بحسب نتائج دراسة نشرتها صحيفة الغارديان البريطانية على موقعها الإلكتروني، فإنّ أصحاب المليارات الرئيسيين في الولايات المتحدة الأمريكية، نجحوا في المجموع، في تحقيق زيادة حوالي تريليون، ألف مليار، دولار أمريكي على ثرواتهم. ومن بينها 70 مليار دولار أمريكي حققها مالك أمازون جيف بيزوس وحده.
لم تترجم الأرقام العملاقة التي أضيفت لثروات أصحاب الشركات الأمريكية الكبرى إلى أي أثر إيجابي على أوضاع العمال في تلك الشركات
وشكّلت هذه الأرقام صدمة للرأي العام الأمريكي، الذي اكتشف من خلال نشر أرقام العام الجديد، أن أصحاب الشركات الكبرى، والتطبيقات والمنصّات العملاقة، كانوا يراكمون ثرواتهم، في الوقت الذي يعيش فيه العمال الأمريكيون ظروفًا شاقة في العمل، ويتعرضّون لخطر الإصابة بالكورونا، مقابل أجر ضئيل. وفي الوقت الذي يواجه مئات آلاف العمال خطر خسارة وظائفهم بسبب جائحة كورونا، ومنهم من خسر عمله حقًا.
اقرأ/ي أيضًا: القطن الصيني محظور في الولايات المتحدة الأمريكية بسبب العمالة القسرية
وبالحديث عن أمازون، وفي الوقت الذي كانت تجني الشركة أموالًا طائلة بفعل انتشار كوفيد 19 وتطبيق إجراءات الإقفال، كانت النقابات العمالية التي تمثل الآلاف من عمال أمازون، تهدد بتنفيذ إضرابات واسعة قبيل موسم التسوق في الخريف الماضي، بسبب الأجور الزهيدة وغير المنصفة التي يتقاضاها العمال، وبسبب ظروف العمل غير الصحية التي يعملون بها في ظل انتشار فيروس كورونا، وبالأخص، بسبب اتهامات بأن طبيعة عملهم في توزيع المنتجات، تنتهك خصوصياتهم، وهو الأمر الذي لا تعمل الشركة على معالجته.
مالك شركة Tesla motors إيلون ماسك، خطف الأنظار مطلع العام الحالي، بعدما أشارت الإحصائيات إلى أنه حقّق زيادة في ثروته تجاوزت الـ140 مليار دولار، مستفيدًا من جائحة كورونا، ليتصدر قائمة أغنى أغنياء العالم برصيد 195 مليار دولار. الشركة المتخصّصة في السيارات والبطاريات الكهربائية، وفي الطاقة الشمسية، والتي تأسّست في العام 2003، تطوّرت بشكل ملحوظ في السنوات الأخيرة، وأصبح لها صالات عرض في الصين، اليابان، أستراليا وغيرها، ولديها عقود شراكة مع شركات كبرى كتويوتا وباناسونيك.
بالرغم من الطفرة الكبيرة التي تشهدها الشركة التي تتخّذ من كاليفورنيا مقرًّا لمركزها الأساسي، فإن وضع العاملين فيها لا يبدو أفضل من وضع العاملين في أمازون. ومما لا شكّ فيه أن الكشف عن قيمة ثروة إيلون ماسك، وتصدرّه للائحة أغنياء العالم، ترك أثرًا سلبيًا عند العاملين في الشركة، الذين بالأساس يشعرون بالغبن، فيما يتعلق بحقوقهم إضافة إلى ظروف العمل غير الصحية في نظرهم.
قامت شركة تيسلا بحسم ما بين 10 و30 % من رواتب العاملين لديها، في فترة الحجر الصحي في الصيف الماضي، بحجة تأثّر الشركة بالانكماش الذي أصاب الاقتصاد
بحسب مقال آخر للغارديان نُشر في أيار/مايو 2020، فإنّ تيسلا أرسلت عبر البريد الإلكتروني، إشعارات إلى الموظفين فيها بضرورة الحضور إلى العمل، تحت طائلة خسارة الامتيازات الممنوحة لهم من الشركة، بعدما كان عدد كبير من العمال امتنع عن الحضور إلى العمل خوفًا من فيروس كورونا، الذي كان في أوج انتشاره في تلك الفترة في الولايات المتحدة.
اقرأ/ي أيضًا: هل الاقتصاد الألماني في خطر بعد انكماشه 5%؟
وجاء في نص الرسالة التي اطّلعت الغارديان عليها "إذا كنتم لا تشعرون بالراحة في العمل في هذه الظروف، فيمكنكم أن تلتزموا منازلكم، وأن تعتبروا أنفسكم في إجازة غير مدفوعة".
أما الأمر الأكثر إثارة للدهشة فكان قيام تيسلا بحسم ما بين 10 و 30 % من رواتب العاملين لديها، في فترة الحجر الصحي في الصيف الماضي، بحجة تأثّر الشركة بالانكماش الذي أصاب الاقتصاد، في وقت أظهرت أرقام نهاية العام أن الشركة حققت أرباحًا خيالية.
أما بيل غايتس مؤسس ومالك مايكروسوفت، فقد جنى 18 مليار دولار في عام 2020، ليضيفها إلى ثروته لتصل إلى 131 مليار دولار. ومع ذلك فإن العمال في الشركة لم يحصلوا على أية زيادات أو مكافآت في هذا العام. أكبر المتضررين كانوا عمال النظافة والصرف الصحي في الشركة، الذين تتضاعف مجهودهم بسبب أعمال التعقيم والتنظيف، وإزالة النفايات التي زادت كثيرًا في محيط الشركة، ومع ذلك فإنهم لم يحصلوا على أي علاوة. أحد العمال بالشركة قال في إحدى التحركّات الاحتجاجية "لو توقفنا لأسبوعين فقط عن جمع القمامة، سيكتشف الجميع مدى أهمية عملنا".
في ملخص الأمر، يقضي العمال ساعات طويلة في العمل في ظروف شاقة. وفي الوقت الذي يواجهون خطر الإصابة بفيروس كورونا ونقله إلى عائلاتهم، تنمو الشركات الكبرى بسبب تضحيات العمال وتعبهم وتفانيهم، وتحقق المليارات وتتصدر أخبار هذه الشركات المجلات المالية والاقتصادية. مع كل ذلك فإن أصحابها ذوي المليارات، لا يترددون في حسم رواتب العمال، وتوجيه الإنذارات لهم، وفرض العمل عليهم في بيئة غير آمنة. مفارقة مؤسفة تعكس أبشع صور الرأسمالية الحديثة.
اقرأ/ي أيضًا:
بيتكوين تخسر خمس قيمتها في 3 أيام.. هل هي بداية النهاية؟
تسونامي المديونية.. احتمالات الانهيار الاقتصادي ترتفع عالميًا