أكّد الاتحاد الدولي لكرة القدم "الفيفا" أن نهائيات كأس العالم القادمة التي ستستضيفها قطر عام 2022 ستتم بمشاركة 32 فريقًا كما كان مقرّرًا في السابق، بذلك تراجع الفيفا عن فكرة زيادة عدد المنتخبات إلى 48 فريقًا، والتي أخذت منحًا جديًّا في شهر آذار/مارس الماضي، وجاء قرار الفيفا الأخير في بيان أصدره الاتحاد الدولي لكرة القدم على موقعه الرسمي ليلة أمس الأربعاء 22 أيار/مايو الجاري.
بدأت الحكاية ليلة الثاني من كانون الأول/ ديسمبر 2010، حين أعلن رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم السابق السويسري جوزيف بلاتر فوز قطر بحقّها في تنظيم مونديال 2022 على أرضها، في إنجاز غير مسبوق لدولة عربية، وهي أوّل دولة من الشرق الأوسط تحقّق ذلك، عندها نافس قطر أربع دول من أجل الظفر بتنظيم النسخة الثانية والعشرين من المونديال، وهي اليابان والولايات المتّحدة وكوريا الجنوبية وأستراليا، تفوّقت عليهم قطر بفارق شاسع في كلّ جولات التصويت الأربع التي نظّمها الفيفا.
تخطّت قطر آخر العراقيل التي وُضعت من أجل تعكير صفوها في تنظيم كأس العالم 2022
احتفل العرب بفوز دولة عربيّة في تنظيم أهم حدث رياضي عالمي، لكنّ ذلك لم يعجب جميع الدول العربية، خصوصاً دول الجوار، فكيف تفوز دولة أصغر منهم حجمًا جغرافيًا بتنظيم بطولة كهذه، وكيف استطاعت أن تفعل ذلك بمواجهة دول كبرى وأبرزهم الولايات المتّحدة، وبعد ذلك بأعوام خلال حصار قطر جاهرت دول الحصار بعدائيّتها لتنظيم قطر المونديال، فكانت الغيرة والحسد واضحتين في تصريحاتها الرامية لحرمان قطر من حقّها، ولكن مع تسليم قطر رسميًا راية تنظيم المونديال في صيف العام الماضي 2018 بالكرملين، مُنيت محاولات دول الحصار بالفشل، وأصبح موضوع مونديال 2022 وإقامته في مكانه قطر مسألة وقت ليس أكثر.
بعد أن تأكّدت دول الحصار من استحالة سحب ملف تنظيم مونديال 2022 من قطر، جرّبت حظّها في الضغط على الفيفا من أجل توسيع عدد مقاعد الدول المشاركة في مونديال 2022 من 32 فريقًا إلى 48، وكما كان معلومًا من قبل أن مونديال 2026 الذي سيقام في 3 دول هي أمريكا والمكسيك وكندا سيضمّ 48 فريقًا، وعندما فازت قطر بتنظيم المونديال الذي يسبقه تمّ ذلك على أساس أن البطولة ستكون بمشاركة 32 فريقًا فقط، ولكنّ الفيفا ورئيسه إنفانتينو استجاب على ما يبدو لضغوطات دول الحصار من أجل تعكير صفو استعدادات قطر للبطولة، فعندما أدركوا جيّدًا استحالة طعنهم لقدرة قطر على تنظيم الحدث لجأوا لاقتراح فكرة توسيع عدد الفرق المشاركة في مونديال قطر إلى عام 2022، حدث ذلك فجأة في اجتماع الفيفا بميامي الأمريكية شهر آذار/مارس الماضي، وهو أمر إن تمّ إقراره سيعني نسفًا كاملًا للمخطّطات والبنى التحتيّة التي أعدّتها الدولة المستضيفة منذ سنوات قبل نهايتها بأشهر، لأنها حضّرت نفسها على استضافة البطولة بـ32 فريقًا، ومع كلّ ذلك بدت قطر متعاونة بشكل كبير مع الفيفا، والذي اقترح أيضًا مشاركة الدول المجاورة لقطر في تنظيم المونديال، وهو أمر قد يسعد دول الحصار كثيرًا.
اقرأ/ي أيضًا: بطولة كلّ العرب.. قطر تتسلّم رسميًّا شارة استضافة مونديال 2022
انتظر الجميع قرار الفيفا النهائي بهذا الصدد، حيث سيعلن جياني إنفانتينو ذلك في فرنسا بالخامس من حزيران/يونيو 2019، لكنّ الصحفي في التايمز البريطانية مارتن زينغلير سبق إنفانتينو بأسبوعين، وأعلن في مقال له وفقًا لمصادره داخل الاتحاد الدولي لكرة القدم، أنّ الفيفا يتجه للتخلي عن خطة توسيع المونديال ليشمل بعض الدول المجاورة نتيجةً للمشاكل السياسية واللوجستية في منطقة الشرق الأوسط، انتشر هذا المقال كالنار في الهشيم، فسارع بعد ذلك الفيفا بإصدار بيان له على موقعه الرسمي، يعلن من خلاله أن نهائيات كأس العالم 2022 ستقام في قطر بمشاركة 32 منتخبًا كما كان مقررا لها، والتخلي بذلك عن التوصية التي أقرها في آذار/مارس الماضي برفع عددها الى 48.
وفنّد البيان موضوع الاستضافة المشتركة لمونديال 2022.. "تماشيا مع خلاصات دراسة الجدوى التي وافق عليها الفيفا في الاجتماع الأخير لمجلسه، قام الفيفا وقطر بشكل مشترك ببحث كل الاحتمالات لزيادة عدد المنتخبات المشاركة من 32 الى 48 منتخبًا، عبر انخراط الدول المجاورة لقطر في كأس العالم 2022"، وأكّد بيان الفيفا إلغاء المقترح الذي تمّ التوصية به في شهر آذار الماضي "بعد عملية استشارة شاملة ومعمقة بمشاركة كل المعنيين، تم التوصل الى خلاصة أنه في ظل الظروف الحالية، لن يكون في الامكان تنفيذ هذا الاقتراح حاليا".
اقرأ/ي أيضًا: مونديال 2022 لن يخرج من الدوحة.. رغم أكاذيب الإمارات والسعودية
وأقرّ الفيفا في البيان المنشور على موقعه الرسمي أن إلغاء فكرة تنظيم مونديال 2022 من قبل قطر لوحدها، أتى بسبب ضيق الوقت وتقدّم قطر في المراحل التحضيرية للمونديال، وهي إشارة واضحة أن قطر بإمكانها استضافة 48 فريقا لوحدها لكنّ العامل الزمني هو السبب، حيث ذكر البيان "بحث الفيفا وقطر مجددًا بجدوى استضافة قطر بمفردها بطولة يشارك فيها 48 منتخبًا من خلال خفض بعض المعايير الأساسية للفيفا، وفي هذا السياق، خلص تحليل مشترك الى أنه، ونظرا للمرحلة المتقدمة من التحضيرات والحاجة الى إجراء تقييم مفصل حول التأثير اللوجستي المحتمل على البلد المضيف، سيكون ثمة حاجة لمزيد من الوقت، ولن يكون ممكنا اتخاذ قرار قبل الموعد النهائي في حزيران/يونيو، لذلك لم يتم المضي قدما بهذا الخيار".
بعد بيان الفيفا بدقائق استضافت محطّة بي إن سبورت كاتب مقال التايمز مارتن زينغلر، والذي أكّد في لقائه أن إنفانتينو فشل في تحقيق رغبة دول الحصار في زيادة عدد الدول المشاركة بالمونديال، وهو أمر كاد أن يتسبّب بإرباك قطر تنظيميًا في وقت متأخّر من التحضير للمونديال، القصة واضحة للغاية في المجتمع الكروي العالمي من صحافة عالمية واتحاد دولي لكرة القدم، قطر فازت بتنظيم المونديال، وهي تنجز أموره التنظيمية من ملاعب ومرافق وخدمات وبنى تحتية بجدارة واضحة للعيان، لكنّ دول الحصار ترفض ذلك وتضع مزيدًا من العراقيل لتعكير صفو الإنجاز القطري، والذي قال عنه أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني واصفًا النسخة الثانية والعشرين من كأس العالم بأنّها "بطولة كلّ العرب"، ومع إعلان الفيفا الأخير تخلّصت قطر من آخر العراقيل التنظيمية لتحقيق حلم كلّ العرب كأوّل دولة عربيّة أو شرق أوسطية تستضيف المونديال، نحن جميعًا بانتظار نسخة استثنائيّة بكلّ معنى الكلمة، وعام 2022 ليس ببعيد..
اقرأ/ي أيضًا: