07-نوفمبر-2024
لبنان

الدخان الأسود يتصاعد جراء غارة عنيفة للاحتلال استهدفت مدينة صور بجنوب لبنان (رويترز)

تتجاوز أضرار العدوان الإسرائيلي على لبنان الخسائر في الأرواح وتدمير البنية التحتية، لتصل إلى حد خلق أزمة بيئية وصحية واسعة النطاق. فقد أدى استخدام الاحتلال لأسلحة محرمة دوليًا إلى تلوث البيئة، والتأثير سلبًا على مصادر المياه والزراعة، مما يهدد الأمن الغذائي والمائي في لبنان، وستستمر تبعات هذا التأثير قد لسنوات طويلة قادمة.

أدى استهداف البنية التحتية ومصادر المياه في جنوب لبنان إلى تدهور جودة المياه وتلوث التربة نتيجة ترسب المواد الكيميائية المتفجرة، مما جعلها غير صالحة للزراعة لسنوات قادمة، لا سيما أن بعض مقذوفات الاحتلال اخترقت الأرض بعمق كبير، ما يؤدي لاختلاط مكونات هذه الأسلحة المحرمة دوليًا بالتربة.

غارات قوات الاحتلال في جنوب لبنان كانت كثيفة للغاية، وهذه المنطقة اعتمد أهاليها بشكل كبير على الزراعة، وتشكل منطقة الجنوب 20 % من الإنتاج الزراعي الوطني، ما ينعكس سلبًا على الأمن الغذائي للبنان.

يواجه لبنان أزمة كبيرة على مستوى البيئة والصحة، نتيجة استخدام الاحتلال أسلحة محرمة دوليًا، ما أثر على التربة والمياه، وهدد الأمن الغذائي والمائي بشكل كبير

صحيفة "العربي الجديد" نقلت عن مدير مختبر علوم البيئة والمياه في الجامعة اللبنانية، جلال حلواني، أن القوات الإسرائيلية استخدمت أسلحة تحتوي على مواد كيميائية ملوثة وفوسفور أبيض محرم دوليًا. وبيّن أن التلوث في المناطق الجنوبية أصبح عميقًا، حيث أصبحت بعض الأراضي غير صالحة للزراعة لعقد من الزمن، وأعرب عن قلقه من احتمالية انتقال الملوثات من التربة إلى المياه الجوفية، مما يشكل تهديدًا للأمن المائي والغذائي في لبنان، كما حثّ حلواني على ضرورة استخدام مياه الشرب بحذر، بسبب التلوث الجرثومي والكيميائي.

تلوّث المياه يمثل تحديًا إضافيًا للبنان، حيث يؤدي التلوث الجرثومي والكيميائي إلى مشكلات صحية خطيرة قد تظهر على المدى الطويل، مثل أمراض السرطان. وهو ما حذر منه الخبير في المياه بمجلس البحوث العلمية، أمين شعبان، والذي قال إنه وفي حال هطلت الأمطار بكميات قليلة تتراوح بين 50 و70 ملم، قد تتسرب هذه الملوثات الناتجة عن قذائف الاحتلال إلى الطبقات الجوفية السطحية، لا سيما في السهول الساحلية والبقاع. أما إذا تجاوزت كمية الأمطار 100 ملم، فقد تصل الملوثات إلى المياه الجوفية العميقة التي يعتمد عليها لبنان في الاستخدامات اليومية.

الخبير أمين شعبان تحدث عن معاناة لبنان بالأصل من هدر المياه، بسبب تسريب المياه الناتج عن غياب الصيانة وتحديث البنية التحتية، وذلك بنسبة تصل إلى 43%، موضحًا أن تعطّل عمليات المراقبة والصيانة زادت الوضع سوءًا، مع استهداف البنية التحتية في بعض المناطق الأخرى، رغم أن أماكن الأضرار لم تُحدد بدقة بعد.

ودعا أمين شعبان إلى تشكيل لجنة علمية تضم باحثين ومتخصصين، لتقديم مسح شامل لكل المناطق المتضررة، على أن تحدد الدراسة نوعية التربة وانحدارات سطح الأرض، وتقدم حلول سريعة وطويلة الأمد، مشيرًا إلى أن تجربة العدوان الإسرائيلي على لبنان عام 2006 كانت مثالَا واضحًا على قصور الدراسات بهذا الشأن، حيث تعاني شبكات الصرف الصحي في لبنان بالأصل وقبل العدوان.