الترا صوت- فريق التحرير
تفاجأ الشارع الأردني صبيحة يوم الأمس بمقاطع فيديو صادمة تظهر حالات من التحرّش الجماعي في حفلٍ أقيم في العاصمة الأردنية عمّان على طريق مطار الملكة علياء الدوليّ في أحد المطاعم السياحيّة. هذا الحفل والذي أطلق عليه المنظمون اسم "قلق" أو "8ala8" كما شاع الاسم في وسائل التواصل الاجتماعي، كان قد أقيم بترخيص رسمي باعتباره نشاطًا للعائلة وتعهّد فيه أصحاب المطعم بعدم تقديم المشروبات الروحية نظرًا إلى طبيعة الفئة المستهدفة من العائلات والأطفال.
التحرّش في الأردن ظاهرة تتزايد خطورتها وما تزال من المسكوت عنه في النقاشات العامّة
لكن الجدل تفجّر حين تسربت مقاطع فيديو لشباب تحت السنّ القانونيّة وصور لمخالفات قانونية تتمثل في تقديم مشروبات كحولية لقاصرين، إضافة إلى مظاهر تحرّش واعتداء حسب مقاطع فيديو وشهادات عديدة انتشرت على وسائل التواصل الاجتماعي تحت هاشتاغ #8ala8 و#8ala8event.
اقرأ/ي أيضًا: قانون ضريبة الدخل في الأردن.. جدل متصاعد واحتقان ينذر بأزمة
وقد أوعز وزير الداخلية الأردني بتوقيف القائمين على فعالية "قلق" وصاحب المطعم، وفرض كفالات عدلية عالية عليهم، تصل قيمتها إلى 200 ألف دينار أردني (141 ألف دولار)، إضافة إلى طلبه من وزيرة السياحة والآثار إغلاق المطعم الذي أقيمت فيه حفل "قلق"، الذي أثار بالفعل قلقًا واسعًا في الشارع الأردني ظهرت أصداؤه على وسائل التواصل الاجتماعي لتسليط الضوء على ظاهرة التحرّش الجنسي واللفظي، المسكوت عنها إلى حد مّا أردنيًا، رغم تزايد الشكوى من هذه الظاهرة والتحذير من تفاقهما في الأماكن العامّة والمدارس والجامعات.
استنكار وصدمة
وأطلق إعلاميون أمس حملة تستنكر السماح بإقامة حفل راقص يشارك فيه قصّر من الفتية والفتيات دون اتخاذ إجراءات أمنية كافية تردع المتحرّشين وتضبطهم، ولاسيما بعد وقوع عشرات حالات التحرّش والاعتداء الجسديّ في الحفل، دون أن يحرك المنظمون ساكنًا لإيقاف الفوضى. ودعا ناشطون على تويتر إلى محاسبة منظمي حفل "قلق" الذي شهد حضورًا كبيرًا تجاوز 10 آلاف شخص حسب بعض التقديرات، علمًا أن منظّمي الحفل كانوا قد أعلنوا مسبقًا أنهم يأملون أن يصل عدد الحضور عشرات الآلاف حسب الكتاب الرسمي الذي تقدم به أصحاب المطعم إلى محافظة العاصمة.
[[{"fid":"103022","view_mode":"default","fields":{"format":"default","field_file_image_alt_text[und][0][value]":"حفل قلق في الأردن","field_file_image_title_text[und][0][value]":false},"type":"media","field_deltas":{"1":{"format":"default","field_file_image_alt_text[und][0][value]":"حفل قلق في الأردن","field_file_image_title_text[und][0][value]":false}},"link_text":null,"attributes":{"alt":"حفل قلق في الأردن","height":600,"width":314,"class":"media-element file-default","data-delta":"1"}}]]
وقد طالت الانتقادات الجهات الرسميّة كذلك التي لم تتخذ الإجراءات اللازمة بعد الموافقة على تنظيم حفل "قلق" بعد علم السلطات بالأعداد المتوقعة والتي توافدت على مكان انعقاد الحفل، ما أثار اتهامات بالتقصير والفساد بمحاولة التستّر على ما حدث في حفل "قلق" من انتهاكات ومخالفة للقانون.
"قلق" وتقصير أمنيّ
وفيما يبدو أن حادثة التحرش الجماعي التي وقت في حفل "قلق" كان سببها غياب التنسيق بين السلطات المعنيّة بحفظ الأمن في حالات التجمهر الكبيرة وتقصير منظمي الحفل في أخذ الاحتياطات الأمنية الكافية لحماية المشاركين والمشاركات في الحفل، صرح أحد منظمي الفعالية لوسائل إعلام أردنية بأن الأمر قد خرج عن السيطرة "مع بداية حفل الDJ، حيث تجمهر عدد كبير من الشباب أمام البوابة بينهم سكارى، وتم منعهم والاقتصار على دخول العائلات والفتيات، الأمر الذي أثار غضبهم ودفعهم إلى الدخول عنوة إلى مكان الاحتفال".
اقرأ/ي أيضًا: الأردن تحت لعنة صندوق النقد.. "الشعب عارف طريقه"
وأضاف: "اتصلنا بالجهات الأمنية لإنقاذ الموقف إذ لم يكن متواجدًا في المكان أي دورية قبل ذلك، وحضرت سيارتان للأمن العام و4 رجال أمن فقط ولم يتمكنوا من السيطرة على الفوضى، وبدأت العائلات بمغادرة المكان، في حين استمر تواجد الشبان حتى الساعة التاسعة، ثم وقعت مشاجرة كبيرة بعد الإعلان عن انتهاء الحفل الذي كان مقررًا حتى الساعة الثانية عشرة”.
مجتمع محافظ أم مقموع؟
الجدل حول حادثة التحرش الجماعي في "قلق" انتقل للحديث عن ظاهرة تصاعدت الشكوى منها مؤخرًا في الأردن، وهي ظاهرة التحرّش والتعليق على الفتيات في الشوارع ومضايقتهنّ. يقول علي الأشرم، طالب جامعي من الأردني لالترا صوت: "الصادم في حادثة التحرش الجماعي في "قلق" أنها كانت بين أطفال وقصّر، لكن التحرّش موجود في كل مكان". أما أميرة الألفي، وهي طالبة ماجستير في علوم التربية، فقالت: "التحرّش ظاهرة انفجرت في الشارع الأردني مؤخرًا، وهذا شيء مخيف في مجتمعنا المحافظ إلى حد كبير، وأنا أعاني من التحرّش اللفظي بشكل يومي تقريبًا، وأخشى أن أسير في المساء في أماكن خالية".
"التحرّش ظاهرة تفجرّت في الشارع الأردني مؤخرًا وهذا شيء مخيف في مجتمع لا يعوزه المزيد من الضغوطات
وأظهرت تعليقات مستخدمي التواصل الاجتماعي على تويتر وفيسبوك حالة عامة من التضامن مع ضحايا حالات التحرّش من القصّر في حفل "قلق"، وانتشرت دعوات لتنظيم جلسات توعية ودعمٍ نفسيّ للضحايا بالتعاون مع مؤسسات المجتمع المدني ومؤسسات دولية معنيّة بالأمر، محذرين من استغلال الحادثة من قبل السلطات وجهات أخرى للتضييق على الحريّات العامّة والشخصيّة.
اقرأ/ي أيضًا: