أدت الحرب المندلعة منذ أكثر من عام بين أطراف النزاع في السودان إلى تدمير البنية التحتية في البلاد، وخرجت 70 % من المرافق الصحية عن الخدمة، وفق إحصائيات قدمتها الأمم المتحدة.
ويعاني مرضى السرطان في السودان جراء الحرب، فيضطرون إلى قطع مسافة ألف كيلومتر تقريبًا للوصول إلى المستشفى الوحيد الذي يقدم الرعاية لهم، في مدينة مروى الواقعة شمالي البلاد.
يتحدث المواطن السوداني محمد الجنيد، الذي لجأ إلى ولاية القضارف في شرق السودان، لوكالة "فرنس برس"، أنه عليه قطع مسافة طويلة رفقة زوجته، التي تعاني من السرطان وتحتاج للعلاج بالأشعة، وحتى بعد وصولهم إلى مروى عليهم انتظار دورهم لتلقي العلاج.
يعاني مرضى السرطان في السودان جراء الحرب، فيضطرون إلى قطع مسافة ألف كيلومتر تقريبًا للوصول إلى المستشفى الوحيد الذي يقدم الرعاية لهم، في مدينة مروى الواقعة شمالي البلاد
ويصطف مرضى السرطان في انتظار دورهم داخل مركز "الشرق" لعلاج الأورام الوحيد المخصص لذلك. لكن لا يتوافر في هذا المركز علاج بالأشعة، لذلك يلجأ المرضى إلى مستشفى مروي في الشمال الذي يبعد حوالي ألف كيلومتر عن القضارف.
وكانت زوجة الجنيد تتلقى علاجها في مستشفى ود مدني بولاية الجزيرة في وسط السودان قبل إغلاقه بسبب اندلاع المعارك بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، ما دفع أسرتها إلى الفرار إلى القضارف.
فقد تدفقت مئات الآلاف من العائلات إلى ولاية القضارف، بعدما نزوحها من الولايات التي تشهد معارك بين أطراف النزاع، وسط معاناة إنسانية كبيرة بسبب نقص في المواد الغذائية ومياه الشرب والمرافق الصحية.
يقول الجنيد: "اليوم يرى الأطباء أنها تحتاج مجددًا إلى الخضوع للعلاج الإشعاعي، وهو في مروي فقط". وبسبب طول الرحلة بين الولايتين وكثرة الحواجز الأمنية، طلب السائق الذي وافق على اصطحاب الجنيد وزوجته إلى مروي مبلغ 4 آلاف دولار، وهو مبلغ لم يقدر الجنيد على دفعه فألغيت الرحلة.
من جهته، كشف المتحدث باسم منظمة الصحة العالمية، كريستيان ليندميير، لـ"فرانس برس"، بأنّ "من 20 إلى 30% من المرافق الصحية في البلاد لا تزال في الخدمة، وتعمل بالحد الأدنى"، مشيرًا إلى أنّ "الإمدادات الطبية لا تلبي سوى 25 % منالاحتياجات".
وبسبب القتال أغلق أكبر مركزي أورام في الخرطوم وفي ود مدني، ومنذ ذلك الحين يكتظ مركز القضارف بمرضى السرطان على الرغم من سعته الضئيلة.
ويكشف مدير المركز معتصم مرسي لوكالة "فرانس برس": أنّ المركز يضم 27 سريرًا فقط، بينما يحتاج إلى 60 سريرًا على الأقل.
يقول مرسي: "العام الماضي استقبلنا نحو 900 مريض جديد، مقارنة بحوالي 300 أو 400 مريض في الأعوام الماضية"، وأضاف:" في الربع الأول فقط من العام 2024، استقبل المركز 366 مريضا".
وأكد مدير المركز أنّ "الأدوية لا تزال متوافرة إلى حد كبير، على الرغم من بعض النقص المسجل قبل بدء الحرب".
تتحدث المعلمة فتحية محمد، من على سرير العلاج، من داخل مركز القضارف لوكالة "فرانس برس"، قائلةً: " يتقاسم المرضى الغرف بسبب الازدحام"، وتضيف "عاد المرض (السرطان)، واضطررت إلى استئناف العلاج".
كانت محمد تتلقى علاجها أيضًا مثل زوجة الجنيد بمستشفى ود مدني قبل النزوح إلى ولاية القضارف.
وتحدثت بحسرة "هنا لا يوجد علاج إشعاعي، إنه متوافر في مروي لكنه يكلف مليارات الجنيهات السودانية".
وتحتاج المعلمة السودانية إلى علاج بالأشعة بشكل دوري وهو ما يعد "مكلفًا للغاية" خصوصًا وأنها لم تتقاض سوى راتب ثلاثة أشهر فقط من العام الماضي بسبب اندلاع القتال.
هنا لا يوجد علاج إشعاعي، إنه متوافر في مروي لكنه يكلف مليارات الجنيهات السودانية
وفي أواخر أيار/مايو الماضي، حذرت منظمة الصحة العالمية من أن "نظام الرعاية الصحية في السودان ينهار، خصوصًا في المناطق التي يصعب الوصول إليها"، فيما تدمر المرافق الصحية وتتعرض للنهب وتعاني من نقص حاد في الموظفين والأدوية واللقاحات والمعدات والإمدادات.
في مروي يقول أحد الأطباء، وقد طلب عدم الكشف عن هويته، لوكالة "فرانس برس": "يعمل لدينا جهازان للعلاج الإشعاعي على مدار 24 ساعة يوميًا"، وأضاف: إذا "تعطل أحد الأجهزة ويتطلب الصيانة، يتسبب ذلك في تكدس المرضى الذين يأتون من جميع أنحاء السودان".