاديمي قيد التعطيل
التحديات الأهم التي واجهها الطلاب في لبنان شملت عدم توفر الأجهزة الذكية لدى الكثير منهم، وعدم توفر خدمة الإنترنت بسبب الوضع الاقتصادي أو بسبب ضعف الشبكة، ومشكلة انقطاع الكهرباء. كما هناك غياب لتدريب الكوادر التعليمية وغياب التخطيط المنهجي وصعوبة تحمل أعداد كبيرة جدًا من اللاجئين الوافدين إلى المدارس الرسمية.
والجدير ذكره أن خدمات الإنترنت والكهرباء في المناطق الجبلية في لبنان أثناء الشتاء تعتبر عائقًا كبيرًا أمام التعليم عن بعد، وهي حال أغلب البنى التحتية في لبنان، خاصة بالنسبة للاجئين السوريين والفلسطينيين في مخيمات البقاع في لبنان حيث النسبة الأكبر منهم. مما يفرض توفير خطط مناسبة تتمثل في تحضير مواد التعلم عن بعد، من مواد إلكترونية ومواد مطبوعة، وإجراء تدريبات للمعلمين ومديري المدارس والمختصين التربويين والكادر التعليمي للتعامل مع كافة السيناريوهات وتقديم الدعم المطلوب للأهل والمعلمين والمدارس. وكذلك تأمين الكتب المدرسية والقرطاسية والمحافظة على جودة التعليم. وتحضير مواد التنظيف والمعقمات إن كان هناك تعليم عن طريق الحضور في المدارس، إضافة إلى مواد توعية صحية مطبوعة وإلكترونية. ومساعدة جميع الطلبة في عملية التعليم بكل أشكاله وخصوصًا الذين لن يتمكنوا من المشاركة في التعليم عن بعد، والأهم إيجاد حل للبنى التحتية المهترئة في لبنان وإلا ستبقى العملية التعليمية متعثرة في المستقبل.
اقرأ/ي أيضًا:
منح دراسية في جميع المستويات الجامعية لطالبي اللجوء في هنغاريا
برنامج تدريبي خاص من نقابة تكنولوجيا المعلومات وشركة هواوي للطلبة في لبنان