اعتبرت صحيفة "الغارديان" أنّ إطلاق سراح مروان البرغوثي، الذين يقبع في السجون الإسرائيلية منذ عقدين، يمكن أن يقرب التوصل لوقف إطلاق النار بغزة، معتقدة بقدرته على تغيير سياسة المنطقة.
وجاء في مقال رأي حمل توقيع مراسلَي الصحيفة السابقين في القدس، أوليفر هولم وبيتر بومونت، أنّ الرجل البالغ من العمر 64 عامًا يحظى باحترام العلمانيين والإسلاميين على حد سواء. وفي أوقات الاضطرابات الكبرى في فلسطين، يبدأ الناس بالحديث عن مروان البرغوثي.
ولفت المقال إلى أنّ كل استطلاعات الرأي تقريبًا تشير إلى أن البرغوثي هو المرشح المفضل لقيادة الشعب الفلسطيني، إذا أجريت انتخابات حرة. فقد أظهر استطلاع للرأي أجري في كانون الأول/ديسمبر الماضي أنه يتقدم بـ40 نقطة على رئيس السلطة الفلسطينية الحالي محمود عباس، الذي لا يحظى بشعبية كبيرة بين الشعب الفلسطيني، لكنه يتفوق أيضًا على مرشحي "حركة حماس"، بما في ذلك رئيس المكتب السياسي للحركة إسماعيل هنية.
تُشير معظم استطلاعات الرأي تقريبًا إلى أن مروان البرغوثي هو المرشح المفضل لقيادة الشعب الفلسطيني إذا أُجريت انتخابات حرة
وفي ظل الانقسام الفلسطيني العميق، يعمل البرغوثي على أرضية وسط يحترمها العلمانيون ولكن أيضًا الإسلاميون، الذين شكل العديد منهم علاقات وثيقة معه في السجن. حتى حماس التي "تحتقر" الدوائر الصديقة للغرب، التي يعتبر البرغوثي جزءًا منها، دعت إلى إطلاق سراحه كجزء من صفقة تبادل مقترحة لوقف إطلاق النار في غزة.
وخلال الانتفاضة الثانية، لعب البرغوثي دورًا بارزًا لتنظيم الاحتجاجات، وحظي باهتمام دولي واسع، وكانت شخصيته مألوفة في جنازات الشهداء والاحتجاجات. يصف نفسه بأنه "رجل عادي من الشارع الفلسطيني"، ويُعتبر شخصية موثوقة ويحترمه جيل الشباب.
أما في "إسرائيل"'، يُنظر إلى البرغوثي على أنه مؤسس "كتائب شهداء الأقصى"، الجناح العسكري لـ"حركة فتح"، التي تقف وراء سلسلة من العمليات والتفجيرات الاستشهادية التي استهدفت الحافلات والمطاعم والفنادق. ونشرت وزارة الخارجية الإسرائيلية بيانًا يتهم البرغوثي بقيادة الانتفاضة الثانية قبل اعتقاله في عام 2002.
وخلال دفاعه عن نفسه في محاكمته، حيث أدين في عام 2004 بالتورط في خمس عمليات قتل، رفض الاعتراف بسلطة المحكمة. وينفي خارج المحكمة المزاعم بأنه أمر بالقتل.
ويشير المقال إلى أن البرغوثي يدعم المقاومة السلمية، ولكنه أيضًا لم "ينبذ العنف" كوسيلة لإنهاء الاحتلال. ومن السجن، لعب دورًا مركزيًا في الساحة السياسة الفلسطينية، واستمر في الدعوة إلى قيام دولة فلسطينية إلى جانب "إسرائيل". ومن خلال رسائله التي تم تهريبها إلى خارج السجن، اعترف أنه تخلى عن فكرة أن التفاوض المباشر مع "إسرائيل" سينهي الأزمة.
وفي مقال نشره على صفحات "الغارديان" عام 2015، قال إنّ: "المشكلة الحقيقية هي أن إسرائيل اختارت الاحتلال على السلام، واستخدمت المفاوضات كستار دخان للنهوض بمشروعها الاستعماري"، وأضاف: "تعرف كل حكومات العالم هذه الحقيقة البسيطة. ومع ذلك يتظاهر الكثير منهم بأن العودة إلى الوصفات الفاشلة من الماضي يمكن أن تحقق الحرية والسلام ".
يتحدث المقال عن أن البرغوثي لطالما كان يُنظر إليه على أنه خليفة محمود عباس، الزعيم المريض البالغ من العمر 88 عامًا الذي يرأس السلطة الفلسطينية المعترف بها دوليًا ويمنع إجراء الانتخابات، ويطالب الفلسطينيون باستمرار بضرورة استقالته.
ولفت إلى أنّ عباس لا يحظى بشعبية كبيرة بسبب الفساد داخل السلطة الفلسطينية، وتنسيقه مع الاحتلال الإسرائيلي، مما أدى إلى القول إن السلطة الفلسطينية هي منظمة ذات مصلحة ذاتية تعمل بشكل فعال "كمقاول" لدى للاحتلال.
وبحسب المقال، فإن عباس أوقف طموحات البرغوثي. وتقول كبيرة المحللين الفلسطينيين في مجموعة الأزمات الدولية، تهاني مصطفى إنّ: "عباس دمر أي جهة مؤسسية تضمن خليفة شرعي له". وأضافت: "يدرك عباس أنه في موقف ضعيف بشكل لا يصدق". وهذا الشهر، خلال بث حي للقاء بعنوان "السياسة والمجتمع الفلسطيني بعد الحرب"، أكدت مصطفى أنّ عباس قام "بتركيز السلطات في يده بشكل فعال".
أما مدير "المركز الفلسطيني للسياسات والبحوث"، خليل الشقاقي، والذي استطلع آراء الفلسطينيين لأكثر من عقدين، فقال: "ببساطة البرغوثي هو الزعيم الفلسطيني الأكثر شعبية على قيد الحياة".
يختتم المقال بالإشارة إلى أنّ إطلاق سراح البرغوثي، إذا حدث، سيُنظر له كلحظة لتغيير السياسة الفلسطينية.