في الوقت الذي تكثف إسرائيل هجماتها على شمال غزة، يبحث الفلسطينيون عن جثامين أبنائهم بين أنقاض مبانٍ متعددة الطوابق، وسط المجازر المتواصلة التي يرتكبها جيش الاحتلال في المنطقة منذ أكثر من ثلاثة أسابيع.
يوم الثلاثاء الماضي، استهدفت غارة جوية منزلًا مكوّنًا من أربعة طوابق في مشروع بيت لاهيا، وبعد الغارة اندفع الأهالي نحو المنزل في محاولة يائسة للعثور على ناجين، فوجدوا أشلاء الشهداء منتشرة في أرجاء المبنى المدمر.
حوّل الهجوم الصاروخي المنزل إلى مشهد مروّع، حيث استشهد ما لا يقل عن 93 شخصًا من عائلة أبو نصر، إلى جانب رجال ونساء وأطفال نازحين كانوا قد تجمعوا في المبنى، فيما تشير وكالة "رويترز" للأنباء إلى أنه في الوقت الذي ينشغل فيه العالم بالحملة العسكرية الإسرائيلية على لبنان، تقصف إسرائيل شمال غزة بشكل مكثف، ومرة أخرى، يدفع المدنيون الثمن الأكبر.
في الوقت الذي ينشغل فيه العالم بالحملة العسكرية الإسرائيلية على لبنان، تقصف إسرائيل شمال غزة بشكل مكثف، ومرة أخرى، يدفع المدنيون الثمن الأكبر
في منزل عائلة أبو نصر، حاول الجيران إزالة الأنقاض، ولفّوا ما عثروا عليه من بقايا الجثث في بطانيات، وأُنزلت بالحبال من الشرفات لتوضع على الأرض الملطخة بالدماء بجوار جثث أخرى. كما قام الناس بإزاحة الكتل الخرسانية المغبرة والأسلاك الملتوية، كاشفين عن أطراف ضحايا محاصرين تحتها، العديد منهم استشهدوا قبل أن يتمكنوا من إنقاذهم. وذكرت وزارة الصحة في غزة أن ما لا يقل عن 20 من الشهداء كانوا أطفالًا.
يقول الشاهد إسماعيل عويضة، الذي كان يساعد في انتشال الجثث، في فيديو نُشر على وسائل التواصل الاجتماعي: "هناك عشرات الشهداء، العشرات من النازحين كانوا يقيمون في هذا المنزل، وقد تم قصفه دون أي تحذير مسبق"، مضيفًا "كما ترون، الشهداء هنا وهناك، والأشلاء معلقة على الجدران".
🎥 "كل شمال #غزة يموت، الأطفال يدفعون الثمن".. شاب غزيّ يوجه رسالة إلى العالم أثناء نقله لشهيد. pic.twitter.com/KARwy4112i
— Ultra Sawt ألترا صوت (@UltraSawt) October 30, 2024
ذكرت وزارة الصحة أن 60 شخصًا على الأقل تأكد استشهادهم، وأصيب عشرات آخرون في الغارة على مشروع بيت لاهيا، التي تعرضت لدمار واسع نتيجة القصف الإسرائيلي، ولم يصدر تعليق فوري من الجيش الإسرائيلي.
وقد أعربت مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان عن "فزعها" من أحد أعنف الهجمات خلال الأشهر الثلاثة الماضية، داعيةً إلى تحقيق سريع وشفاف في ملابسات الهجوم.
"Only 5 or 6 survivors from +300 were in the building. North Gaza is completely devasted area, no food, no ambulance. No Hospitals is working "
-A dispalced Palestinian, man
Please share this video. Let's the world see.#GrandeFratello #SaveNorthernGaza pic.twitter.com/HOqRTlZwci
— Halima Khan (@khanhalima18) October 31, 2024
وتعرض مخيم جباليا، وهو أكبر المخيمات الفلسطينية في قطاع غزة، إلى جانب بلدتي بيت لاهيا وبيت حانون القريبتين، لأضرار بالغة نتيجة للهجوم الإسرائيلي الجوي والبري، فقد أفاد مسعفون فلسطينيون أن الهجوم الإسرائيلي على شمال غزة أسفر عن استشهاد نحو 900 شخص، وسط مزاعم جيش الاحتلال أن العملية العسكرية تهدف إلى منع عودة حماس إلى المنطقة، لكن الأهالي يرفضون هذا التبرير
يقول عادل، أحد سكان بيت لاهيا البالغ من العمر 60 عامًا، لـ"رويترز": "إنهم يستهدفون الأطفال والنساء، لا يوجد قتال هنا، إنها فقط قنابل الموت الإسرائيلية تُلقى فوق رؤوسنا من السماء"، وتابع حديثه مفضلًا عدم ذكر اسمه الكامل: "الأشخاص الذين يُقصفون يموتون قبل أن تصل الفرق الطبية، والذين يصلون إلى المستشفيات يموتون أيضًا لأنه لا يوجد دواء".
من جانبه، يقول المتحدث الإعلامي باسم وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا" في غزة، عدنان أبو حسنة، لوكالة "رويترز" من القاهرة: "شمال غزة أصبح الجحيم، عملية كبيرة من القتل والدمار والأنقاض والمقابر المؤقتة والمجاعة".