من حسن حظ عشاق الكرة العالمية، ومن سوء حظ الشرطة الأرجنتينية ربما، التي سيناط بها تأمين أمن مباراتين من العيار الناري، شاءت الأقدار أن يجمع نهائي كأس ليبرتادورس، لأندية أمريكا الجنوبية، بين الغريمين التقليديين بوكا جونيورز وريفربلايت، في النسخة الأخيرة التي سيُلعب بها النهائي على طريقة الذهاب والإياب. وللمفارقة، هذه هي المرة الأولى التي يتقابل فيها الفريقان في النهائي، ليكون ختام المسابقة بشكلها الحالي، فيما سيختار الاتحاد الأمريكي الجنوبي، بشكل مسبق المدينة التي ستحتضن نهائي كل سنة في المستقبل، وستكون البداية مع مدينة سانتياغو التشيلية في السنة القادمة.
من حسن حظ عشاق الكرة العالمية، ومن سوء حظ الشرطة الأرجنتينية أن يجمع نهائي كأس ليبرتادورس، بين هذين الغريمين التقليديين
سيكسب الجمهور إذًا مباراتين من الطراز الرفيع، فنيًا وجماهيريًا وعلى مستوى الحماسة والندية. حيث ستُلعب مباراة الذهاب في ملعب التحفة المعمارية بوكا جونيورز "البونبونيرا". فيما يستضيف ملعب المونتيمنتال الشهير مباراتي الإياب، وهو الملعب الذي استضاف نهائي مونديال 1978، عندما فازت الأرجنتين على هولندا، وحققت لقبها الأول.
الرئيس الأرجنتيني ماوريسيو ماكري لم يحبذ فكرة وصول العدوين اللدودين إلى المباراة النهائية، حيث قال: "بكل صدق، كنت أفضل أن يتأهل فريق برازيلي إلى النهائي، لتجنب المواجهة الأرجنتينية – الأرجنتينية في النهائي، لأن هذا يعني أن البلاد ستبقى بدون نوم لثلاث أسابيع".
تستعد العاصمة الأرجنتينية بيونس آيرس إذًا، خلال الشهر الحالي، لاحتضان مباراتي الديربي بين الفريقين اللذين يحوزان أكثر من 70% من القاعدة الجماهيرية في الأرجنتين. يعرف هذا اللقاء بالـ "سوبر كلاسيكو"، ويعتبره البعض أقوى ديربي في العالم. تتقاطر الجماهير إلى الملعب قبل المباراة بساعات طويلة، وتزدان المدرجات باللوحات الفنية والأهازيج الصاخبة، في أجواء لاتينية لا يمكن رؤيتها في أي ديربي أو كلاسيكو آخر. لذلك يسمى ديربي مدينة بيونس آيريس بـ"السوبر كلاسيكو".
اقرأ/ي أيضًا: موانئ كرة القدم.. الأكثر شغفًا
ليست العاصمة فقط حيث يوجد معقل الفريقين، التي ستكون منقسمة بل كافة المدن الأرجنتينة، بين محبي الريفر ومحبي البوكا. وككل الديربيات في العالم، تدخل عوامل جغرافية، ثقافية أو اجتماعية في تحديد ملاحم جمهور هذا أو ذاك. فإذا كان بورجوازيو العاصمة يميلون بشكل كبير إلى ريفر بلايت، فإن طبقة العمال والصناعيين تنحاز بغالبيتها لبوكا جونيورز. ولذلك فإن البعض يطلق على المباراة تسمية "ديربي العمال ضد الميليونيرز".
في الدور النصف النهائي، نجح ريفربلايت في تحقيق عودة كبيرة أمام غريميو البرازيلي -الفريق الذي قدّم للعالم قبل عقدين من الزمن النجم العالمي رونالدنيو- بعدما خسر الفريق الأرجنتيني أمام 70 ألف من أنصاره في المومنتمنتال 1-0 في مباراة الذهاب. لكن الـ"بندا" قدموا مباراة العمر في الإياب في البرازيل، ليفوزوا 2-1، ويخطفوا بطاقة التأهل بشكل جنوني، بعدما سجّلوا هدفي الفوز في الدقيقتين 82 و96.
تشير كل الترجيحات والمراهنات إلى تقارب مستوى جونيورز وريفر بليت، الأمر الذي يجعل من قضية تكهّن الفائز أمرًا في غاية الصعوبة
أما بوكا جونيورز فلم يجد صعوبة كبيرة في تخطي عقبة بالميراس البرازيلي، بعدما فاز عليه ذهابًا 2-0 في البومبونيرا. قبل انطلاقة مباراة الإياب، كان لاعبو البوكا يعرفون أن غريمهم التاريخي قد سبقهم للنهائي، وأنه للمرة الأولى منذ انطلاقة البطولة قبل 105 سنة، من الممكن أن يكون نهائي الليبرتادورس هو "السوبر كلاسيكو". لم يخيب لاعبو بوكا أحلام عشاق الكرة بمشاهدة نهائي تاريخي من مباراتين، وخطفوا بطاقة التأهل إلى النهائي بعد التعادل 2-2 في البرازيل.
بعد عشر مراحل على انطلاقة الدوري الأرجنتيني، لا يحتل فريقا العاصمة مراكزًا تليق بسمعتهما. ربما لأن تركيز الفريقين على المسابقة القارية ساهم في نزيف النقاط، حيث يحتل الريفير المركز السابع على سلم ترتيب الدوري، فيما يقبع بوكا جونيورز في المركز العاشر.
تشير كل الترجيحات والمراهنات إلى تقارب مستوى الفريقين، الأمر الذي يجعل من قضية تكهّن الفائز أمرًا في غاية الصعوبة. حيث لم يفز بوكا جونيورز حامل لقب بطولة الدوري الأرجنتيني، بالمسابقة القارية منذ عام 2007. علمًا أنه فاز بالمسابقة 6 مرات بالسابق (يتفوق عليه فقط مواطنه اندبندنتي). أبرز نجوم الفريق حاليًا هم الدولي بافون، والمهاجم المخضرم كارلوس تيفيز وهداف الفريق بينيديتو. ويقود الفريق المدرب غييرمو سكيلوتو.
من جهته سيحاول ريفربلايت استعادة اللقب الذي أحرزه في العام 2015، والوصول للتتويج الرابع في المسابقة. ويمر الفريق بفترة زاهية مع مدربه الشاب ونجمه السابق مارسيل غاياردو، الذي أحرز للفريق عديد الألقاب المحلية والقارية في السنوات الأخيرة. أبرز نجوم الفريق اليوم هم الحارس الدولي أرماني، والجناح انزو بيريز.
اقرأ/ي أيضًا: