خلال الشهور الأخيرة تكشف لجوء السعودية إلى الحسابات الإلكترونية الوهمية الآلية أو ما يعرف أحيانًا بـ"الذباب الإلكتروني" لشن هجوم دعائي منظم عبر مواقع التواصل الاجتماعي ضد خصومها. حدث ذلك بشكل مكثف ضد قطر إثر أزمة الحصار، وها هو يتكرر الآن في قضية مقتل الصحفي السعودي جما خاشقجي. مزيد من التفاصيل ننقلها لكم فيما يلي بتصرف عن شبكة "إن بي سي إن".
أوقف تويتر شبكة من الحسابات آلية (بوتات)، كانت تروج لوجهات نظر منحازة للسعودية في قضية اختفاء ومقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي.
دمر تويتر شبكة من الحسابات الوهمية الآلية التي كانت تروج لمزاعم تدافع عن السعودية في قضية مقتل الصحفي جمال خاشقجي
وتنبه تويتر إلى هذه البوتات حين عرضت قناة "إن بي سي نيوز" على تويتر مئات من الحسابات التي كانت تغرد وتنشر في نفس الوقت، نفسَ التغريدات الداعمة للحكومة السعودية.
اقرأ/ي أيضًا: حملة تويتر لحذف الحسابات الوهمية.. "الذباب الإلكتروني" في خطر!
وقال مصدر بتويتر، إن الشركة كانت على دراية بالحسابات الوهمية، وكانت بالفعل قد حظرت حسابات داعمة للسعودية قبل أن يتنبه لها الباحثون. وقال موظف تويتر، إن تلك الحسابات تُحظَر لمخالفتها سياسة تويتر المتعلقة بالسخام الإلكتروني أو ما يعرف بـ"spam"، مشيرًا إلى أنه إجراء اعتيادي لحظر السخام الإلكتروني، إذ شن تويتر في الشهور الأخيرة هجمة على الحسابات الوهمية الآلية وما يعرف بـ"الذباب الإلكتروني"، وأغلق ملايين من هذه الحسابات.
ويقول بن نيمو، وهو زميل رفيع المستوى في "معمل الأدلة الجنائية الإلكترونية" في المجلس الأطلسي (Atlantic Council)، والمسؤول عن تتبّع المعلومات المضللة على الإنترنت، إن الطريقة التي تعمل بها البوتات تؤهلها "للعمل دون أن يُلاحَظوا"، مشيرًا إلى أن من يديرون تلك البوتات قد طوروا إستراتيجية لتجاوز الحظر من تويتر.
وأضاف نيمو: "إنهم يغردون نفس التغريدات في نفس الوقت باستمرار؛ هذا يُعد بوت نت. فبالنظر إلى هذه الحسابات، نرى أن جميعهم ينشرون ذات المحتوى بنفس الترتيب والوقت". إلا أن الحسابات الوهمية الآلية لا تَغمُر تويتر بثبات، بل تختار أوقات معينة تعمل فيها.
ويوضح نيمو أن عدد المنشورات التي تنتجها البوتات ليس كبيرًا، إذ إن الحسابات تنشر بمعدلات محدودة، وهذه إستراتيجية ربما ساعدت على تجاوز اكتشافها من قِبَل تويتر.
وبعض الحسابات غردت مستخدمة وسمًا عربيًا أصبح الأسبوع الماضي من أكثر الوسوم انتشارًا على تويتر وهو "#كلنا_ثقة_في_محمد_بن_سلمان"، دفاعًا عن ولي العهد السعودي والحاكم الفعلي للبلاد، والذي بات موضع انتقادٍ قوي في العالم، خاصة بعد حادثة خاشقجي.
هذا ونشرت حسابات البوتات على مدار نهاية الأسبوع المنصرم، رسائل تحث المستخدمين على التعبير عن شكوكهم حول ما أُشيع حول مقتل خاشقجي في القنصلية السعودية في تركيا في الثاني من تشرين الأول/أكتوبر الجاري، بأوامر من السلطات السعودية، قبل أن تعترف السعودية بالأمس بمقتل خاشقجي داخل القنصلية السعودية في إسطنبول، إلا أنها قالت إنه قتل بسبب شجار بالأيدي داخل القنصلية!
وتقول تغريدة من إحدى الحسابات التي حظرها تويتر: "منذ البداية، حاولت بعض الأكاذيب أن تربط بين اختفاء أو مقتل #جمال_خاشقجي وبين السعودية، هذه حملة يشنونها على المملكة".
ويوضح خبير الأدلى الجنائية الإلكترونية، بن نيمو، أن البوتات إنما هي "جزء من إستراتيجية تهدف إلى التأثير على الوعي العام، عن طريق دفع حسابات آلية منحازة سياسيًا، لإشاعة مواضيع معينة، في محاولة لتوصيل رسائلهم إلى أكبر قدر ممكن من الناس". فالهدف إذن، كما يقول نيمو، هو "جعل الرسائل المناصرة للسعودية، مواضيعًا شائعة على تويتر، ما يسمح لهم بعرضها على مستخدمين جدد ما كانوا ليروها بغير ذلك".
ومئات من هذه الحسابات المؤيدة للسعودية، والتي ظهرت على تويتر، نشأت في دقائق، إثر بعضها البعض، بين يومي 16 و17 تشرين الثاني/نوفمبر 2017. وعشرات حسابات البوت الأخرى أُنشئت خلال نفس الساعة في عدة تواريخ عام 2012.
كما وُجد أن الكثير من البوتات، والتي نشرت تغريداتها بالعربية والإنجليزية، تتشارك سلاسل متطابقة من التغريدات مع فيض من الوسوم المؤيدة للسعودية.
كان أحد هذه الوسوم، وهو "#إلغاء_متابعة_أعداء_الوطن"، قد انتشر بأكثر من 100 ألف تغريدة خلال 24 ساعة، عبر حسابات معظمها وهمية وآلية. وقد استخدمت وسوم أخرى لمديح الملك السعودي الحالي سلمان بن عبد العزيز آل سعود، أو نشر الشائعات عن تورط خطيبة خاشقجي في قضية اختفائه!
استخدمت السعودية الحسابات الوهمية الآلية على تويتر بشكل مكثف للهجوم على قطر بعد أزمة الحصار منتصف العام الماضي
وبينما لم يتضح على الفور هوية مُنشئ تلك الحسابات، يشير الباحثون إلى أن الحسابات الآلية كانت جزءًا هامًا في الأحداث الأخيرة. فالحديث على تويتر حول أزمة حصار قطر، يكون في كثير من الأحيان من خلال حسابات وهمية. ووفقًا لصحيفة واشنطن بوست فإن 17% من عينة عشوائية من التغريدات التي هاجمت قطر خلال العام الماضي، كانت تنطلق من حسابات آلية. المثير للاهتمام أن بعض هذه الحسابات أنشئت منذ 2014 وبعضها الآخر منذ 2011!
اقرأ/ي أيضًا:
خدعة الحسابات الآلية عبر تويتر.. جندي السعودية غير المجهول ضد قطر