02-أغسطس-2024
تشييع جثمان إسماعيل هنية في طهران

خلال تشييع إسماعيل هنية في طهران (الأناضول)

نفذت الأجهزة الأمنية الإسرائيلية، بمختلف مسمياتها، منذ تأسيس إسرائيل عام 1948، أكثر من 2700 عملية اغتيال وفق الرصد الاستقصائي الذي أنجزه الصحفي الإسرائيلي رونين بريغمان في كتابه المعنون بـ"انهض واقتل أولًا: التاريخ السري للاغتيالات المستهدفة في إسرائيل".

واستخدمت إسرائيل في تلك الاغتيالات أساليب متنوعة، بدءًا من التسميم مرورًا بالتفخيخ ووصولًا إلى الطائرات المسيرة. كما تنوع المستهدفون بتلك الاغتيالات بين قادة عسكريين، آخرهم فؤاد شكر من "حزب الله"، ومحمد الضيف حال صحت الرواية الإسرائيلية التي أكدت اغتياله؛ بالإضافة إلى مهندسين وتقنيين آخرهم المهندس التونسي محمد الزواري، عدا عن اغتيال القادة السياسيين الذين كان آخرهم رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية "حماس"، إسماعيل هنية.

وسعت إسرائيل من خلال تلك الاغتيالات إلى تحقيق أهداف متنوعة، كضرب إمكانات تطور الصناعات العسكرية للمقاومة، أو قلب موازين الصراع لصالحها بضرب المعنويات في حالة اغتيال القادة السياسيين والعسكريين.

لم تحقق إسرائيل هدف إنهاء المقاومة عبر اغتيال القادة والأسماء البارزة والمحورية

ومع ذلك، لم تحقق إسرائيل مبتغاها بالقضاء على المقاومة التي تبين أنها كانت تخرج، بعد كل عملية اغتيال لقادتها، أكثر قوة. ولعلّ الدليل على ذلك هو هجوم السابع من تشرين الأول/أكتوبر الذي كشف، من ناحية، محدودية دعاية أن "إسرائيل لا تخترق" بفعل القبة الحديدية وتطور الإمكانات العسكرية لجيشها ومخابراتها. وكشف، من ناحية أخرى، مستويات التطور التي عرفتها المقاومة في غزة على مستوى جودة مواردها البشرية وقدراتها العسكرية وإمكاناتها في التخطيط الاستراتيجي والعسكري.

وحتى اللحظة، لم تتمكن إسرائيل من تحقيق أهدافها التي وضعتها للعدوان على غزة، أي استعادة الأسرى والقضاء على المقاومة ومنع القطاع من تشكيل تهديد للأراضي الإسرائيلية المحتلّة. بل إنها، بدل ذلك، فتحت على نفسها جبهات قتال متعددة في لبنان واليمن والعراق وإيران. ما جرّد إسرائيل من أسبقية وإمكانية توقع الضربة التالية.

ومع ذلك، لا يمكن تجاهل صورة النصر المعنوي الذي تحققه إسرائيل، خاصةً لدى مواطنيها، من خلال نجاحها في اغتيال أسماء الصف الأول في حركات المقاومة أو الشخصيات التي ترى فيها تهديدًا لأمنها القومي.

العالم ساحة للقتل بالنسبة لإسرائيل

حوّلت إسرائيل العالم إلى ساحة قتل عبر الاغتيالات التي نفذها جهاز الموساد وأجهزتها الاستخبارية الأخرى في أكثر من بلد.

ولم تستثن إسرائيل من اغتيالاتها المثقفين والمفكرين والسياسيين، فقد اغتالت بدافعٍ انتقامي: الروائي والصحفي والمثقف الفلسطيني غسان كنفاني (بيروت 1972)، والمفكرين المصريين جمال حمدان (1993 القاهرة) وسلوى حبيب (القاهرة 1952) ممن تصدوا للمشروع الصهيوني بالفكرة والقلم.

وشملت الاغتيالات أيضًا علماء ذرّة، بينهم: مصطفى مشرفة (القاهرة 1950)، وسميرة موسى (كاليفورنيا 1952)، ويحيى المشد (فرنسا 1980)، (جميعهم مصريون). ومهندس الطيران محمد الزواري (تونس 2016)، ومؤسس حركة الجهاد الإسلامي فتحي الشقاقي عام 1995 في جزيرة مالطا.

وبالنسبة إلى حركة المقاومة الإسلامية "حماس"، اغتالت إسرائيل كوادر الحركة على المستويين العسكري والسياسي، ونذكر ههنا: المهندس يحيى عياش عام 1996، وصلاح شحادة عام 2002، وإبراهيم المقادمة عام 2003، والشيخ المقعد أحمد ياسين عام 2004، والدكتور عبد العزيز الرنتيسي في العام نفسه. وصولًا إلى القيادي نزار ريان عام 2009، وأحمد الجعبري عام 2012، ورائد العطار ومحمد أبو شمالة عام 2014 وصلاح العاروري 2023 وإسماعيل هنية 2024.

وعلى الرغم من أهمية هذه الأسماء وما خلفه اغتيالها من أثر، إلا أن المقاومة استمرت في الصمود وخرجت بعد كل اغتيال أكثر قوة وقدرة على إيلام إسرائيل.