في سابقة فريدة من نوعها، تواجه الشركات الراعية والمشغّلة لتطبيق تيك توك، أحد عمالقة وسائط التواصل الاجتماعي، دعاوى قضائية في المملكة المتحدة، تتعلق بانتهاك خصوصيات الأطفال وتعريضهم لأنواع مختلفة من المخاطر، وفق ما نقله خبر على موقع شبكة البث البريطانية "بي بي سي".
نجح تيك توك خلال فترة قياسية في الوصول إلى أعداد ضخمة من المشتركين، 800 مليون مستخدم نشط، و2 مليار تحميل للتطبيق
بدأت الحكاية مع طفلة بريطانية من لندن، في سن الثانية عشرة، فضّل موكلوها إبقاء هويتها مجهولة حمايًة لها ولخصوصيتها، تتهم الشركات المشغّلة لتيك توك بـ"فقدان السيطرة على البيانات الشخصية". الأمر الذي قد تكون له تبعات سلبية عليها كمستخدمة. وتعتقد المحكمة العليا في بريطانيا أن تيك توك أساء استخدام المعلومات الخاصة للمدّعية، الأمر الذي يعد انتهاكًا صريحًا لقوانين حماية البيانات في المملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي على حدّ سواء.
اقرأ/ي أيضًا: تيك توك تحذف 29 ألف مقطع فيديو مضلّل عن فيروس كورونا
وبُعيد انتشار الخبر، قررت مفوضة الأطفال في إنجلترا، آن لونغفيلد، اتخاذ صفة الادعاء، وتمثيل جميع الأطفال دون سن الـ16 سنة الذين يستخدمون تطبيق تيك توك.
محامي دفاع الفتاة ابنة الـ12 سنة، تشارلز كيومي، أبلغ المحكمة أن تطبيق تيك توك يستهدف على وجه التحديد الأطفال، خاصة في سن الـ13 وما حوله. وأكّد أن بعض مقاطع الفيديو تنتشر بشكل واسع النطاق. وتضم هذه الفيديوهات معلومات عن الأطفال كتواريخ ميلادهم، مواقعهم، إضافة إلى معلومات عن الجهاز وعنوان الـip ومعلومات عن الحسابات المتصلة بالحساب كفايسبوك وانستغرام. وقد كرّر كيومي طلب عدم كشف هوية موكلته، لأن ذلك يشكّل خطرًا حقيقيًا عليها نتيجة الآثار السلبية التي قد تتحتم عليها وعلى عائلتها.
وفي أول ردّ رسمي حول القضية، أكّد متحدث باسم تيك توك أن مسألة الخصوصية والأمان تأتي على رأس أولويات الشركة. وأضاف أن لدى الشركة سياسات تقنية لحماية خصوصية وبيانات المستخدمين، لا سيما أولئك الأصغر سنًّا. وذكّر المتحدث باسم تيك توك، أن التطبيق يشترط على من يريد فتح حساب جديد أن يكون أكبر من 13 سنة، وأن الإدارة ستعمل في الفترة المقبلة على مراجعة كل الحسابات، وشطب تلك التي تخالف هذا الشرط.
المؤشرات المتوفرة اليوم، تظهر أن الضغط على تيك توك لن يهدأ، من قبل الولايات المتحدة الأمريكية وعدد من الدول الغربية، حيث تضع جهودها لمواجهة هذا العملاق الصيني الذي نجح خلال فترة قياسية في الوصول إلى أعداد ضخمة من المشتركين، 800 مليون مستخدم نشط، و2 مليار تحميل للتطبيق.
أكّد متحدث باسم تيك توك أن مسألة الخصوصية والأمان تأتي على رأس أولويات الشركة. وأضاف أن لدى الشركة سياسات تقنية لحماية خصوصية وبيانات المستخدمين، لا سيما أولئك الأصغر سنًّا
ويلقى تيك توك شعبية عالية لدى الشباب والمراهقين خاصًة، الذين بدأ قسم كبير منهم يهجر التطبيقات التي باتت تقليدية كتويتر وفايسبوك، بحثًا عن تطبيقات أكثر عصريًة. كذلك أحدث التطبيق ثورة في مجال مقاطع الفيديو وإمكانية تقطيعها، دمجها أو إضافة أصوات أو مقاطع أخرى إليها، الأمر الذي يتيح لمستخدميه الاستغناء عن تطبيقات أخرى مختصة بضبط الفيديوهات.
الدعوى المرفوعة في لندن ضد تيك توك ليست هي فقط ما يقلق المسؤولين عن التطبيق المتخصص بالفيديوهات القصيرة. فالحكومة الأمريكية استأنفت قرارًا كان قد أصدره قاض فيدرالي قبل في وقت سابق من كانون الأول/ديسمبر 2020، منع فيه السلطات الأمريكية من تنفيذ القرارات التي صدرت في السابق، وتنص على فرض قيود على استخدام تيك توك في الولايات المتحدة.
اقرأ/ي أيضًا: أغنية عبر تيك توك تدفع الشركة إلى إجراءات جديدة بخصوص التسويق متعدد المستويات
وكان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قد أعلن في السابق أن تيك توك يشكّل خطرًا حقيقيًا على الأمن القومي الأمريكي، حيث أن القوانين الصينية قادرة على إلزام مالك تيك توك، صيني الجنسية، بتسليم المعلومات والبيانات إلى الحكومة الصينية. وقد أنكر مسؤولو تيك توك مرارًا هذه التهم، وأكدوا أن المعلومات الخاصة بالمستخدمين الأمريكيين تخزّن في فرجينيا وسنغافورة، وهي أماكن لا تمتلك الصين أية سلطة قضائية عليها، ما يحمي خصوصية المستخدمين الأمريكيين بشكل تام.
تجدر الإشارة إلى أن تطبيق تيك توك لديه اليوم أكثر من 100 مليون مستخدم في أوروبا، وهو يوفّر 1600 فرصة عمل مباشرة في القارة العجوز. وستكون هذه الوظائف مهدّدة بالكامل في حال حُظر تيك توك في أوروبا. فيما يفوق عدد مستخدمي تيك توك في الولايات المتحدة 80 مليون مستخدم، أكثر من نصفهم تتراوح أعمارهم بين 16 و24 سنة، ما يؤكد الشعبية الكبيرة لهذا التطبيق ضمن فئة الشباب والمراهقين، ما يجعل منه تطبيق المستقبل بلا منازع، الأمر الذي يقلق الإدارة الأمريكية.
اقرأ/ي أيضًا:
كيف تستفيد من "تيك توك" لحياة أكثر صحة في 2021؟
خُطط زوكربيرغ للسيادة والهروب.. الحرب على الصين من بوابة شيطنة تيك توك